لأمير المؤمنين على بن أبى طالب، مقولة عبقرية، مفادها: «لا تنظر إلى من قال.. وانظر إلى ماذا قال».
أى لا يهم منصب الشخص الذى يتحدث، أو مكانته الاجتماعية، سواء كان ذا حسب ونسب، أو من أسرة بسيطة، ولكن انظر إلى ما يقول، من علم وحكمة وآراء سديدة، أو آراء فاسدة، وكاذبة ومحرضة وتثير الفتنة!!
ولا يهمنا أن نتحدث عن المستشار هشام جنينة، كونه قاضيا سابقا، أو رئيسا للجهاز المركزى للمحاسبات، وهو أحد الأجهزة الرقابية المهمة، أو كونه عضوا فى تيار الاستقلال بنادى القضاة، والمتعاطف مع جماعة الإخوان، أو حتى عضوا فى جماعة الإخوان الإرهابية، ولكن سننظر إلى التصريحات الخطيرة التى أدلى بها فى حواره الكارثى مع الموقع الإخبارى القطرى الإخوانى «هاف بوست» منذ أيام، وأذاعت قناة الجزيرة الحقيرة وقنوات الإخوان مقتطفات كبيرة منه، ونظمت موائد حوارية حوله، واعتبرته غنيمة.
تصريحات «جنينة» اعتمد فيها على السمع، إذا كان صادقا، والنقل عن، أو ما يطلق عليه اصطلاحا «العنعنة» أى روى «عن» الفريق سامى عنان، أنه أخبره بما يمتلكه من وثائق ومستندات خطيرة، تتعلق بمراحل وأحداث طوال السنوات السبع الماضية، سواء الأحداث التى أعقبت 25 يناير 2011 مثل أحداث ماسبيرو ومحمد محمود، أو الحراك لثورة 30 يونيو 2013، وغيرها من الأحداث، وأن هذه الوثائق تم تهريبها لخارج البلاد، ولن يكشف عنها إلا فى حالة تعرضه للخطر.
اعتقد هشام جنينة أن هذه التصريحات ستمر مرور الكرام، ولن تعيرها الدولة ومؤسساتها المعنية أى أهمية، إلا أن الدولة تحركت سريعا، وأصدرت المؤسسة العسكرية بيانا رسميا على لسان المتحدث العسكرى، قالت فيه: «فى ضوء ما صرح به المدعو هشام جنينة حول احتفاظ الفريق مستدعى سامى عنان بوثائق وأدلة يدعى احتواءها على ما يدين الدولة وقيادتها، وتهديده بنشرها حال اتخاذ أى إجراءات قانونية قبل المذكور، وهو أمر، بجانب ما يشكله من جرائم، يستهدف إثارة الشكوك حول الدولة ومؤسساتها، فى الوقت الذى تخوض فيه القوات المسلحة معركة الوطن فى سيناء لاجتثاث جذور الإرهاب».
وهنا نؤكد لهؤلاء المتعاطفين مع هشام جنينة، ألا ينظروا إلى شخص هشام جنينة كونه مستشارا ورئيسا سابقا للجهاز المركزى للمحاسبات، وأنه كان ضمن حملة مرشح للانتخابات الرئاسية، ولكن انظروا إلى ما قاله من تصريحات خطيرة، مثلما قال سيدنا على بن أبى طالب، رضى الله عنه!!
وما بين تصريحاته فى 2015 عن حجم الفساد البالغ 600 مليار، وتصريحاته الأخيرة عن امتلاك سامى عنان وثائق خطيرة تمس الأمن القومى المصرى، وأنه هربها خارج البلاد، تساءل الجميع عن غرابة مثل هذه التصريحات، وخطورتها، وكيف لرجل يقدم نفسه على أنه رجل دولة وقيمة وقامة، ويفكر جليا فى ترشيح نفسه لخوض الانتخابات الرئاسية، ويقف جنبا إلى جنب مع حمدين صباحى وسامى عنان وعبدالمنعم أبوالفتوح والبرادعى، باعتباره معارضا قويا ومؤثرا، أن يأتى بمثل هذه التصريحات الخطيرة والغريبة والبعيدة كل البعد عن المنطق؟ فكانت الإجابة على لسان محاميه ومؤيديه وداعميه، عندما أصدروا بيانا خطيرا يؤكدون فيه أن الرجل يعانى من صدمة نفسية نالت من توازنه العصبى، ويتعاطى مسكنات ومهدئات ذات آثار سلبية يقينية على الوعى والإدراك الكاملين».
وذكروا فى بيانهم أن «جنينة يستحق الرعاية الصحية فى هذه المرحلة الحرجة، فلا يسأل أو يساءل عما يبديه تحت تأثير ما تعرض له من تعدٍّ وما يخضع له من أدوية، لأن مثله لا يستحق حاليًا إلا الرعاية الصحية الكاملة فى مستشفى به أطباء مؤهلون للتعامل معه نفسيًّا وعضويًّا».
وهنا لنا سؤالان جوهريان، الأول: إذا كان هشام جنينة يعانى مرضا نفسيا ناجما عن صدمة أفقدته توازنه العصبى، فكيف له أن يرشح نفسه لخوض انتخابات رئاسية، أو يكون ضمن فريق رئاسى، أو معارضًا يدلى بدلوه فى القضايا الوطنية المهمة؟ وكيف للمعارضة المدنية وجماعة الإخوان الإرهابية أن يقدموا الرجل باعتباره قيمة وقامة ويقبض على أدواته الفكرية والمهنية وهو غير متزن نفسيًّا وعصبيًّا؟! وهل كتب على مصر أن يخرج من أحشائها جماعة معظم قياداتها وأعضائها مرضى بعدم الاتزان النفسى والعصبى، بدءًا من مرسى ومرورا بالشاطر والبلتاجى والعريان ونهاية بجنينة؟!
السؤال الثانى: إذا كان الرجل يتمتع بصحة جيدة، فلماذا لجأ محاميه إلى الادعاء بأنه غير متزن نفسيا وعصبيا؟.. هل من باب الحيل القانونية لإنقاذ جنينة من السجن، خاصة أن التصريحات تدينه بشدة وينتظره الحبس لا محالة؟!
كلتا الحالتين كاشفة عن حيل وألاعيب جماعة الإخوان، وكذب وادعاء المعارضة، والتلاعب بمصير الوطن، ومقدراته، والضحك على الشعب، دون إدراك حقيقى أنهم يجنون ثمار المر المزروعة بأيديهم، بعد انقلاب الشارع ضدهم، وفقدان الثقة فيهم، وهى نكبة كبرى للمعارضة تفوق نكبة 67 على مصر!!
ولك الله ثم جيش قوى يا مصر..!!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة