يواصل النظام التركى ممارساته التعسفية وانتهاك حقوق الإنسان فى الداخل، وذلك من أجل التغطية على جرائمه ويده الملوثة بدماء الأبرياء والمدنيين فى الخارج ببلدان عربية لاسيما العراق وسوريا، فرغم مرور أكثر من عام على محاولة الإطاحة بالنظام التركى الذى يترأسه الرئيس رجب طيب إردوغان، لا تزال السلطات تواصل عملية تطهير بدأها منذ منتصف يوليو 2016، ففى أحدث إجراءاتها أصدرت محكمة تركيا حكما بالسجن مدى الحياة على 6 صحفيين.
وعلى مدار أكثر من عام، اجتاحت عملية التطهير التى تقوم بها الأجهزة الأمنية التركية كافة المؤسسات على رأسها الجيش والمدارس والمحاكم من المعارضة بذريعة قلب نظام الحكم، وتشن حملة شرسة ضد المعارضة التركية فى الداخل والخارج، وتمارس القمع وتكميم الأفواه ضد كل من تسول له نفسه انتقاد الرئيس الذى عزز من صلاحياته فى استفتاء مثير للجدل، أجرى على تعديل دستورى فى إبريل الماضى وحكم البلاد بقبضة حديدية.
وبحسب صحيفة زمان التركية المعارضة، قالت أن محكمة تركية قضت بالمؤبد على 6 صحفيين أتراك معروفين، منهم الشقيقان أحمد ومحمد ألتان والصحفية المشهورة نازلي إليجاك، مع 3 آخرين من زملائهم بالسجن المؤبد بتهمة التورط فى محاولة الانقلاب الفاشلة فى 15 يوليو 2016.
ووجهت المحكمة إلى الشقيقين أحمد ومحمد ألتان تهمة بث رسائل مشفرة فى برنامج حوارى تلفزيونى قبل يوم من محاولة الانقلاب، وحكمت عليهما بالسجن المؤبد، إلى جانب الصحفية نازلي إليجاك، ونفى المتهمين تهمة تورطهم في محاولة الانقلاب، كما حكم على الصحافيون الآخرون بنفس الحكم فى إطار هذه القضية التى أثارت انتقادات المدافعين عن حرية الصحافة.
ووجهت المحكمة إلى المتهمين الـ 6 على وجه الخصوص تهمة "محاولة الانقلاب على النظام الدستورى"، وكان أحمد ألتان أكد أمام المحكمة أن هذه المحكمة غير شرعية، مشيرًا إلى أنه امتثل أمام الهيئة ليحاكم المحكمة.
وطالب الأخوان ألتان وإليجاك ألتان بتبرئتهم في هذه القضية رافضين التهم "العبثية" الموجهة إليهم بتوجيه "رسائل مبطنة" فى برنامج تلفزيونى كان يبث مباشرة على الهواء عشية الانقلاب الفاشل.
ورفضت محكمة تركية أخرى الشهر الماضى الإفراج عن محمد ألتان رغم قرار أصدرته المحكمة الدستورية معتبرة سجنه "انتهاكا" لحقوقه.
وكانت المحكمة الدستورية العليا أصدرت قرار إفراج عن الأخوين أحمد ومحمد ألتان مدعية وجود انتهاك للحقوق فى القضية، إلا أن محكمة أدنى رتبة منها رفضت تنفيذ قرارها.
أكثر من 150 صحفيا وراء القضبان
موجة الاعتقالات لم تطال الصحفيين وحدهم، بل طالت أكثر من 50050 ألف شخص، من بينهم 18 ألف من النساء وما يقرب من 700 طفل مع أمهاتهم بتهمة التورط في محاولة الانقلاب، وذلك حسب بيانات وزارة العدل التركية.
وبحسب الصحيفة التركية المعارضة، تجري محاكمة أكثر من 150 صحفيا من وراء القضبان بتهمة الانقلاب.
وفى يناير الماضى، شن النظام التركى حملات اعتقالات تعسفية، شملت أقاليم تركية مختلفة، وطالت عددًا كبيرًا من المناهضين لسياسات الرئيس التركى، وتم اعتقال نحو 150 شخصا بذريعة "نشر دعاية إرهابية" على وسائل التواصل الاجتماعى بشأن عملياتها العسكرية المعروفة "بغصن الزيتون"، ضد مقاتلين أكراد فى سوريا، والتى يشنها الجيش التركى منذ مطلع الأسبوع الجارى.
الأمم المتحدة تندد بسجن تركيا للصحفيين
ممارسات النظام التركى أثارت ردود أفعال فى الأم المتحدة، وقال خبيران دوليان فى مجال حرية الإعلام هما ديفيد كاى المقرر الخاص بالأمم المتحدة المعنى بتعزيز وحماية الحق فى حرية الرأى والتعبير، وهارلم ديسير الممثل المعنى بحرية الإعلام بمنظمة الأمن والتعاون فى أوروبا، إن الأحكام بالسجن مدى الحياة التى فرضتها تركيا على ستة من الصحفيين من خلال إحدى محاكمها إنما تمثل هجوما لا مثيل له على حرية التعبير وعلى وسائل الإعلام هناك.
وأضاف الخبيران الدوليان ـ فى بيان مشترك اليوم فى جنيفـ إن هذه الأحكام قاسية، وهى اعتداء غير مقبول وغير مسبوق وتمثل مستوى لا مثيل له من قمع الأصوات المعارضة فى تركيا، وطالب الخبيران تركيا بإلغاء القرار والإفراج عن الصحفيين، وأكدا على أن سجن الصحفيين لن يسكتهم فحسب، ولكن يحرم المواطنين الأتراك من حقهم فى الحصول على وجهات نظر تعددية حول القضايا التى يمكن أن تؤثر على حياتهم بشكل مباشر.
وقال مقرر الأمم المتحدة ديفيد كاى، إن قرار المحكمة الذى يدين الصحفيين بالسجن مدى الحياة بسبب عملهم دون تقديم دليل واضح على تورطهم فى محاولة الانقلاب أو ضمان محاكمة عادلة يهدد الصحافة فى تركيا بشكل خطير ومعهم ما تبقى من حرية التعبير وحرية الإعلام فى تركيا.
وأكد هالرلم ديسير، إن حجم هذه العقوبات وعدم قيام المحكمة بتنفيذ حكم المحكمة الدستورية الذى يأمر بإطلاق سراح الصحفى ألتان إنما يثير أسئلة أساسية حول قدرة السلطة القضائية على دعم الحق الدستورى فى حرية التعبير هناك.
وأشار الخبيران الدوليان إلى أن حكم المحكمة التى قضت بإطلاق سراح الصحفيين، وهو حكم ملزم، يعتبر قرارا تاريخيا يمكن أن يؤثر بشكل إيجابى على محاكمات أخرى للصحفيين، وأعربا عن قلقهما من أن المحاكم الأدنى فى تركيا رفضت تنفيذ الحكم بدعوى أن المحكمة الدستورية تجاوزت سلطتها.
تركيا تتصدر قائمة الدول الأكثر اعتقالا للصحفيين
انتهاكات النظام التركى، وصلت إلى المنظمات الدولية، حيث أعلنت اللجنة الدولية لحماية الصحفيين، فى ديسمبر الماضى، أن عدد الصحفيين المعتقلين حول العالم بلغ 262 صحفيًا، وكان لتركيا النصيب الأكبر من عدد الصحفيين المعتقلين.وقال التقرير الصادر عن اللجنة إن تركيا والصين تصدرتا قائمة أكثر الدول المعتقلة للصحفيين هذا العام.
وكشف التقرير، أنه على الرغم من احتلالها الصدارة إلا أن أعداد الصحفيين المعتقلين فى تركيا تراجع هذا العام بواقع 8 صحفيين ليصل إلى 73 صحفيًا معتقلاً، وحافظت أنقرة على صدارتها لقائمة أكثر الدول المعتقلة للصحفيين للعام الثانى على التوالى، مؤكدا أنه عقب المحاولة الانقلابية العام الماضى تزايد قمع الصحافة فى تركيا.وأشار التقرير إلى أن السلطات التركية تتهم بعض الصحفيين باستخدام تطبيق التواصل "بيلوك" وامتلاك حسابات في بنوك يُزعم انتمائها لحركة الخدمة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة