تفاعلت قضية التدخلات الروسية فى السياسة الأمريكية بعد أن أعلن روبرت مولر، المدعى الخاص الأمريكى المكلف بالتحقيق فى قضية التدخل الروسى المحتمل فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية، توجيه اتهام لـ13 روسيا وثلاثة كيانات روسية بالتدخل فى الانتخابات والعملية السياسية الأمريكية.
وبقدر ما تكشف الاتهامات عن تبادل التجسس بين الدول الكبرى، فهى تعكس تحولا فى استخدام مواقع التواصل الاجتماعى والقرصنة فى عمليات التلاعب السياسى وتوجيه الرأى العام. وأن مثل هذه الاتهامات لم تعد ضربا من الخيال، وقد صدرت من جهة أقوى إمبراطورية عسكرية وتجسسية بالعالم وهى الولايات المتحدة الأمريكية.
من هنا تظهر المفارقة أن الولايات المتحدة المعروفة بأنها أكثر دول العالم تدخلا فى السياسات الداخلية والتجسس على زعماء العالم بمن فيهم حلفاء مثل المستشارة الألمانية ميركل، هى الطرف الشاكى، والذى يشعر بمخاوف من 13 روسيًا فقط.
أما عن عمليات التجسس المتبادلة، فهى واقع تعرفه السياسة طوال الوقت، أمريكا تتجسس على العالم، وكل دولة أوروبية لديها جهاز مخابرات يتابع ويوجه، لكن الأمر هذه المرة فقط يطفو على السطح ليصبح علنيا بعد أن كان سريا، لكنه معروف للجميع.
ويتضمن قرار الاتهام الذى وجهه المدعى الخاص الأمريكى، أن المتهمين الروس خدعوا الولايات المتحدة، للسيطرة على حسابات بمواقع التواصل الاجتماعى ركزت على بث الانقسام فى القضايا الاجتماعية والشقاق فى النظام السياسى الأمريكى.
وهو أمر مثير لكون الاتهام يخرج من الولايات المتحدة، التى تتهم 13 روسيًا بالتلاعب فى الرأى العام الأمريكى وتدعيم حملة دونالد ترامب ضد هيلارى كلينتون، وهم فى سانت بطرسبرج. الاتهامات الأمريكية تتحدث عن خلية شارك فيها مئات الأشخاص، فى نوبات عمل بميزانية ملايين الدولارات، على مواقع التواصل الاجتماعى مثل فيس بوك وتويتر وإنستجرام. وهو أمر يجعل من وسائل التواصل أدوات توجيه وتلاعب وتدخل، وهناك بالفعل نوع من الخوف الكاسح من تدخلات روسية، وكانت هناك اتهامات لخلايا إنترنت روسية وجهت الناخبين البريطانيين للتصويت لصالح الخروج من الاتحاد الأوربى، وحذر وزير الدفاع البريطانى جافن ويليامسون، من مخاوف حول «الآلاف والآلاف» من الوفيات التى يمكن أن تسببها روسيا فى بريطانيا، حال اختراق شبكة الكهرباء، من خلال الكابلات عبر الأطلسى التى تنقل الإنترنت إلى المملكة المتحدة.
وفى يناير الماضى اعتبرت «سى إن إن» التهديد الذى تشكله روسيا على المصالح الغربية حاليا مختلفا، ونقلت عن وسائل إعلام حكومية هولندية أن جواسيس الإنترنت من وحدة «سيجينت سايبر» اخترقوا كاميرات الدائرة التليفزيونية المغلقة لمبنى تعمل فيه وحدة «كوزى بير» الروسية المتخصصة بالتجسس الإلكترونى، لتكتشف تجسس تلك الوحدة على الحزب الديمقراطى الأمريكى.
من جانبه وصف المتحدث باسم الكرملين، ديميترى بيسكوف التقرير الهولندى بـ«الهستيريا المناهضة للروس» فيما اعتبره وزير الخارجية الروسى، سيرجى لافروف، «رهاب من روسيا»، أو «روسوفوبيا»، فى إشارة إلى نظريات تتبناها نخب أمريكية تعتبر التدخل الروسى لإنجاح ترامب كرئيس قادرا على تبديد النفوذ الأمريكى فى العالم، وهو ما يدخل ضمن نظريات مؤامرة، عادة ما يسخر منها الأمريكيون عندما تصدر من دول أخرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة