قال الدكتور خالد العامرى نقيب الأطباء البيطريين، أن قطاع الطب البيطرى مُهمل منذ زمن، ولم يأت رئيس للجمهورية أبدى اهتماما به كما فعل الرئيس السيسي، والذى أطلق مجموعة من المشروعات لتنمية الثروة السمكية مثل بركة غليون، وقناة السويس، بجانب مشروع المليون رأس ماشية، لإحداث توازن بأسعار السوق، وتغطية الفجوة الغذائية، مستنكرا الصورة الخاطئة التى صدرتها الأفلام السينمائية عن الطبيب البيطرى بوصفه "دكتور البهائم"، على خلاف الواقع كونه خط الدفاع الأول عن صحة الإنسان.
وأضاف العامرى، فى حواره لـ"اليوم السابع"، أن مصر بها 150 طبيبا بيطريا فقط يفتشون على الأغذية فى 27 مديرية بالمحافظات، من بينهم 8 فى محافظة القاهرة، و6 فى الجيزة من بينهم طبيب منتدب، معنيين بالتفتيش على جميع المطاعم السياحية، والمنشآت التى تقدم مأكولات، والجزارين، وأماكن الذبح والأسواق، مؤكدا أن تغطية مختلف الأماكن يعد أمر مستحيل مقارنة بأعداد البيطريين، قائلا: "مفهوم التفتيش على الأسواق موجود، لكنه فى الواقع مفرغ من مضمونه لعدم وجود بيطريين معينين لدى الحكومة للتفتيش، وعلى استعداد لمواجهة أى مسئول ينكر ذلك العدد، فى ظل أن هناك محافظات بالصعيد لا يوجد بها إدارة للتفتيش على الأغذية من الأساس.
485 مجزرا يشكلون خطرا على التجمعات السكنية
وأكد أن العجز بأعداد البيطريين بمناطق كالفنادق، جعلها لا تطبق منظومة سلامة الغذاء، مما يؤدى إلى وقوع حوادث بشكل متكرر كحادث الأقصر، لافتا إلى أن البيطرى الوحيد القادر على قراءة وتمييز الأختام الخاصة باللحوم، مضيفا: "المفاجأة هنا أنه منذ أثناء ثورة 25 يناير 2011 تم سرقة أختام أغلب المجازر، واستمر العمل بها، حتى أصدر للدكتور عبد المنعم البنا وزير الزراعة، قرار بتغيير الأختام، خلال تلك السنوات كان "الضرب شغال على ودنه"، استغلالا لعدم وجود تفتيش جيد داخل السلخانات على الذبح، ووجود نسبة كبيرة من الذبح يحدث خارجها.
وأشار إلى أن عدد المجازر بجميع المحافظات، بلغ نحو 485 مجزرا أغلبها يدوى، والآلى منها توقف عن العمل نتيجة لعدم وجود صيانة، لافتا إلى أنه من بينها مجزر البساتين، الذى يحتاج إلى إعادة تأهيل، مؤكدا أن تطوير المجازر يحتاج إلى أموال كثيرة، وهو مالا يمكن توفيره الآن من جانب الدولة، إلا أن نقلها واستثمار أماكن تواجدها أفضل، قائلا: أماكن تواجد المجازر أصبحت تشكل خطرا على الصحة العامة، نظرا لوجودها داخل التجمعات السكنية، بشكل يسمح بنقل الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان، ولا أحد يمكنه اتخاذ القرار لتبعية المجازر للمحافظين.
وطالب نقيب البيطريين، بعمل وحدات للشرطة بالمجازر، قائلا: "الطبيب البيطرى يعمل تحت تهديد السلاح، والكثير منهم تعرضوا لحوادث تسببت فى إحداث عاهات لهم فمنهم من تعرض للقتل، وقطع أوتار اليد، وكسر السيارات، والضرب، مؤكدا أن تسرب الحيوانات المريضة أمر خطير، ويحدث نتيجة التهديد لعدم وجود حماية للبيطريين.
وتابع: "مديريات وزارة الصحة بالمحافظات، لا يوجد بها أطباء بيطريين، رغم أن ترخيص مزاولة مهنة الطب البيطرى يصدر من وزارة الصحة، لكن أى وزير صحة يأتى بالوزارة، لا يعرف شئ عن الطب البيطرى، ويمنح المزاولة كشهادة فقط، وزارتا الصحة والزراعة أهملا الطب البيطرى لدرجة جابته الأرض، وأوجه سؤالى لوزير الصحة، لديك 600 مستشفى حكومى هل لديك بها طبيب بيطرى واحد يكشف على اللحوم؟ الإجابة لا، ليس لديك بيطريا واحدا معينا، ولديك 4900 مستشفى خاص لا يوجد بهم طبيب بيطرى واحد يستلم الأغذية، فى الوقت الذى تهتم فيه المستشفيات الجامعية رغم أنها حكومية أيضا لديها أطباء بيطريين للإشراف على جودة وسلامة الغذاء فى المستشفيات، ولو طالبنا بإصدار القرار، لا نجد استجابة".
واستطرد: "أما وزارة السياحة، فهى بتدلع على حساب صحة المواطن، كل وزير يأتى يجد فى إصدار قرارات بإلزام المنشآت بتعيين بيطريين، يكلف الفنادق مبالغ كبيرة، فيقول لنفسه لا داعى لذلك، واترك الملف مغلق، وأحافظ على كرسى الوزارة أفضل، وخلينى أنا وأصحاب الفنادق على علاقة طيبة، فى الوقت الذى يحدث كارثة بشكل دورى"، مشيرا إلى وجود 6 آلاف درجة مالية شاغرة فى مديريات الطب البيطرى.
5 آلاف مقر غير مرخص لبيع وتداول الأدوية البيطرية بمليارات الجنيهات
وأوضح أنه أثناء لقائه مع المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، أخطره بأن منظومة الطب البيطرى ستنهار خلال 7 سنوات، نظرا لوجود 11 ألف طبيب بيطرى معينين، وسيصلون إلى 4 آلاف فقط فى تلك المدة لخروج الباقى على المعاش، وأضاف: "فوجئت بأنه قالى لى: يا دكتور خالد، أنا أول مرة يتعرض عليا هذه البيانات"، كان ذلك بحضور وزير الزراعة، والذى توجهت له فى مكتبه، واستدعى رئيس هيئة الخدمات البيطرية اللواء إبراهيم محروس، وقال له إن نقيب البيطريين يقول أننا فى حاجه لتعيين أطباء بسرعة، وأكد على حديثى وطالبه بعمل مذكرة للتنظيم والإدارة، وبعد عدة لقاءات واجتماعات، حتى الآن لم يتم اتخاذ القرار، لذا أطالب رئيس الجمهورية بدعم ذلك الملف".
أما عن أسباب توطن إنفلونزا الطيور، فقال نقيب البيطريين: أنها توطنت منذ 11 عاما، وكل عام يحدث تغيير فى العترات والمعزولات، وبالتالى تحتاج الدولة إلى لقاحات جديدة، جزء منها يتم استيراده وآخر يتم تصنيعه محليا، ومشكلتنا هى عشوائية المزارع، لأن معظمها لا ينفذ الأمن الحيوى واشتراطاته، والذى حال تطبيقه مع تحويل نظام التربية إلى آخر محكم ومغلق، ستطور صناعة الدواجن سريعا، بجانب ضرورة نقل المزارع إلى مناطق جديدة صحراوية، وتكوين كيانات كبيرة واحتضان الدولة للمزارعين الصغار والسماح لهم بالمساهمة فى شركات لعدم الإضرار بهم، وإغلاق المزارع الواقعة بالقرب من المساكن، للحد من انتقال العدوى.
واستنكر عدم اتخاذ وزارة البيئة لإجراءات للحد من الطرق غير القانونية للتخلق من النافق من الطيور بالمزارع، قائلا: "وزارة البيئة واقفة بتتفرج، فعندما ينفق الطيور فى المزارع يتم إلقائها بالترع والمزارع، وتنتقل العدوى، وهو أمر يحتاج إلى إعادة نظر"، كل هذا بجانب وجود خلل فى توزيع اللقاحات، فقد يكون اللقاح متميز لكن حتى يتم توزيعه يفسد، وبالتالى يفقد تأثيره على الفيروسات، لكن للأسف منظومة الطب البيطرى "أُهملت وبندفع الثمن".
عشوائية مزارع الدواجن سبب توطن إنفلونزا الطيور
من ناحية أخرى، قال الدكتور خالد العامرى، إن النقابة انتهت من إعداد قانون الطب البيطرى، وتمت مراجعته مع وزارة الزراعة، ومازال لديها منذ أغسطس الماضى، فى انتظار انتهاء قانون الزراعة، ليتم وضعهما معا بمجلس النواب، مضيفا: "وانا قاعد إيدى على خدى مستنى الزراعة، وأدينا بنضيع وقت"، مشيرا إلى أنه من المنتظر أن يتم إدخال قانون حماية الحيوان الأسبوع المقبل لمجلس النواب، حيث إن النقابة انتهت من إعداد قانون الكادر والخاص بالبيطريين العاملين بوزارة الزراعة، بعد سقوطهم من كادر المهن الطبية، الذى من المتوقع أن يكلف الدولة 80 مليون جنيه شهريا، لنصه على صرف 500 جنيه فقط لكل بيطرى.
ولفت الدكتور خالد العامرى إلى وجود أكثر من 5 آلاف مقر لبيع وتداول الأدوية البيطرية بمليارات الجنيهات، غير مرخصة، وتعمل دون طبيب بيطرى، وتعتمد على عامل أو فلاح لم يدرس الطب البيطرى، مؤكدا أن مديريات الطب البيطرى تشاهد ذلك ولا تتخذ قرارا، حتى أنه يتم إبلاغهم بلجان التفتيش، مشددا على أن ذلك يتيح عمليات غش الدواء البيطرى، مؤكدا أن منصب نائب وزير الزراعة، لم يحدث تغييرا فى القطاع البيطرى، لمحدودية صلاحياته وعدم قدرته على اتخاذ القرارات، مؤكدا أن الطب البيطرى لن ينصلح حاله إلا بوجود وزارة منفصلة، تحت مسمى "وزارة الدولة للصحة البيطرية والثروة الحيوانية".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة