أكرم القصاص

مصر فى عالم المصالح والمنافسة.. لا علاقات دافئة دون مكاسب ساخنة

الجمعة، 23 فبراير 2018 08:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الاقتصاد هو الذى يحرك النفوذ ويحكم العلاقات الإقليمية والدولية، وخلف الصراعات المعلنة والحروب هناك مصالح محتملة أو متعارضة.. كل دولة تسعى لتعظيم قدراتها الاقتصادية والعلمية والمعرفية، حتى يمكنها الصمود فى عالم لا يعرف الرحمة.. وهى تحولات معلنة من التسعينيات، والطاقة والصناعة والتصدير والغاز مفردات فى هذا الصراع.. ولا مكان لمن لايسارعون باحتلال أماكنهم فى بحار المنافسة المتلاطمة.
 
ومن دون النظر لخريطة العالم وتقاطعات العلاقات السياسة والاقتصادية، قد تبدو العلاقات السياسية بين الدول محيرة، حيث يتقارب خصوم، ويتباعد حلفاء، والإجابة من المصالح والمنافسة والصفقات التجارية: المصالح.. وكل دولة تبحث عمن يفيدها أكثر، وتقيم علاقاتها على هذا الأساس.. حيث لا مكان للصداقة النظرية أو العلاقات الدافئة، من دون مكاسب متبادلة، تساعد فى تدفئة هذه العلاقات.
 
وهى أمور تحكم السياسة دائمًا، لكنها اتخذت أشكالا أخرى بعد انتهاء عصر القطبية الأيديولوجية.. مثلا تصادمت تركيا مع روسيا فى سوريا وبدا أن الصدام قادم بين موسكو وأنقرة، وبلغ التوتر ذروته عندما أسقطت تركيا طائرة روسية فى سوريا، فى نوفمبر 2015، ونشرت روسيا تقارير عن تعاون بلال أردوغان مع داعش لبيع البترول السورى المسروق.. لكن لم تقم الحرب وتقاربت تركيا مع روسيا، وتشاركتا فى المباحثات حول سوريا، ولم تتوقف السياحة الروسية فى تركيا مثلما توقفت إلى مصر..
 
المصالح الاقتصادية لكل من روسيا وتركيا تفسر ذلك، رجال الأعمال الأتراك لهم مصالح فى روسيا ويتحكمون فى السياحة الروسية، مئات الشركات التركية تعمل فى روسيا، واستثمارات روسية فى تركيا، ثم إن الجوار التركى الروسى والإيرانى يحتم نوعًا من العلاقات، وهناك مصالح مشتركة فى الغاز والتبادل التجارى، وحتى وجود إيران فى سوريا له أهداف تختلف عن أهداف الروس. 
 
إيران مع الأسد على العكس من أردوغان.. والثلاثة فى روسيا لبحث الحل السياسى.. وهذا لاينفى وجود تعارض، وتعاون فى نفس الوقت حيث «لا عداء تام ولا صداقة دائمة».. روسيا تدعم بشار الأسد وتتجاهل العدوان التركى على عفرين بعد 6 سنوات تورط فيها بمستنقعات الصراع فى سوريا.. ويحاول انتزاع أى مصلحة من ملف الغاز البازغ فى المتوسط بابتزاز قبرص.
 
على الجانب الآخر هناك أسئلة فى العلاقات الروسية المصرية، منها أسباب تأخير عودة السياحة الروسية لمصر، طوال الفترة مابعد سقوط الطائرة الروسية، والتزام مصر بالكثير من الإجراءات وتكرار التأجيلات بالرغم من الوعود، وتوقيع اتفاقية المحطة النووية بالضبعة.. فيما يظهر السياحة الروسية ورقة من أوراق اللعب.. ولا تبتعد المصالح الروسية عن قضية الغاز، لأن تحول مصر إلى مركز إقليمى للغاز والتصدير لأوروبا، محتمل أن يخصم من نصيب روسيا من الغاز لأوروبا.. بالرغم من أن روسيا اشترت نسبة من غاز حقل ظهر.. لكنها تواجه منافسة، وصفقة الشركة الخاصة مع الغاز الإسرائيلى تؤثر على تركيا، وأيضًا على روسيا بدرجة ما.. وبالتالى تلتقى مخاوف تركيا، مع بعض مخاوف روسيا.
 
بعد الحرب العالمية الثانية «كانت هناك قويان عظميان، وبخروج الاتحاد السوفييتى تغيرت الصيغة، وظهرت فراغات فى أوروبا الشرقية والدول التابعة للسوفييت كمؤشر لقيام تحالفات أو صراعات، وتوقع ألفين توفلر أن تجرف التحولات العالمية قادة العالم، وتغير من شكل ونوع السلطة السياسية.
 
العلاقات المصرية الروسية ليست هى العلاقات المصرية السوفيتية، كان زمن الأقطاب يتيح القدرة على المناورة واللعب على الأقطاب.. السوفييت يدعمون مصر فى مواجهة أمريكا، وأمريكا انتزعت السادات من المعسكر السوفييتى.. علاقات القاهرة مع واشنطن، لا تعنى التحالف فى كل الملفات، والاتفاقية مع إسرائيل لا تعنى الامتزاج والتعاون، الخلافات قائمة فى القضية الفلسطينية، ونقل السفارة للقدس، والولايات المتحدة هددت الدول، التى صوتت ضد نقل السفارة الأمريكية للقدس، خاصة ومصر رفعت الأمر فى مجلس الأمن وصدر القرار وتعطل بالفيتو.
 
إسرائيل لها مطامع ومصالح اقتصادية فى الغاز والمياه والأرض، وحتى العلاقات مع دول مثل بريطانيا وألمانيا فى الواقع تختلف عن ظواهر «متانة العلاقات».
 
ومن هذا التصور يمكن تفهم التحركات المصرية، وسط حقول ألغام وصراعات، وتشابكات، تتجاوز ماهو معلن إلى ماهو مصالح معلنة أو سرية.
 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة