أن تعتبر جماعة الإخوان الإرهابية أن مستقبلها معلق فى رقبة الفريق سامى عنان، فالأمر يستدعى وقفة، وحينما تقول ما تسمى نفسها بالمعارضة المدنية أن عبدالمنعم أبوالفتوح هو المعبر عنها فهناك خلفيات تتطلب التعرف عليها والوقوف أمامها.
بعد 25 يناير 2011، كان الإخوان ينظرون للفريق عنان، على أنه يمثل أحد قيادات الثورة المضادة، وأنه ضمن المجموعة التى تمثل حجر عثرة أمام مشروع الإخوان للسيطرة على الدولة المصرية، وإحياء مشروع الخلافة العثمانية الذى سيعيد لتركيا الدور المسيطر على المنطقة، ولم يهدأ للإخوان بال إلا بعد الإطاحة بعنان، لكن بعد 30 يونيو 2013 انقلب الوضع، وبات عنان هو الأمل الذى يراود قيادات الإخوان للعودة إلى الحياة السياسية المصرية مجدداً، فأعلنوا دعمه ووقفوا خلفه، ووفروا له كل الإمكانيات ليكون منافساً فى الانتخابات الرئاسية، ومتحدثاً باسمهم، ولم يجدوا أفضل من المستشار هشام جنينة، الإخوانى المستتر، ومعه المتعاطف مع الإخوان، الدكتور حازم حسنى ليكونا المخططين لكل تحركاته المستقبلية، لتضمن الجماعة ألا يخرج الفريق عن المسار الذى تم تحديده لعنان، كونه مرشحاً للإخوان ومتحدثاً باسمهم، حتى وأن لم يكن منتمياً لهم.
الأمر نفسه تكرر مع الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، القيادى الإخوانى الذى لعب على كل أحبال السياسة، بعد 2011 تنكر من إخوانيته ليضمن لنفسه نصيباً من الكعكة السياسية، لأنه كان يعلم أن التيار المسيطر على الجماعة وقتها ليس على وفاق معه، وكان من نتاج تنكره لماضيه وحاضره الإخوانى أن كان محل هجوم قوى وشرس من المعارضة المدنية والتيار الذى كان يقوده وقتها حمدين صباحى، ممن اعتبروا أبوالفتوح خاصة بعد ترشحه للانتخابات الرئاسية فى 2012، دمية إخوانية لضرب بقية المرشحين وخدمة مرشح الجماعة الإستبن «محمد مرسى»، ولم يكتفِ المدنيون بذلك، وإنما واصلوا الهجوم على أبوالفتوح الذى لم يهدأ إلا مؤخراً وبدأت هدنة لا يعلم أحد تفاصيلها، فأصبح أبوالفتوح هو لسان المعارضة، وتوارى خلفه الكثيرون من الدمى التى طالما صدعتنا بالشعارات السياسية الزائفة والكاذبة.
الغريب اليوم أنه بعدما كان عنان عدواً للإخوان، وأبوالفتوح الند القوى لتيار القوى المدنية ورجال حمدين صباحى، أجمع الإخوان ومعهم تيار حمدين على أنهما فرسا الرهان فى كل الاستحقاقات السياسية، وأصبح كل من ينتقد الاثنان أو يكشف عن ماضيهم أو تحالفاتهم السياسية مع الجماعة الإرهابية وقوى خارجية، هو الخائن للوطن، والمطبلاتى للنظام وغيرها من التهم سابقة التجهيز التى اعتدنا على سماعها من قوى المعارضة المصرية لسنوات طويلة، حتى باتت التهم بلا قيمة ولا معنى، لأنها لا تستند لواقع، ويحركها شىء واحد وهو فشل هذه القوى فى إثبات وجودها ولم تجد أمامها إلا التعلق بقشة، وهذه القشة لها أضلاع ثلاثة، أبوالفتوح وعنان، ومعهم توسيع الهجوم غير المبرر على من ينتقدونهم.
بعيداً عن حالة الجنون التى تسيطر على من يسمون أنفسهم الآن بالتيار المدنى المعارض، يستوقفنى شىء واحد أراه مهما فى تحديد مسار المعارضة عالية الصوت كما يفضلون دائماً أن يشار إليهم، فمجرد ارتكانهم إلى تأييد أو دعم عنان وأبوالفتوح هو خير معبر عن حال هذه المعارضة، التى لم تجد بينها الشخصية القادرة على التأثير فلجأت إلى أعدائها السابقين، وأطلقت عليهم لفظ القادة، رغم يقينهم أيضاً أنهم ليسوا بقادة، ولا تأثير لهم فى الشارع أو الحياة السياسية بشكل عام، لكن التيار المدنى الذى فشل فى لملمة نفسه، لم يرد أن يبقى خالى الوفاض، فذهب إلى أموات متمسكا بهم قادة لهم.
بالتأكيد سنسمع النغمة السائدة أن النظام فى مصر «جرف» المعارضة المصرية، وقضى على أى أمل فى ظهور قيادة، وأبسط رد على هذه الأكاذيب التى طالما سمعناها طيلة السنوات الماضية أن أى نظام فى العالم ليس مسؤولاً عن فشل الآخرين، حتى وإن استخدم هذا النظام أساليب القمع ضد المعارضة، ولنا فى فترة الاحتلال الإنجليزى لممصر عبرة، فرغم الاعتقالات المتكررة ضد الرموز الوطنية ونفيهم للخارج، إلا أن المعارضة بقيت صامدة، ولم تقف مسيرتها بمجرد اعتقال سعد زغلول وغيره، بل وجدنا غيره آلاف المصريين الذين تصدوا للاحتلال والفساد، ولم يحدث ذلك إلا لأنهم كانوا يؤمنون بقضية وطنية عادلة، وليسوا مجرد دمية فى يد الغير مثلما نرى الآن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة