منذ يومين تم الإعلان عن كشف أثرى جديد ومهم فى منطقة تونا الجبل بالمنيا، ومن ضمن الاكتشافات كان جعران صغير مكتوب عليه بالهيروغليفية «سنة جديدة وسعيدة»، ويبدو من المؤشرات أن 2018 سوف يكون عامًا مميزًا فى حياة الآثار المصرية على كل المستويات، الاكتشافات والزيارات وتعريف العالم بها، ما يعود عليها بالخير الكبير.
نتمنى من الله أن يديم علينا نعمة زيادة أعداد الزائرين للمتاحف والمعابد المصرية فى كل الأنحاء، لأن ذلك بمثابة الروح التى تبث الحياة فى الآثار وتجعلها قادرة على استكمال قصتها، ويجعل الدولة قادرة على ترميمها وإقامة حفائر جديدة، وحماية الموجود.
تكشف زيادة عدد الزوار فى أحد جوانبها نوعًا من الوعى الكبير بقيمة الأثر، واعترافًا بتفرده، وهو ما يليق بمصر وتاريخها وما تمتلكه من تراث يبهر الإنسانية، وفى الحقيقة فإن الأمر ليس كله محض سياحة، لكنه فى أصله اعتراف بالقيمة، من ناحية الزائر الأجنبى واعتراف بالأصل من ناحية الزائر المصرى، فبينما يبحث الأجنبى عن أصل الإنسان يبحث المصرى عن شبهه الضائع مع التماثيل والرسومات.
جانب آخر مهم يتعلق بالآثار المصرية هى المعارض الخارجية، والتى أراها شيئًا جيدًا ومفيدًا، ولا أرى الخطر الذى يراه الآخرون، الذين أحترم رأيهم بكل تأكيد، فخروج القطع التراثية من المخازن ورطوبتها وظهورها فى العلن مكسب لا يمكن النقاش فيه، أما خروج القطع المشهورة فهو يزيد الأمور تحسنًا ويصنع شهرة أكثر، وحسبما قاله أصدقاء زاروا المعرض الخارجى لمقتنيات توت عنخ آمون الذى أقيم فى اليابان مؤخرا، فإن المدن التى استقبلت المعرض كانت تحتفل بالآثار المصرية فى كل شىء حتى فى المطاعم والأماكن الخاصة والعامة.
الآثار المصرية لها سمعة طيبة فى الخارج، ويمكن ملاحظة ذلك من المتاحف الأجنبية المشغولة بعرض ما لديها من آثار، أو حتى من المزارات العالمية الموجودة فيها بعض هذه الآثار، فلماذا لا نستغل هذه السمعة ونبهر الناس بشكل أكبر ونجعلهم مفتونين وشغوفين بزيارة مصر؟
نتمنى أن يكمل 2018 نفحاته الطيبة على مصر وآثارها، وأن ينتهى العام والمتحف المصرى الكبير فاتحًا أبوابه لاستقبال زواره من العالمين.
لنا أن نتصور كم إنسان سوف يشاهد القطع المصرية للمرة الأولى، وكم إنسان سوف يقرر بناءً على هذه المشاهدة أن يزور مصر ويشاهد آثارها فى أماكنها الطبيعية.