تلك الفكرة تناولتها فى الكثير من المقالات السابقة بشكل يصعب حصره، وأبتغى من ورائها ضبط فوضى النشر التى نعيش فى ظلها، فلا خلاف على أن صناعة الكتاب تعتبر الركيزة الأساسية لمفهوم الثقافة، لكنى فى ذات الوقت أرى أن هناك هدرا متعمدا لموارد الدولة وجهود البشر فى تلك الصناعة المهمة، ولهذا طالبت أكثر من مرة بتوحيد جهات النشر فى وزارة الثقافة فى جهة واحدة، ولنا أن نتخيل أنه لكى يصدر كتاب «ما» فإنه يمر على ثلاث أو أربع لجان فحص وفقا لعدد الجهات التى يتقدم إليها الكاتب، وكل لجنة تحصل على مقابل مالى مقابل هذا الفحص، وفى كثير من الأحيان ترفض كل هذه اللجان العمل المقدم إليها، وبالتالى تنفق وزارة الثقافة أموالا طائلة من أجل فحص كتاب «دون المستوى» ولا أدعى أن توحيد النشر فى وزارة الثقافة سيوقف هذه المهزلة كلية، لكنه على الأقل سيخفض المهدر إلى الربع أو الثلث.
ثانى الاقتراحات هو أن تتولى هيئة الكتاب التى تعد أكبر ناشر فى العالم العربى مسؤولية إصدار الكتب، لكنها ببساطة «هيئة الكتاب» وأن تتفرغ كل هيئة أو قطاع لعمل المراد منه، خاصة أن طاقة مطابع هيئة الكتاب كبيرة للدرجة التى جعلتها تتوسع فى الطباعة للغير منذ عهد الدكتور أحمد مجاهد، وأن تقوم الهيئة بطباعة جميع الأعمال المختلفة سواء المترجمة أو المحلية، وبالتالى ينضم تحت لوائها «المركز القومى للترجمة».
ثالث الاقتراحات أن تعقد وزارة الثقافة بروتوكولا مع دور النشر العربية المختلفة، بالإضافة إلى الوزارات والهيئات الحكومية الشبيهة فى الدول العربية من أجل تبادل حقوق النشر فى الكتب المتميزة، فمصر تنتج مئات الكتب العظيمة كل عام، كما أنها تمتلك حقوق نشر أعمال معظم الكتاب والمؤلفين الكبار، فلماذا لا نتبادل مع الدول العربية حقوق نشر هذه الكتب، وبالتالى نوفر للقارئ المصرى أهم الكتب المنشورة فى العالم العربى بسعر «محلى» وأن نوفر للقارئ العربى أهم الكتب المصرية بطريقة يسيرة، وهذا من شأنه أن يزيد الإقبال على الكتاب وأن يدعم «القوة الناعمة» لمصر بدلا من أن نسأل «كيف؟» مثلما حدث فى شعار معرض الكتاب.