ما يقوم به رجال القوات المسلحة والشرطة المدنية فى سيناء يفوق تصور أى أحد، فعلى مدى الأسبوعين الماضيين استطاعوا توجيه ضربات قوية ومتتالية للعناصر الإرهابية والتكفيرية التى أرادت أن تستوطن هناك، لتحويلها إلى إمارة تكون بداية الانهيار للدولة المصرية، وتنفيذ الحلم الخبيث الذى يداعب مخيلة وعقول المتآمرين ضد مصر سواء كانوا فى الداخل أو بالخارج، لكن كانت إرادة الله أن يكون لمصر درع قوية يحميها، متمثلة فى أبنائها من القوات المسلحة، ممن يثبتون كل يوم أن مصر لن تصاب بمكروه مادام جيشنا موجودا.
كلنا نعلم أنه حينما أطلقت القوات المسلحة العملية «سيناء 2018»، بناء على توجيهات من الرئيس عبدالفتاح السيسى، فإنها وضعت لذلك خطة للمجابهة الشاملة تتم على مرحلتين، الأولى تضمنت تحديد الأهداف الاستراتيجية وإعداد وتدريب القوات على المهارات الميدانية والقتالية لمجابهة الإرهاب وتنظيم التعاون مع الشرطة المدنية، والثانية هى التنسيق مع جميع أجهزة ومؤسسات الدولة لتوفير الإمدادات الغذائية والتأمين الصحى والاجتماعى للمواطنين من أبناء شمال ووسط سيناء لضمان عدم تأثر السكان المحليين بنطاق العمليات، هذا التخطيط السليم والمحسوب بدقة ساعد على أن تحقق العملية الأهداف المرجوة منها من البداية، أخذًا فى الاعتبار أن العملية لا تقتصر فقط على شمال ووسط سيناء، لكنها تمتد من قناة السويس حتى حدودنا الشرقية فى سيناء بالكامل، وأيضا على الاتجاهات الاستراتيجية للدولة والحدود الغربية، حيث يقوم رجال القوات المسلحة بتحقيق أعلى درجات النجاح والتقدم، بفضل جهود رجال أشداء يحملون على أكتافهم حلم مصر وشعبها بالتخلص من الإرهاب الأسود، متمسكين بعقيدة القوات المسلحة، إما النصر أو الشهادة فى سبيل تحقيق أمن الوطن.
الأحد الماضى كانت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى لشرق القناة، وافتتاحه لمقر قيادة قوات شرق القناة لمكافحة الإرهاب بسيناء، ويمكن القول إن هذه الزيارة كانت محملة بالعديد من الرسائل، أهمها أن مصر ماضية فى منظومة التطوير والتحديث الشامل للقدرات التنظيمية والقتالية بالقوات المسلحة بما يمكنها من تنفيذ المهام المختلفة لحماية ركائز الأمن القومى المصرى ودعم مقومات التنمية الشاملة بشبه جزيرة سيناء، وأن الإرهاب لن يثنى مصر مطلقا عن السير فى خطط التطوير، وكانت الزيارة فرصة لكى يطمئن الرئيس على جاهزية القوات واستعدادها لتنفيذ كل المهام القتالية الموكلة إليها، وأن يشاهد المصريون ما يدور هناك من عمليات تستهدف مجابهة الإرهاب فى كل أنحاء الجمهورية، والتى حققت نجاحات ملموسة على مستوى ملاحقة والقضاء على العناصر والبؤر الإرهابية، وتدمير أعداد كبيرة من الأوكار والمخازن والأسلحة التى تستخدمها الجماعات الإرهابية، وفرض السيطرة الكاملة على امتداد الحدود البرية والساحلية لقطع خطود إمداد الجماعات الإرهابية ومسارات تهريب الأسلحة والذخائر والعناصر الإرهابية.
المؤكد أن التخطيط السليم لعملية «سيناء 2018» ووفقا لما سمعناه جميعا من شرح لقادة القوات المسلحة هو أحد عناصر النجاح، حتى إنهم لم يغفلوا شيئا، ويمكن الاستدلال على ذلك بما قاله الفريق محمد فريد، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، بشأن تعاونهم مع وزارة الخارجية لفتح قنوات اتصال مع عدد من الدول الصديقة والشقيقة لتبادل التعاون المتصل مع ضبط الخارجين عن القانون والتعامل معهم، ودقة فحص العائدين من البؤر الإجرامية، وضبط العناصر المتطرفة أو المتورطين فى ارتكاب عمليات عدائية أثناء الهروب، وتحديد عناصر التمويل لعناصر الإرهاب واتخاذ الإجراءات اللازمة بالتعاون مع أجهزة الدولة المعنية، لتجفيف منابعها، وهو ما يؤكد أننا أمام عملية مكتملة الأركان.
اكتمال أركان «سيناء 2018» مرتبط أساسا بأنه بموازاة العملية العسكرية ضد التكفيريين والإرهابيين، هناك أيضا معركة أخرى تقودها الدولة المصرية بكل قطاعاتها، وهى معركة التعمير والتنمية وتوفير احتياجات المواطن المصرى الذى يعيش فى سيناء، ولن أتحدث هنا عن الجانب الطبى أو توفير السلع التموينية، لكن سأشير إلى ما تناوله الدكتور مصطفى مدبولى، وزير الإسكان، خلال زيارة الرئيس السيسى للمنطقة، بشأن ملامح المشروع القومى الطموح لتنمية شبه جزيرة سيناء وجذب الاستثمارات إلى سيناء، بحيث تكون مقصدا للاستثمارات المحلية والعالمية، حيث تمت مراجعة جميع الدراسات التى أجريت منذ تحرير سيناء وحتى استراتيجية التنمية المستدامة 2030 وأيضا مخطط التنمية العمرانية 2052، فما يتم الآن من عملية تطوير كاملة للمدن الرئيسية والقرى وشبكة الطرق الرئيسية والفرعية ومناطق الآثار والمحميات الطبيعية، هو إشارة تحمل أكثر من مغزى، وتؤكد أن الدولة لا تهاب الإرهاب ولا من يقفون خلفه، وأنها مستمرة فى خطط التنمية والتعمير جنبا إلى جنب مع الحرب ضد الإرهاب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة