إيمان رفعت المحجوب

ما يحتاجه البيت يحرم على الجامع

الأربعاء، 28 فبراير 2018 06:59 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"لقمةٌ فى بطن جائع خير من بناء ألف جامع، وخير ممن كسا الكعبة وألبسها البراقع، وخير ممن قام لله بين ساجد وراكع، وخير ممن جاهد الكفر بسيف مهند قاطع، وخير ممن صام الدهر والحر واقع، فيــــــا بشرى لمن أطعم الجائع".

الإمام عبد القادر الجيلاني

الإيمان ما وقر فى القلب وصدقه العمل لكن من بِدَع الايمان  التى انتشرت هذه الأيام، إيمان ظاهرى لا قلبى  يعتمد أكثر ما يعتمد على التظاهر  ومن مظاهره  تكرار الاعتمار والحج الفاخرين، الحج السبع نجوم ذو التكاليف الباهظة الذى لا مشقة فيه والذى هو فى ذمتى نوع من السياحة الفاخرة الممتعة التى لا يقاربها بذخ ولا يشبه متاعها متاع وكأنهم ذهبوا للأكل والاستجمام.

 وتجد منهم فى بعض الأحيان من حولوه الى نوع من الدعاية والإعلان  ينشرون صورهم بجوار الحرم و ربما خطواتهم وتنقلاتهم هنا وهناك بملابس الإحرام، كل هذا لينالوا اللقب على أوسع نطاق "الحاج والحاجة" بمعناهما الضمنى لدى الشارع الصالح والصالحة، والكل  لا يخفى عليه أن الفريضة عند الله مرة واحدة لا غير ولمَ المزايدة وإمامنا الذى نتأسى به عليه أفضل الصلوات لم يحج فى عمره إلا مرة واحدة، وأنه نهى من سأله وأعاد عليه السؤال عما اذا كانت فى العمر مرة أو غير مرة ، اعرض عنه عليه السلام  مرتين لينهه فى الثالثة بقوله "ذرونى ما تركتكم" ويقول "لو قلتها لوجبت ولما استطعتم"، وقد فرض الله هدياً على من تمتع بالعمرة فى الحج لان العمرة للمتعة قال تعالى {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي} هذا لمن يتفكرون ومن باب اولى تقييد العمرة عن تقييد الحج التى هى النافلة لا الفرض ، وليس اعظم مثلاً لنا فى هذا من ذاك المرتشى وتلك المرتشية اللذين كانت من ضمن رشاهما رحلات الحج و العمرة !

 

وتجد منهم من ينشر موائد الرحمن وحين تسأل من أين له بهذا البذخ وهذه الاموال تجدها من حرام فهو لا يتورع عن النصب والاحتيال واستغلال الناس ثم يظن نفسه يزكى عن ماله أو انه يطهره ! يرائى الله و الناس وما يراؤون الا انفسهم ! ولو اتقى الله فى سره و كف عن الناس اذاه و "كفا خيره شره" لكان خيراً له وللناس .

ومن بدع الإيمان أيضًا الإيمان المظهرى وهذا يريح صاحبه فهو يعتمد فيه على المظاهر "الملبس والهيئة والمشية وبعض المفردات نعرفها" وربما أمسك بسبحة يتسبح بها تكملة للزينة الدينية وينال بذلك شرف أسلمة الهيئة وثقة الناس فى دينه وبالتالى ذمته وضميره، رأت السيدة عائشة رجلاً يمشى فى تؤدةٍ  مطأطئ الرأس ينظر الى الأرض متظاهرًا بالورع فسألت ماذا به؟ قالوا من الاتقياء فقالت كان عمر أكثر منه اتقاءً لله وورعًا فى نفسه وكان يمشى رافع الرأس مسرع الخطى، رأت فيه عائشة -ولم تك بعيدة عهدٍ بالنبى واصحابه- شيئًا من رياءٍ ونفاق استنكرتهما، وقد قال رسول الله (ص) مشيرًا الى صدره التقوى هاهنا التقوى هاهنا التقوى هاهنا.

ومن بدع الإيمان هذه الأيام على الميديا كلها الإيمان اللفظى أو الكلامى الذى لا يكلف المرء إلا بعض المزايدات الكلامية على سواه من الناس كالدفاع عن الإكثار من بناء المساجد أو عن تقييد موائد الرحمن أو عن حق الاعتمار كل شهر أو الحج كل عام ببضع كلمات يقولها أو يكتبها لا تكلفه شيئًا يكفى بها نفسه ويؤمنها فى هذا المزاد الدينى لا يبالى إن كان كالذين يقولون بأفواههم ما ليس فى قلوبهم نعرفهم أيضًا وخبرناهم فبعضهم كمن "على رأسه بطحة" همه نفى شبهة أو إثبات شرف قد يراه بعيدًا عنه.

ولماذا لا يتذمر المصريون حين تزيد نفقات الحج والعمرة من أى جانب آخر؟ ويدفعون راضين ويذهبون ولا يمتنعون، أحلال لغيرنا حرام على بلادنا؟  أيستكثر أبناء مصر على مصر ولا يستكثرون على من سواها؟ أكما قال شوقى "أحرامٌ على بلابله الدوح حلالٌ للطير من كلِ جنسِ!" إن ترشد مصر هذا الإنفاق وهذه الرحلات التى تتكلف على الدولة قدرٌ ليس بالقليل من العملة الصعبة فى ظروف نحن أحوج ما تكون لها لإطعام جائع أو لعلاج مريض أو لأى من الخدمات التى تلتزم بها مصر تجاه مواطنيها! من يعرف الدين حق المعرفة يعلم أن "دفع الضرر مقدم على جلب المصلحة".

قال رسول الله صلى الله علية وسلم "لأن امشى مع أخى فى حاجة خيرٌ من أن اعتكف فى المسجدِ شهرًا "

الطريق إلى الله أقصر مما تتخيلون، وأوجه الخير حولكم كثيرة لمن يريد وجه الله، ويا بنى جلدتى مصر تحتاج لمساعدتكم..

* استاذ بطب قصر العينى .










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة