أكرم القصاص

أحزاب وحركات وزعامات تبحث عن مؤلف

الأحد، 04 فبراير 2018 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ربما تكون الانتخابات الرئاسية مناسبة لتنشيط السياسة وإخراجها من حالة الكلام إلى حالة الفعل، مع الأخذ فى الاعتبار أن هناك حاجة لوجود حياة سياسية طبيعية، لكن الخلاف دائما يكون حول إمكانية تحقيق ذلك فى ظل غياب السياسيين أو تراجع الأحزاب والتيارات السياسية لصالح مواقع التواصل، حيث الممارسة النظرية، وطالما وجهت الأحزاب والسياسيين نصائح ودعوات للآخرين ربما عليهم أن يوجهوا أهم نصائحهم بحثا عن السبب الذى يجعل الأحزاب فى هذه الحالة من الضعف والغياب، بالرغم من الكثرة العددية، فإنها كثرة لا تغلب الشجاعة ولا تغادر مقراتها إلى أى نوع من الأعمال.
 
وإذا كانت تجمعات «ما بعد الحداثة» اتخذت قرارها بمقاطعة الانتخابات، ربما تعرف هذه القيادات أن هناك على بعد خطوات انتخابات للمجالس الشعبية المحلية عليها أن تستعد لها، وإن كنا نتوقع أن تنتظر صدور القانون ولا تشارك فى اقتراح أو مناقشة حتى إذا اقتربت الانتخابات، فسوف تختار المقاطعة كما جرت العادة طوال سبع سنوات وزيادة، أم تسعى لمراجعة مواقفها وحساب المكسب والخسارة، وربما تكون فرصة المراجعة خطوة للتعرف على ما تريده الأحزاب وما يريده السياسيون والزعماء.
 
هناك أزمة فى السياسيين عموما، لكنها ترجع إلى أربعة عقود، وربما أكثر، وقد أشرنا إلى أن عددا كبيرا من السياسيين الذين احتلوا الواجهة طوال ثلاثين عاما، كانوا من أعضاء منظمة الشباب والتنظيم السياسى الواحد ممثلا فى الاتحاد الاشتراكى، وهناك دراسة مهمة للأستاذ عبدالغفار شكر رصد فيها كون، تقريبا، كل من تولوا مناصب سياسية خلال فترة الثمانينيات وحتى التسعينيات كانوا من نتاج الاتحاد الاشتراكى، وكان الأمر ينعكس على المعارضة التى كان يقودها الرعيل الأول من السياسيين، وما أن رحل رؤساء ومؤسسو الأحزاب حتى دخلت فى صراعات انتهت بها للتجميد أو التفسخ.
 
ومن اللافت للنظر أن ظهور حركة كفاية وتوابعها نشط الحياة السياسية بعيدا عن الأحزاب، وظهرت حركات متفرقة، نجحت نسبيا فى الظهور على مواقع التواصل، كما ظهرت الحركة الوطنية للتغيير، وشهدت انقسامات ومنافسة على الظهور، ويحمل أرشيف الحركة الكثير من الصراعات، كما سجل أعضاء الحركة شهادات تشير إلى وجود خلافات، ومع هذا، بينما تنجح الحركات كانت الأحزاب تفشل.
 
لكن هذه الحركات سرعان ما يصلها الملل والتكرار والجمود، فضلا عن صراعات تنشأ لأن هذه الحركات كانت تضم انتماءات متعددة، وتجمع بين اليسار واليمين والوسط، لهذا بقيت الحركات تعانى من نفس عيوب الأحزاب، فضلا عن أنها ظلت موسمية مع الوقت فقدت قدرتها، وفقدت المظاهرات زخمها وتراجعت.
 
بعدها تكونت الجمعية الوطنية للتغيير، والتف باقى أعضاء كفاية مع خلطة من الحزبيين والسياسيين المستقلين، والإخوان، وترأسها الدكتور محمد البرادعى، لكنها لم تستمر كثيرا بسبب المنافسة بين بعض رموزها على القيادة، وتصدر المشهد الأمر الذى عجل بتراجعها، وجاءت 25 يناير ولا توجد أى حركة قادرة على العمل، والدليل أن الأحزاب والحركات مثل كفاية أو 6 إبريل أو الأحزاب استطاعت الصمود وخوض معترك السياسة فى مرحلة صعبة، بل إن الأداء السياسى للكثير من الحركات والائتلافات التى جمعت وكلاء الثورة ونجومها، كانت تبدو أحيانا كوميدية.
 
وخلال أقل من عام على الثورة، ظهرت عشرات الائتلافات والمجالس الثورية والحركات الاكتوارية، وجمعت الشامى على المغربى والجاد على الطامح والأديب على الناشط على العابر، وتم إعلان تشكيل عشرات الأحزاب التى تتشابه فى برامجها وأشكالها وأعضائها، وكل هذه الكيانات لم تقدم تصورا سياسيا أو خريطة للمستقبل، وانشغل نجومها بالبحث عن الكاميرات والبقاء لفترات طويلة على مواقع التواصل يتوتون ويفكرون ومع كل انتخابات يقاطعون.
 
نحن هنا نشير إلى ماض قريب لم يبعد أكثر من 6 سنوات، للتذكير بأنه لم تكن هناك أحزاب أو حركات ناجحة فى أهم فترة كانت تتطلب منهم الوجود، ومن السهل على من اعتادوا تعليق فشلهم على شماعات الآخرين أن يتحدثوا من مخططات لتفريغهم من مضمونهم، بينما كثير من هذه الائتلافات والكيانات تشكلت لأهداف وطموحات شخصية، ثم إنها عجزت عن طرح سياسى كان يمكن أن يقود عملية سياسية أو على الأقل استقرار يقود إلى سياسة، لكن كل هذا لم يحدث، الأمر الذى يعنى وجود عيب خلقى أو فيروس يصيب هذه الأحزاب فيفقدها مناعتها.
 
وفى كل الأحوال هناك حاجة لوجود حياة سياسية يمكنها ملء الفراغات وتفريغ الطاقات وامتصاص عوامل التوتر، وربما يكون زعماء العمل السياسى ونشطاؤه بحاجة إلى دراسة وضعهم، والبحث عن سبب ضعفهم، وأيضا على الدولة أن تحاول تقديم مساعدات لهذه الزعامات قبل شهر رمضان، حتى لا يعلنوا مقاطعته، إلا إذا كانت كل هذه التكتلات تبحث عن مؤلف.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة