تسيطر على العالم حالة ترقب دائمة وحذر من التطورات الخطيرة التى تطرأ على التسليح النوعى للجماعات الإرهابية فى شتى بقاع الأرض، خاصة عندما يتعلق الأمر بتنظيم "داعش" الإرهابى، الذى يعد الأقوى والأنشط بين التنظيمات المتطرفة فى الآونة الأخيرة من حيث عملياته الدموية والانتشار فى قطاعات مساحية أوسع على الأرض، والذى لم تقتصر خطورته على الأسلحة الاعتيادية، بل وخوضه مجال الحروب الإلكترونية أيضًا.
ويتصاعد القلق الدولى من أسلحة تنظيم "داعش"، مع حلول العام 2018، خاصة فى ظل الهزائم المتلاحقة التى لحقت بالتنظيم المتطرف فى كل من سوريا والعراق، على يد جيشا البلدين، ورغم أن الخسائر البشرية والمادية التى طالت "داعش"، هائلة، وأضعفته بصورة كبيرة، إلا أن ذلك الأمر ادعى أن يلجأ التنظيم إلى تطوير أسلحته لتكون أكثر فتكًا كى يتمكن من الانتقام تعويضًا لحالة الانهيار التى لحقت به، وحطمت بالتالى معنويات عناصر الذين راحوا يسلموا أنفسهم للجيشين العراقى، والسورى، بشكل متزايد خلال الأشهر القليلة الماضية، هذا إلى جانب تطوير أسلحته الإلكترونية التى باستطاعتها تدمير الاقتصادات والبنى التحتية للدول، وذلك حال وصولها إلى التطور والقوة اللازمة لذلك.
المخابرات البريطانية تحذر من خطورة الهجمات الإلكترونية لـ"داعش"
وفى هذا الصدد، كشف سفير أمن المعلومات البريطانى، كونراد برنس، أن "داعش"، والجماعات الإرهابية الأخرى، تسعى إلى شن هجمات إلكترونية مدمرة على بريطانيا، والعديد من دول الغرب، وربما يتم ذلك بمساعدة من داخل تلك الدول.
وقال برنس، وفق ما نقلته صحيفة التايمز البريطانية، اليوم الأحد، إن الجماعات الإرهابية شاركت بالفعل فى "تخريب إلكترونى" منخفض المستوى، وتنتقل حاليًا إلى عالم الجريمة المتخفى لاكتساب قدرة على ضرب البنية التحتية الحيوية.
واستشهد سفير أمن المعلومات البريطانى، على صحة تصريحاته بقضية مهندس برمجيات سابق فى الخطوط الجوية البريطانية، الذى سجن لمدة 30 عامًا، فى العام 2011، لاتهامه بمحاولة إسقاط طائرات للركاب وتدمير أنظمة تكنولوجيا المعلومات الخاصة بالشركة بناء على طلب من زعماء تنظيم القاعدة.
بريطانيا تستخدم قاعدتين عسكريتين فى قبرص لجمع المعلومات
وتجدر الإشارة هنا، إلى أن المملكة المتحدة، تعتمد فى جمع المعلومات عن التنظيمات الإرهابية، على قاعدتيها فى قبرص، حيث تحتفظ بريطانيا بقاعدتين عسكريتين على جزيرة قبرص، منذ استقلال الجزيرة عن التاج البريطانى عام 1960، وتتضمن القاعدتين العسكريتين البريطانيتين، منشآت جوية استراتيجية، تخضعان لسيطرة المملكة المتحدة، وتضمان بضع بلدات، وتستخدم هاتان القاعدتان كمراكز لجمع المعلومات، وقواعد خلفية للعمليات الجوية البريطانية التى تُجرى فى اطار عمليات التحالف الدولى بقيادة واشنطن، الذى يحارب تنظيم "داعش"، فى سوريا والعراق.
"داعش" يبدأ أولى تطبيقاته لاستخدام غاز الأعصاب منذ عام 2013
ولم يكن هذا التحذير من تزايد خطورة تطور أسلحة "داعش"، على مختلف دول العالم، هو الأول من نوعه، بل سبقته تقارير أخرى، صادرة فى منتصف شهر يناير الماضى، وهو التقرير الصادر عن مركز تنسيق مكافحة الإرهاب فى الاتحاد الأوروبى، الذى توقع لجوء جماعات الإرهاب إلى الهجمات الكيماوية والبيولوجية خلال العام 2018، مرجعًا ذلك إلى سهولة نقل واستخلاص هذا النوع من الأسلحة غير التقليدية من مركبات كيمائية عادية مقارنة بهجمات القنابل والعربات المفخخة.
وأشار التقرير الأوروبى، إلى أن الهجمات الإرهابية الكيماوية والجرثومية تتطلب قدرا من التطور التكنولوجى والخبرة التى قد لا تكون متوافرة فى كثير من المنظمات الإرهابية باستثناء "داعش"، التى امتلكت تلك الخبرة فى مسارح العمليات فى الشرق الأوسط.
وبحسب التقرير الأوروبى، فقد بدأ داعش، منذ العام 2013 أولى تطبيقاته على استخدام غاز الأعصاب فى عملياته العسكرية، وبدأ مهندس عسكرى عراقى سابق انضم لـ"داعش"، ويدعى سليمان داوود العفارى، فى بناء أول برنامج للتسلح الكيمائى للتنظيم بحكم خبرته فى هذا النوع من التسلح، من واقع سابق عمله كضابط كيمائى فى جيش الرئيس العراقى الراحل صدام حسين.
تورط المخابرات التركية فى توفير مواد الأسلحة الكيماوية لـ"داعش"
ومن قبله، سعى عنصر أخر أشد خطورة فى "داعش"، يدعى حركيًا باسم "أبو مالك"، إلى بناء سلاح كيماوى لـ"داعش"، لكن القدر لم يمهله إذ قتل فى غارة جوية أمريكية فى مطلع العام 2015، أما أبو داوود العفارى، فقد ألقت القوات الأمريكية، القبض عليه فى مارس من العام 2016، حيث اعترف بمواصلة مهندسين آخرين من المنضمين لـ"داعش"، بالعمل على تطوير برنامج نووى لحساب التنظيم قابل للاستخدام فى العمليات الإرهابية، واعترف كذلك باعتماد هذا البرنامج على مكونات الكلور وهيدروجين سلوفات الكبريت لإنتاج غازات أعصاب وجميعها مكونات يقوم عملاء "داعش"، باستخلاصها من المخصبات والأسمدة الكيماوية المستخدمة فى الزراعة وهى الأسمدة التى تساهلت الاستخبارات التركية فى وصولها بكميات كبيرة إلى الأراضى السورية خلال العامين الماضيين.
واستنادا إلى تلك الاعترافات، داهمت قوات مكافحة الإرهاب فى أستراليا، شبكة لعملاء سريين فى تنظيم "داعش"، وهم يجرون اختبارات على غاز للأعصاب من المكونات السابق الإشارة إليها، للتأكد من صلاحية قنبلة أعصاب كانوا يطورونها لحساب داعش، لكن القبض عليهم لا يعنى من وجهة نظر خبراء مكافحة الإرهاب فى الاتحاد الأوروبى، والولايات المتحدة، نهاية مساعى "داعش"، لبناء قدرات كيمائية وبكتيرية شديدة الفتك نظرًا لتعدد شبكاتها الكامنة فى البلدان الغربية.
"داعش" يستولى على 2500 مقذوف كيماوى لغاز السارين فى العراق
وتجدر الإشارة فى هذا الصدد إلى أن مصادر أمنية عراقية، كانت كشفت فى نوفمبر من العام 2014، عن استيلاء مسلحى داعش، على منشأتين للتسلح الكيميائى تقعان على مسافة 35 ميلًا إلى شمالى غرب العاصمة العراقية، بغداد، كانتا ضمن ترسانة العراق الكيماوية السابقة، وأفاد التقرير الأمنى العراقى - الذى أرسل إلى الأمم المتحدة - بأن 2500 من المقذوفات الكيماوية تمت تعبئها منذ عشرات الأعوام، إبان حكم صدام، بغاز السارين وهو غاز أعصاب قتالى.
وفيما يتعلق بمصادر "داعش"، للحصول على عناصر تصنيع المتفجرات وغازات الأعصاب القاتلة، فإن منطقة اكاكالى التركية، على الحدود مع سوريا، كانت معبرًا على مدار الأشهر الماضية، لعمليات شحن نشطة لكميات من سماد نترات الأمونيا إلى داخل الاراضى السورية ليتم استخدامها لاحقًا فى صنع المتفجرات التى تلجأ إليها الجماعات المسلحة هناك، وأكد المراقبون، أن كميات سماد نترات الأمونيا القادمة من تركيا تصل فى نهاية الأمر إلى أيدى خبراء صنع المفرقعات فى "داعش"، وليس فى أيدى المزارعين السوريين.
وبحسب الخبراء، تعد مادة نترات الأمونيا قاسمًا مشتركًا فى كثير من التفجيرات الإرهابية التى شهدها العالم، فقد استخدمها مفجروا المبنى الفيدرالى فى أوكلاهوما سيتى، فى الولايات المتحدة الأمريكية، عام 1995، واعتمادًا على قنابل دخلت فى انتاجها نترات الأمونيوم، حدثت تفجيرات سفارتى الولايات المتحدة فى تنزانيا، وكينيا، عام 1998.
وقد استخدمت "داعش"، القنابل المصنوعة من نترات الأمونيا على نطاق واسع فى صنع المتفجرات فى العراق وأفغانستان، ويقول خبراء مكافحة الإرهاب، ان نترات الأمونيا إذا ما تم خلطها بالبنزين تحت ظروف معينة وبنسب معينة تولد طاقة تفجيرية تعادل فى شدتها 85% من طاقة التفجير التى فى مادة "تى إن تى" شديدة الانفجار.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة