أقحمت إيران نفسها فى الأزمة الدائرة الآن بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الاتحادية، على خلفية وثيقة العقيدة الأمريكية الجديدة الخاصة بالانتشار النووى، وبدلا من أن تهتم بالبنود الواردة فى الوثيقة المتعلقة بالبرنامج النووى الإيرانى والنشاط الصاروخى الباليستى للحرس الثورى، حاولت الصيد فى هذا المستنقع لتعميق الخلافات بين موسكو وواشنطن.
الصيد فى الماء النووى
فمن جهته حاول الرئيس الإيرانى حسن روحانى الصيد فى الماء النووى بقوله: أن "الأمريكيين يهددون الروس دون خجل بسلاح نووى جديد"، وهى محاولة من المعتدل لتعميق الأزمة النووية الدائرة حاليا بين موسكو وواشنطن.
الرئيس الإيرانى حسن روحانى
وأضاف روحانى فى خطاب تلفزيونى يوم الأحد وبث نصه موقعه الرسمى على الإنترنت: "نفس الأشخاص الذين من المفترض أنهم يعتقدون أن استخدام أسلحة الدمار الشامل جريمة ضد الإنسانية.. يتحدثون عن أسلحة جديدة لتهديد منافسيهم بها أو لاستخدامها ضدهم".
بموازاة ذلك كتب وزير الخارجية الإيرانى محمد جواد ظريف من خلال حسابه فى موقع "تويتر" للتغريدات المصغرة "أن الوثيقة الأمريكية تهدد بجعل البشرية أقرب إلى الفناء".
استراتيجية أمريكية تجاه إيران
ومنذ نهايات يناير الماضى تستعد إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لإصدار قرارين رئيسيين، أحدهما يتعلق بالمملكة العربية السعودية والآخر بإيران، من شأنهما تحديد مسار انتشار التقنية النووية فى الشرق الأوسط تلك المنطقة المشتعلة بالصراع.
الرئيس الأمريكى دونالد ترامب
الرئيس الأمريكى حدد شهر مايو موعداً نهائياً للتوصل إلى توافق فى الرأى بين الولايات المتحدة وأوروبا على شروط أكثر صرامةً للاتفاق النووى المبرم مع إيران عام 2015، ويريد البيت الأبيض على وجه الخصوص التخلص مما يسمى بـ"بند الغروب" الواردة فى الاتفاق، التى قد تسمح لطهران بإنتاج الوقود النووى فى غضون عشرة أعوام فقط، أى بحلول العام 2025.
وتعتقد الولايات المتحدة الأمريكية أن إيران سوف تواصل الاستثمار فى تطوير الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، وقدمت الولايات المتحدة عقيدتها النووية تجاه إيران، والتى تحمل بين طياتها نية واشنطن نسف الاتفاق النووى، لأن "إيران تواصل الاستثمار فى أكبر برامج للصواريخ فى منطقة الشرق الأوسط، وربما فى المستقبل قد تهدد بالأسلحة النووية، وكذلك إيران تطور القدرات العسكرية الأخرى غير النووية، بما فى ذلك نظام صواريخ كروز والحرب الإلكترونية المحتملة للعمليات الهجومية، ويمكنها أيضًا مواصلة الاستثمار فى الأسلحة الكيميائية والبيولوجية".
رد روسى حازم
وردا من الجانب الروسى على الاستراتيجية أعربت الخارجية فى موسكو عن خيبة أملها العميقة إزاء التوجه المعادى لروسيا الذى اتسمت به العقيدة النووية الأمريكية الجديدة، مؤكدة أن التهم المنسوبة لروسيا فيها لا تمت للواقع بصلة.
وأشارت الخارجية فى بيان لها، إلى أن موسكو ستأخذ ما ورد فى العقيدة النووية الجديدة للولايات المتحدة بعين الاعتبار لدى اتخاذ خطوات لتعزيز أمنها الوطنى.
الرئيس الروسى فلاديمير بوتين
من جهته اعتبر السفير الروسي في الولايات المتحدة أناتولي أنطونوف، أن العقيدة النووية الأمريكية الجديدة تثير قلقا وتساؤلات، مؤكدا أن روسيا لن تقبل بمحاورتها من موقع القوة.
ونقلت وسائل الإعلام الروسية الرسمية عن أنطونوف قوله: "إنه لا بد من الدراسة التفصيلية والدقيقة للعقيدة الأمريكية الجديدة"، وإنه تمكن من التعرف على الجزء العلني من هذه الوثيقة فقط، بالإضافة إلى التعليقات والملاحظات الأولى، التي أدلى بها وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس.
وفى المحصلة النهائية، تبدو إيران أكبر اللاعبين الإقليميين استفادة، من تأزم العلاقات الأمريكية ـ الروسية، لأن ذلك سيقلل هامش المناورة لدى القوتين العظميين اللتين اعتادتا على اللعب بورقة طهران فى كل نزالات النفوذ الإقليمية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة