13 عاماً مضت، ولا تزال صورته عالقة فى الأذهان.. تقودها الأحداث من خزائن الذاكرة إلى الصدارة من جديد كلما تكالبت الأزمات على القضية الفلسطينية، وكلما تسللت شروخ الانقسامات داخل البيت الفلسطينى.. إنه ياسر عرفات الذى وقف فى وجه الاحتلال الإسرائيلى ليردد "يريدوننى أسراً أو طريداً أو قتيلا.. وأنا أقول : بل شهيدا شهيدا شهيدا"، ويحفر تلك الكلمات فى وجدان وذاكرة كل فلسطينيى الداخل والخارج، وكل عربى غيور على الأرض وكل من يؤمنون بالقومية العربية وركائزها.
ياسر عرفات فى أيامه الأخيرة قبل وفاته
وبعد بضع سنين على الوفاة الغامضة، عاد "أبو عمار" مجدداً للأضواء بعدما انفردت مجلة "اسبريسو" الإيطالية بدفعة جديدة من مذكراته التى لم تعرف طريقها إلى النور من قبل، لتكشف أسرار وكواليس عن علاقته مع زعماء وقادة دول العالم ، وموقفه من غزو الكويت والرئيس العراقى الراحل صدام حسين، ورئيس الوزراء الإيطالى الأسبق سيلفيو برلسكونى وآخرين.
وبخلاف ما هو معروف ، كشفت المجلة الإيطالية نقلا عن المذكرات أن الزعيم الفلسطينى الراحل كان من أشد معارضى غزو صدام حسين للكويت ، وقالت : "عرفات كان داعماً لصدام حسين فى حرب الخليج ، وهو ما وضعه هدفاً لانتقادات العديد من الدول العربية الآخرى بشكل كبير، إلا أن هذا الدعم لم يكن إلا دعماً علنيا، فكان عرفات على يقين أن صدام يرتكب خطأ فادحاً، وحاول اثناء الرئيس العراقى عبر اتصالات هاتفية متكررة عن هذا الجنون"
الرئيس العراقى الراحل صدام حسين
مذكرات "أبو عمار" الجديدة تطرقت إلى تفاصيل علاقته بزوجته سهى الطويل، ومماطلته فى الزواج منها لسنوات عدة، حيث كان يقول : "كيف يمكننى أن أتزوج من سهى وأنا متزوج بالفعل من شعب فلسطين والقضية الفلسطينية".. إلا انه ـ بحسب المذكرات ـ استسلم فى عمر الـ60، تحديداً فى عام 1990 وتزوج من سهى تلك السيدة الفلسطينية المولودة فى القدس والتى تلقت تعليمها الجامعى فى فرنسا رغم أنه كان يكبرها بـ34 عاماً كاملة، لينجب منها ابنتهما الوحيدة زهوة.
سها عرفات زوجة الزعيم الفلسطينى الراحل
وما بين السياسة والصداقة، رصدت المذكرات تفاصيل جديدة عن علاقة عرفات مع رئيس الوزراء الإيطالى الأسبق سيلفيو برلسكونى، موضحة أنها شهدت تمويلات متبادلة من الجانبين، فبحسب تقرير المجلة الإيطالية فإن عرفات عقد فى تسعينيات القرن الماضى اتفاقاً مع برلسكونى لحماية إيطالية من هجمات شنها آنذاك فلسطينيين عام 1998 أعقبه تمويل إيطالى لمنظمة التحرير الفلسطينية بقيمة 10 ملايين ليرة، ليعلن عرفات فيما بعد إيطاليا "شاطئاً فلسطينياً للبحر المتوسط"، فى إشارة لعمق العلاقات.
وسردت المذكرات تفاصيل الاتفاق الذى تم فى أعقاب استيلاء 4 فلسطينيين على سفينة "أكويلى لورو" عام 1985، ليتم فيما بعد تحرير جميع الرهائن بفضل وساطة روما، باستثناء أمريكى لقى مصرعه، كما كشفت المذكرات عن وجود اتفاقيات سرية بين منظمة التحرير الفلسطينية وإيطاليا منذ عام 1985 لمنع وقوع هجمات مسلحة.
رئيس وزراء إيطاليا الأسبق سيلفيو برلسكونى
ولم تقتصر علاقة عرفات وبرلسكونى على هذه الأزمة، حيث كشفت المذكرات أن عرفات أقدم بدوره على مساعدة برلسكونى على تمويل حزب بيتينو كراكسى الاشتراكى، بالمخالفة للقوانين الايطالية آنذاك.
وقالت المجلة الإيطالية فى تقريرها إن المقتطفات التى نشرتها تأتى ضمن 19 مجلداً حصلت عليها من مذكرات عرفات، تؤرخ الفترة ما بين عام 1985 وحتى وفاته.
وتتضمن المذكرات بحسب ما نشرته المجلة دون مزيد من التفاصيل، تدوينات لـ"أبو عمار" عن علاقته مع قادة وزعماء دول العالم، فبخلاف صدام حسين وبرلسكونى، تطرقت المذكرات إلى علاقته مع فيديل كاسترو، وساسة تل أبيب وغيرهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة