سيطر اللون الأحمر الدال على الهبوط على كافة شاشات البورصات العالمية خلال اليومين الماضيين، مما أثار حالة ذعر لدى المستثمرين حول العالم، ولم يكن سوق "البيتكوين" العملة الافتراضية الأشهر بعيدا عن ما يحدث، حيث شهدت أسعاره اليوم هبوطا كبيرا ليعود إلى مستويات ما قبل 4 أشهر مسجلا 6.2 ألف دولار صباح اليوم الثلاثاء، طبقا لأسعار منصة كوين ماركت كاب.
منصة بيتكوين توك
وفى ظل مخاوف كبيرة من أن تكون الانخفاضات الحادة بالبورصات العالمية بداية لأزمة عالمية جديدة، يرى عدد من المحللين الاقتصاديين أن ما يحدث هو حركة تصحيحية للأسعار التى ارتفعت بصورة كبيرة، ومن الطبيعى أن يعقبها موجة انخفاض، ولكن هل ما يحدث لبيتكوين حركة تصحيحية مماثلة أم انهيار حقيقى للعملة الافتراضية التى شغلت العالم؟ وما أسباب هذا التراجع الحاد؟
والبيتكوين هى عملة إليكترونية افتراضية ليس لها وجود ملموس، يتم تداولها من خلال الإنترنت بين ملايين المتعاملين حول العالم، ولا تخضع هذه العملة لرقابة أى حكومات أو بنوك مركزية، وهو ما فتح شهية الملايين لتدول هذه العملة مما دفع أسعارها للقفز بصورة كبيرة من أقل من دولار عند بدء أول تعامل بها عام 2009 لتقترب من حاجز الـ20 ألف دولار فى ديسمبر الماضى، لكن سرعان ما بدأت الأسعار تتهاوى حتى وصلت اليوم إلى 6 آلاف دولار لتفقد العملة ما يقرب من 67% من قيمتها فى أقل من شهر ونصف.
بيتكوين العرب على تويتر
ويصل عدد العملات المتداولة حتى الآن 16.8 مليون بيتكوين، وطبقا للنظام الذى اخترعه شخص مجهول يدعى "ساتوشى ناكاموتو" - لا يعرف أحد شخصيته الحقيقية حتى الآن – فالحد الأقصى للعملات التى يكمن أن يخلقها النظام 21 مليون بيتكوين فقط.
يعتمد المحللون فى قراءتهم لحركة أسعار الأسهم فى البورصات العادية على مجموعة من الرسوم البيانية التى توضح مسار الأسعار خلال فترة زمنية ومحددة سواء أشهر أو سنوات، ومن خلالها يمكن وضع رؤية مستقبلية أو توقعات لحركة الأسعار قد تكون مصيبة بدرجة كبيرة، ولكن الوضع مع العملات الافتراضية خاصة بيتكوين مختلفة بدرجة كبيرة، فهناك بالفعل رسومات بيانية لحركة الأسعار يقرأ من خلالها المحللون الوضع، ولكن حركة أسعار العملة الافتراضية واسعة جدا صعودا وهبوطا ولا يحكمها أى منطق فى كلتا الحالتين ولا يوجد أى أساس واضح للتسعير، وهو ما يصعب المهمة على من يقوم بدور التحليل الفنى لحركة الأسعار.
ولا يمكن فصل ما يحدث لأسعار البيتكوين تماما عن الانهيار الذى تشهده بورصات العالم، ولكن لأن بيتكوين عملة لا تخضع لمنطق تراجع أسعار العملات الأخرى، فبالتأكيد لانهيار بيتكوين أسباب أخرى يراها المتداولون الذين يسعون لطمأنة أنفسهم بأن ما يحدث لبيتكوين هو مجرد حركة تصحيح أسعار ولم يصل إلى مرحلة الانهيار.
الحساب الرسمى لمجموعة "بيتكوين العرب" على تويتر، وهى مختصة بتداول العملات الافتراضية، نشر من التدوينات على صفحته حول انهيار البورصات العالمية وأنها قد تكون بداية لأزمة مالية جديدة، وذلك فى محاولة لتخفيف مخاوف المتعاملين بالبيتكوين بأن ما يحدث ليس انهيارا، كما نشرت جدولا يوضح تصحيحات الأسعار مأخوذا من أحد المحللين لبيتكوين، ويتوقع أن يعاود البيتكوين المسار الصاعد خلال أشهر قليلة، وتكون نهاية عام 2018 مشابهة لما جرى العام الماضى.
وفى تفسير لهذا الهبوط المدوى، توضح منصة بيتكوين توك Bitcoin tailk وهى منصة عالمية شهيرة تجمع متداولى البيتكوين حول العالم، قالت إنها تلقت العديد من الأسئلة حول أسعار بيتكوين وهل يستمر فى الانهيار ام يعاود حركة تصحيح المسار؟ وماذا سيحدث للعملة الافتراضية؟
المدونة أجابت على هذه التساؤلات فى تدوينة نشرتها على الموقع ظهر اليوم الثلاثاء، حيث بررت الانخفاض بعدة عوامل، جاء أولها – بحسب تفسير المدونة – أنه عندما ارتفع سعر البيتكوين لأعلى مستوى له مقتربا من 20 ألف دولار فى ديسمبر الماضى ووصول القيمة السوقية للعملات الافتراضية لأكثر من 750 مليار دولار، فقد صدمت هذه الأخبار الحكومات والبنوك حول العالم خشية من تسبب ذلك فى إنهاء احتكارهم، وهو ما تسبب فى قيام العديد من الحكومات بفرض قيود على تداول البيتكوين والعملات الافتراضية الأخرى.
من ضمن أسباب التراجع أيضا ما تفعله كوريا الجنوبية والتى تناقض نفسها بإعلانها منع تداول وتجارة العملات الافتراضية – وهى من الدول التى تضم أكبر عدد لمتداولى بيتكوين حول العالم – وأيضا حدوث واقعة من أكبر حوادث اختراق للعملات الرقمية.
وقالت التدوينة إن هناك خبرا انتشر بصورة واسعة فى السوشيال ميديا مفاده قيام الهند بمنع العملات الرقمية، ولكن هذه المخاوف اتضحت حقيقتها بعدما تبين أن ما تفعله الهند هى مجرد رغبة من الحكومة فى تنظيم تداول وتجارة العملات الافتراضية فى دولتها، بالإضافة إلى ذلك قيام الصين بمنع التداولات الخارجية للعملات الإليكترونية تماما.
متى يستعيد البيتكوين توازنه؟ قد يكون سؤالا صعبا فى ظل عدم القدرة على التنبؤ بما يحدث فى هذه العملة الافتراضية شديدة التعقيد، وقد أجابت المدونة على هذا السؤال بأن بيتكوين يقوم بحركة تصحيحية طوال فترة الـ8 سنوات الماضية التى – وهى عمر العملات الافتراضية – وستظل تفعل ذلك وقالت المدونة: "البيتكوين ثورة تكنولوجية خلقت لتبقى ولن تخسر شعبيتها أو تتلاشى".
ولم تحدد المدونة فترة متوقعة لعودة الأسعار للارتفاع، فقط تكون الحركة التصحيحية بعد شهر أو عام ولكنها ستحدث.
هذه كانت تطمينات لحائزى بيتكوين فى العالم، ولكن ما يحدث أن الكثير من الدول أعلنت هجمتها على العملة الافتراضية كان أبرزها الصين وكوريا الجنوبية، وقد تلحق بهم أمريكا خلال أيام أيضا بعد أن أطلقت تحذيرا للمستثمرين بالعملة الافتراضية، ولكن حتى الآن يصعب الإجابة على السؤال الأهم: ما هو مصير بيتكوين؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة