من أكثر الأشياء السلبية التى نعانى منها هو أننا حولنا الجهاز الإدارى للدولة ككل إلى جزر منعزلة، فكل وزارة تريد الاحتفاظ بما لديها والاستزادة فيه، حتى لو كانت هذه الأشياء بعيدة عن تخصصها، أو أن بقاءها فى حوزتها سيعرضها للضياع أو التدهور، وأبشع مثال على هذا هو ما يحدث الآن فى المساجد الأثرية التى تحتفظ بها وزارة الأوقاف وتتعرض كل يوم إلى سرقة أو إتلاف أو تدمير، والمثال الأوضح على هذا ما يحدث الآن فى أرض جامعة أون بالمطرية التى من الممكن استغلالها أحسن استغلال بتحوليها إلى مركز سياحى وتعليمى عالمى وأثرى عالمى، لكن للأسف تتنازع عليها وزارات الآثار والأوقاف والداخلية والإدارة المحلية، فلا شىء يحدث فيها سوى التدمير والحفر خلسة والسرقة، وذلك لغياب فكرة «التفكير للدولة» سيادة مبدأ التفكير «للوزارة».
انطلاقا من هذا المبدأ فإنى أقترح على وزارة الثقافة أن تتقدم بمشروع لمجلس الوزراء لوقف تدمير القصور والفيلات التاريخية التى ضمها جهاز التنسيق الحضارى كمنشآت معمارية متميزة، وأن تنتقل تبعية هذه المنشآت بالكامل إلى وزارة الثقافة، وأن تشرف الوزارة على تطويرها وتحديثها واسغلالها الاستغلال الأمثل، فما يصلح ليكون فندقا، صار فندقا، وما يصلح لأن يكون مركزا ثقافيا يصبح كذلك، وبهذا نضرب عشرات العصافير بحجر واحد، منها الحفاظ على هذه النمشآت التاريخية المتميزة، ومنها تخفيف العبء على الدولة التى تتحمل عبء بناء العديد من المنشآت الثقافية من البداية للنهاية، ومنها استغلال هذه القصور والفيلات والمنشآت فى أنشطة تجارية تدر دخلا على الوزارة.
ستقول لى لكن للأسف ليست كل هذه المنشآت مملوكة للدولة، وبعضها مملوك بالفعل لمواطنين، وسأقول لك: بالطبع هذا صحيح، لكنى فى الحقيقية لا أرى هذا الأمر عائقا، فوفقا لنظرية «التفكير للدولة» بشكلها التكاملى، من الممكن أن يمنح مجلس الوزراء المواطنين المالكين لمنشآت تاريخية تعويضا مناسبا عن منشآتهم التى ستنتزع ملكيتها منهم بقوة القانون، ولأنى أعرف أن الدولة لا تمتلك أموالا كافية لتعويض كل هؤلاء الأشخاص، أرى أنه من الأنسب أن يتم منحهم فى المقابل أراض مناسبة فى المدن الجديدة، بمنحة أو حتى قرض من وزارة الإسكان على وزارة الثقافة، وبعد هذا نستغل هذه المنشآت فى العديد من المشاريع الثقافية الخدمية لتتعدد المنابر الثقافية فى مصر بشكل يقضى تماما على آثار منابر الإرهاب بالأفكار الـ18 السابقة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة