«أسمع كلامك أصدقك أشوف أمورك أستعجب»، لسان حال كثير من المواطنين أمام التصريحات التى يطلقها المسؤولون فى الندوات والمؤتمرات، أو يتحدثون عنها أمام الكاميرات، نسمع كلاما كبيرا عن حملات للانضباط والضبط والربط، ومواجهة الإشغالات والاعتداءات على الشوارع والمواقف العشوائية، لكن الواقع عكس هذا كله، وخلال يومين كانت هناك تصريحات عظيمة عن النية فى اتخاذ إجراءات حاسمة وقوية ضد المخالفات فى الشوارع والميادين، أشرنا مرات إلى أن إهمال الأحياء وغياب المحليات يضيع أى إنجازات أو خطوات للأمام، ويحول الأحياء الطبيعية إلى عشوائيات.
أعلن المهندس عاطف عبدالحميد، محافظ القاهرة، خلال مشاركته فى فعاليات مبادرة «خليك زى آدم» المقامة فى حديقة الترعة بحى روض الفرج، أن إلقاء القمامة فى الشوارع عليها غرامات مالية بحكم القانون، وأن المحافظة ستبدأ تفعيل النص القانونى وتحصيل هذه الغرامات.
المؤتمر عقد بمشاركة عدد من نواب المحافظ ورؤساء الأحياء، وعندما يسمع المواطن غرامات على إلقاء القمامة بالشارع، والشارع نفسه غير موجود، سوف يشعر المواطن بدهشة ممزوجة بالألم المصحوب بالازبهلال، فهو يرى الأرصفة مصادرة بالإشغالات والمخلفات، تلقى فى شوارع رئيسية علنا، وتحت سمع وبصر المحليات، ومن دون أى تحرك أو حتى تحرير مخالفة.
وقد رأينا مناقشات نواب البرلمان وإعلانات حملات الداخلية وأن هناك 102 موقف سيارات وميكروباصات عشوائى فى القاهرة متزامنا مع الإعلان عن حملات ضد المخالفات المرورية والميكروباصات بعض نواب البرلمان قالوا: إن المواقف العشوائية تهدر ملايين الدولة، وأن القضاء عليها استعادة لهيبتها، وهو كلام ينقصه الكثير، لأن المواقف جزء من ظاهرة أوسع، ويفترض للنواب أن يحاولوا- كل فى دائرته- حصر الفوضى والإشغالات، ويبحثوا عن طريقة لمواجهتها، لكن الأزمة أن كثيرا من النواب لا علاقة لهم بدوائرهم ومشكلات ناخبيهم.
المواطنون يشكون من الاعتداءات على الشوارع والأرصفة ومصادرة الشوارع، وتحويلها إما إلى مواقف خاصة أو بالأجر، والإتاوات العلنية ونتذكر أن الداخلية والمحليات أعلنوا عن حملات لمواجهة بلطجية الشوارع، وأرقام ساخنة وباردة للإبلاغ، وأصبحت الأرقام من فلكلور الأرقام الساخنة.
وأدعو السيد محافظ القاهرة لأن يأخذ جولة واقعية فى شوارع وأحياء القاهرة ليتعرف بنفسه على غياب الأحياء أو المرور، وأرشح للسيد المحافظ شارع أحمد عصمت فى عين شمس، وشارع 9 الممتد من المعادى إلى دار السلام مرورا بحدائق المعادى، أو شارع الفيوم فى دار السلام، وغيرها عشرات الشوارع فى الأحياء المختلفة، ليتعرف بنفسه على واقع يقول إن الشوارع نفسها اختفت تحت ركام الإشغالات والمخلفات، ولا توجد أرصفة ولا مساحات لمرور الناس، وتم انتزاع أجزاء من الشوارع وإغلاقها بالسلاسل والخوابير الحديدية، وأن يفكر السيد محافظ الجيزة فى جولة مشابهة فى إمبابة أو العجوزة أو حتى المهندسين ليشاهد بنفسه وعلى الطبيعة عمليات احتلال الأرصفة وسرقة الشوارع وإغلاقها، وفرض السيطرة، ناهيك عن تكدس القمامة، واستحالة السيطرة على «كائن التوك توك» الخرافى، فى الشوارع الرئيسية وعلى الكورنيش.
رؤساء الأحياء والمرور لا يعملون، وغائبون عن هذه الشوارع والمناطق، ولا يكفى أن نسمع تصريحات وكلمات رنانة عن التحضر والمواجهة الحاسمة فى المنتديات والجلسات المصورة، فهذا الكلام يظل مجرد كلام، وعلى أرض الواقع الأمر مختلف، رؤساء الأحياء «مش شايفين شغلهم، وإذا اشتغلوا يبقى فى الشارع الرئيسى».
وقبل أن نتحدث عن تطبيق الغرامات على إلقاء القمامة فى الشارع، علينا أن نعرف أين هو الشارع والرصيف والنظام والمرور فى الواقع وليس فى المؤتمرات.