بات من الصعب حاليا أن نحدد بالضبط كيف يتشكل وعى الأجيال القادمة، ربما لأن أطفال اليوم أتعس حظًا فى مجتمعاتنا، فهم يتعلمون الحساب فى المدرسة، والقبح فى الشارع، واللامبالاة فى البيت، والفهلوة فى سنتر الدروس الخصوصية، والوقاحة من الإنترنت، وقلة الأدب من إعلانات التليفزيون، وهذه الأخيرة بالذات تستحق التأمل، بعدما كان المعلِن قديمًا حريصًا أكثر على سمعة منتجاته من الاتهام بتبنى لغة مبتذلة قد يُساء فهمها، لكنهم الآن يبيعون منتجاتهم اعتمادًا على سلعة أخرى رائجة، أغنية أو نجم أو عمل درامى، بصرف النظر عن قيمة وهدف هذه السلعة، وشركات الاتصالات «المحمول» على رأس قائمة الاتهام، لأنها تُنفق ببذخ على إعلانات مستلهمة من أغانٍ شعبية هابطة فنيًا، لكنها منتشرة بقوة، ولكى لا يلومها أحد على هذا الإنفاق، فإنها تتباهى من وقت لآخر بمبادراتها الخيرية فى إعمار القرى وتوزيع البهجة على المواطنين، وتتجاهل حقيقة أنها ترسخ معانى القبح فى ضمير نفس البشر الذين تمنحهم الأسقف الجديدة والمياه النظيفة، ثم تستخف عقولهم برسائل إعلانية منحطة.