حتى أسابيع قليلة وصلت العلاقة بين الرئيس الأمريكى دونالد ترامب والرئيس الكورى كيم جونج أون إلى حافة الصدام، وشهدت مواقع التواصل بينهما هتافات وهجمات كثيفة، وبدا أن العالم على شفا صدام نووى، ولوح كل منهما بأزراره النووية فى وجه الآخر، وفجأة تراجع التوتر وحل ما ينبئ بسلام ينهى جنونا محتملا، وتحدد مايو المقبل موعدا لهذا اللقاء.
خلال شهور تبادل دونالد ترامب وكيم جونج أون الانتقادات والردح السياسى، ووصل الأمر إلى تهديدات متبادلة بشن ضربات نووية، قبل أن يذوب الجليد ويتجه الرئيسان من الجنون إلى لقاء هو الأول بين رئيس أمريكى ورئيس كورى شمالى، منذ أوائل الخمسينيات من القرن العشرين، وحرب الكوريتين التى كانت الولايات المتحدة طرفا فيها.
عرض الرئيس الكورى كيم جونج أون لقاءً مع ترامب بوساطة كوريا الجنوبية، ورحب الرئيس الأمريكى فى مفاجأة لم تشهدها السياسة الدولية منذ عقود.
ويبدو أن ترامب قبل العرض بعد أن أبدى جونج أون اتجاها للتفاوض حول السلاح النووى، ومن الواضح أن مباحثات ورسائل سرية جرت خلال الشهور الماضية بعد زيارة ترامب الآسيوية وتوسيط الصين، وبوادر تحسن فى علاقة كوريا الشمالية بالجنوبية.
الأمور قد وصلت إلى قمة التدهور وتبادل ترامب وجونج أون الشتائم، حيث وصف ترامب أون من قبل بالمعتوه القصير البدين ورجل الصواريخ، ورد كيم جونج بوصف ترامب بالعجوز المخرف المجنون، بل إن ترامب هدد أمام الأمم المتحدة بإزالة كوريا الشمالية من الوجود، وهو تصريح قوبل باستنكار دولى، ووصل التوتر أقصاه عندما رفع كيم جونج أون تهديداته فى يناير الماضى، وقال فى خطابه السنوى «ليس مجرد تهديد لكن الحقيقة أننى لدى زر نووى على المكتب فى غرفة مكتبى.. كل الأراضى الأمريكية فى نطاق ضرباتنا النووية». ورد ترامب على تويتر «أنا أيضا لدى زر نووى، لكنه أكبر بكثير وأكثر قوة مما لديه، وزرى يعمل».
حملت كوريا الجنوبية رسائل الشمال إلى ترامب، وأعلن كيم جونج: «يمكن تحقيق إنجازات كبيرة حال عقد مباحثات مع الرئيس الأمريكى»، ووافق ترامب وسط ترحيب من دول العالم بانتهاء الرعب من تهور رئيسين بدا كلاهما مرشحا لإشعال حرب نووية، وكان الترحيب الأكبر من رئيس كوريا الجنوبية «مون جيه إن»، الذى اعتبر لقاء أون وترامب حدثا تاريخيا يحل السلام فى شبه القارة الكورية، وأيضا الصين تبدو مرحبة بهذا اللقاء، فقد أجرى الرئيس الصينى شى جين بينج «مكالمة تليفونية» مع نظيره الأمريكى حثه فيها على «التحاور بأسرع وقت ممكن» مع كوريا الشمالية.
فيما تبدى أوروبا بعض التخوفات فقد رحب الرئيس الفرنسى بإعلان التوصل إلى اتفاق لعقد قمة تاريخية، وذلك فى اتصال هاتفى مع نظيره الأمريكى ترامب، ودعا إلى حوار جاد مع بيونج يانج، يجب أن يفضى إلى نزع الأسلحة فى شبه الجزيرة الكورية».. ورحب وزير الخارجية البلجيكى ديديه رايندرس بالإعلان عن قمة واشنطن وبيونج يانج ضمن الجهود الرامية لإيجاد حلول بشأن المسألة النووية فى شبه الجزيرة الكورية. وتطالب اليابان بضمانات، وترى أنه لا يجب أن يكافأ كيم جونج أون. وقال رئيس الوزراء اليابانى «شينزو آبى»، إنه لا يجب مكافأة كوريا الشمالية لمجرد موافقتها على إجراء محادثات، ولا تخفيف العقوبات المفروضة عليها ما لم تنته المحادثات لنزع أسلحة بيونج يانج النووية. واليابان أحد الأطراف المهددة بسلاح كوريا النووى، لكن المحللين يشيرون إلى أن اليابان فى حال تأكدها من جدية كوريا الشمالية ربما تكون مستعدة لتقديم أنواع من الدعم.
كوريا الشمالية، ربما تلقت عروضا وضمانات بفك الحصار وتلقى ثمن سخى فى حال وافقت على هيكلة برنامجها النووى، بما يخرجها من أزمة اقتصادية طاحنة، وعلى الرغم من نفى البيت الأبيض لوجود عروض أو تنازلات من قبل الرئيس الأمريكى فإن التحرك السريع يشير إلى نقاط العرض، خاصة أن كوريا الشمالية ترى الصين وهى أحد الأطراف الداعمة تتجه نحو علاقات أقل صداما مع الولايات المتحدة، فى ظل سعى بكين لمواصلة تقدمها التجارى وإسقاط حواجز ترامب، بينما كوريا الجنوبية تبدى سعادة لكونها الطرف الأكثر تضررا من التوتر والتهديد، ولهذا لعبت دورا فى نقل الرسائل السياسية التى نقلت التوترات من سباق مجنون، حيث يمكن أن يولد السلام من الجنون.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة