الأمين العام لدور الإفتاء بالعالم فى حوار لـ"اليوم السابع": العمليات الإرهابية أبرز أسباب تشويه الإسلام فى الغرب.. ومساعى لتوحيد الخطاب الإفتائى.. وتدريب أئمة مساجد الجاليات المسلمة لمواجهة الإسلاموفوبيا

الثلاثاء، 13 مارس 2018 07:00 ص
الأمين العام لدور الإفتاء بالعالم فى حوار لـ"اليوم السابع": العمليات الإرهابية أبرز أسباب تشويه الإسلام فى الغرب.. ومساعى لتوحيد الخطاب الإفتائى.. وتدريب أئمة مساجد الجاليات المسلمة لمواجهة الإسلاموفوبيا الدكتور إبراهيم نجم خلال حواره مع محرر "اليوم السابع"
حوار لؤى على

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يشغل الدكتور إبراهيم نجم منصب الأمين العام لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، تلك الجهة التى تتواصل مع مسلمى المهجر وترسل لهم أئمة مدربين على الإفتاء مدركين تحديات العصر، ويرى نجم فى الوقت نفسه إن المؤسسات الدينية قادرة على تجديد الخطاب الدينى، فهى التى تمتلك الأدوات العلمية التى تؤهلها للقيام بتلك المهمة حسبما قال لـ"اليوم السابع"، وفيما يلى نص الحوار.
 

- ما المجهودات المبذولة فى التواصل مع العالم لتصحيح صورة الإسلام؟

بالفعل نحن فى أمس الحاجة للتعاون المشترك من أجل مواجهة هذه التحديات التى نواجهها جميعًا، وعلى رأسها فوضى الفتاوى والتطرف والإرهاب والإسلاموفوبيا وغيرها من الأمور، ومن أجل ذلك كان لزامًا أن يكون هناك كيانًا عالميا يجمع دور ومؤسسات وهيئات الإفتاء فى العالم، لبحث تلك التحديات ووضع الحلول والإجراءات لمواجهتها، فأنشأنا "الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم" فى 15 ديسمبر 2015.
 
 

- ما هو دور الأمانة العامة لهيئات الإفتاء؟

تقوم بالتنسيق بين الجهات العاملة فى مجال الإفتاء فى جميع أنحاء العالم، بهدف رفع كفاءة الأداء الإفتائى لهذه الجهات وزيادة فاعليتها فى مجتمعاتها، بحيث يصبح الإفتاء من أهم عوامل التنمية فى هذه المجتمعات.
 
كما يتم من خلالها بناء استراتيجيات مشتركة بين دور الإفتاء الأعضاء لمواجهة التطرف فى الفتوى وصياغة المعالجات المهنية لمظاهر التشدد فى الإفتاء، والتبادل المستمر للخبرات بين دور الإفتاء الأعضاء والتفاعل الدائم بينها، وإنشاء النظم التكنولوجية المتطورة الذكية لإيداع الخبرات والانتفاع بها واستثمارها، وتقديم الاستشارات الإفتائية لمؤسسات الإفتاء لتطوير أدائها الإفتائى وتنمية أدوارها المجتمعية.
 

- مر على إنشاء الأمانة حتى الآن 3 سنوات.. ما الذى حققته منذ إنشاءها وحتى الآن فى ضبط الفتوى وتصحيح صورة الإسلام؟

منذ أن أعلنا عن إنشاء الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم ونحن نعقد اجتماعات مستمرة ودورية من أجل توحيد الخطاب الإفتائى على مستوى دور الإفتاء والهيئات الإفتائية من الأعضاء، وتم بالفعل تنفيذ العديد من المبادرات والتوصيات التى تم الاتفاق عليها، منها إنشاء مجلة تحت اسم "مجلة الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم"، وهى مجلة فصلية علمية مُحكَّمة، تصدر بعدة لغات، ومتخصصة فى نشر البحوث العلمية من مختلف دول العالم، ويتم فيها مراعاة تأصيل الحقائق العلمية للمستجدات، وتأصيل ضوابط الإفتاء وتفعيلها فى الواقع العملى، مما يفسح مجال النشر للمتخصصين فى الدراسات الإفتائية والفقهية، سعيًّا إلى نشر صحيح الدين وإزالة اللبس فى القضايا الشائكة والخلافية.
 
 

- كيف تدرب الأمانة العامة للإفتاء الأئمة بالخارج؟

لدينا فى دار الإفتاء إدارة مخصصة لتدريب المفتى يتوافد عليها عدد كبير من المتدربين من مختلف دول العالم، وبالفعل تم تخريج عدد كبير من الدفعات خلال السنوات الماضية، وقبل فترة قامت الدار بتخريج دفعة جديدة من أئمة المساجد والمراكز الإسلامية فى بريطانيا بحضور السفير البريطانى فى القاهرة، حيث تم تأهيلهم فى 11 علمًا من العلوم الشرعية والإنسانية لتساعدهم فى إنزال الحكم الشرعى على الواقعة المستفتى فيها وكيف يلم بأحوال المستفتين فى بلادهم ومواجهة الفتاوى الشاذة والمتطرفة، وهو ما سيسهم بشكل كبير فى تحصين مجتمعاتهم من خطر التطرف، وكذلك تم تخريج دفعات أخرى من دول جنوب شرق آسيا وبعض الدول الإفريقية والبلقان وروسيا وغيرها.
 

- ما ملامح الاستراتيجية الوطنية للتواصل مع العالم الخارجى؟

نعتمد فى بناء الاستراتيجية الوطنية لتفعيل التواصل الدينى مع العالم الخارجى والاستفادة منه على التعرف على واقع التواصل المصرى الدينى مع العالم، ووضع الأهداف والأساسيات والبرامج والآليات التى تعزز ثقافة التواصل والتعارف والمشاركة المعرفية دون انعزال أو مجاملة أو تنازل حضارى أو ثقافى، وتسهم الاستراتيجية فى تجديد الخطاب الدينى والثقافى وجهود مكافحة التطرف والإرهاب.
 

هذا عن الجانب النظرى.. ولكن كيف يتم تطبيق ذلك على أرض الواقع؟

 
يتم ذلك عبر عدة آليات من أهمها: رصد واقع التواصل الدينى المصرى -العالمى، والتشخيص الدقيق لمشكلة تراجع التواصل الدينى مع العالم، وتحديد أهم نقاط القوة والضعف فى منظومة التواصل الدينى المصرى -العالمى، وتحديد التهديدات التى تواجهها منظومة التواصل الدينى المصرى -العالمى، والتحديد الدقيق للأهداف مع مراعاة تحقيقها عبر المدى القريب والمتوسط، وتحديد السياسات الواجب اتباعها لتحقيق الأهداف المحددة ومعالجة معوقات التواصل.
 
كما نقوم بتحديد الإجراءات المطلوبة للمشاركة الفاعلة فى التواصل الدينى المصرى-العالمى من كافة الجهات المعنية، وعلى رأسها المؤسسة الدينية والأجهزة السيادية ووزارة الخارجية وسائر المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدنى، فضلًا عن وضع آليات لتنفيذ الخطة الوطنية للتواصل الدينى مع العالم الخارجى وتحديد آليات المتابعة بشكل دقيق.
 
وسيتم تنفيذ ذلك على أرض الواقع من خلال التواصل مع القيادات الدينية حول العالم، وتعميق التواصل مع الجاليات المسلمة فى الخارج، وكذلك مراكز الأبحاث حول العالم، فضلًا عن مجال التعليم والتدريب، وكذلك التواصل مع وسائل الإعلام العالمية، استثمار المراكز الثقافية والإسلامية، وأيضًا التعاون مع المنظمات الدولية، والاستفادة من الدبلوماسية الشعبية لدعم قوة مصر الناعمة.
 

- من وجهة نظركم من الذى يسيطر على صورة الإسلام فى الغرب وكيف نقوم بتعديلها؟

للأسف، يرجع تشوه صورة الإسلام فى الغرب إلى عدة عوامل من أهمها العمليات الإرهابية التى أصبحت تقع من حين لآخر فى الدول الغربية، مما زاد من موجات الخوف والعداء تجاه الإسلام والمسلمين، فأصبحت الإسلاموفوبيا تجتاح العالم وذلك يحتاج لعقول مدركة لكيفية توصيل رسالة الإسلام السمحة على الوجه الصحيح ومراعاة خصوصية هذه المجتمعات.
 
لذا من الضرورى أن يكون هناك التقاء بين المسلمين وغيرهم مما يعطى تقاربًا وتبادلًا للرؤى ويفسح المجال لإظهار الوجه الحقيقى للإسلام، وهى ضرورة ملحة على كافة المستويات وفى كل المجالات، بل هى خطوة ينبغى أن تستمر ويظهر من خلالها الدور الحضارى للإسلام.
 
ودار الإفتاء أدركت كل هذه التحديات فسعت للتواصل مع دول العالم بعدة وسائل وطرق منها الجولات التى يقوم بها علماء الدار فى قارات العالم أجمع لتصحيح صورة الإسلام، وكذلك التواصل مع الجاليات المسلمة وتدريب أئمة مساجد الجاليات المسلمة فى الخارج، وإنشاء مرصد للإسلاموفوبيا لتحليل هذه الظاهرة ومحاولة مواجهتها بطريقة فكرية منظمة.
 
 

- كيف استفادت دور الإفتاء من الثورة التكنولوجية ومواقع التواصل الاجتماعى؟

 
سعت الدار للاستفادة بشكل كبير من الثورة التكنولوجية الهائلة والفضاء الإلكترونى فى التواصل مع العالم، فأنشأت صفحات بلغات مختلفة على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، فضلًا عن الموقع الرسمى لدار الإفتاء الذى يتلقى الفتاوى ويعرض الأحكام الشرعية بوسائل حديثة وبأكثر من 11 لغة، وكذلك الجولات الخارجية لعلماء الدار فى الخارج من أجل التواصل وتصحيح صورة الإسلام.

- هناك تحدٍ كبير يتمثل فى إيجاد خطاب دينى يواكب متغيرات العصر وأسلوبه .. كيف تعاملت مع هذا؟

هذا صحيح .. فنحن نعانى من فجوة فكرية كبيرة جدًا بسبب أن الكثير من العلماء والفقهاء ظلوا على مدار حقب وسنين يصدرون الفتاوى والأحكام والمؤلفات فيما يخص غير المسلمين الذين يعيشون فى البلاد المسلمة، ولم يلتفتوا بشكل كبير إلى الجاليات المسلمة التى تعيش فى الدول الغير مسلمة أو الدول الغربية، لذا أصبح هناك فجوة كبيرة لدى هؤلاء المسلمين هناك، وأصبح هناك تخبط فى الأحكام وتشتت لديهم.

 

 
وهذا يجعلنا فى حاجة كبيرة إلى وجود ما يسمى بفقه الأقليات الإسلامية فى الخارج يدرس أحوال المهاجرين المسلمين إلى تلك البلد لتجد سبيلها إلى أحكام فقهية تيسر وتسهل حياتهم، وتساعدهم على الاندماج فى مجتمعاتهم الجديدة دون تصادم معها أو تهاون فى هويتهم الإسلامية، بل تحاول التوفيق بينهما.
 

- فى تقديرك ما هى أسس تجديد الخطاب الدينى؟

 
وهناك مجموعة من الأسس التى تضبط عملية تجديد الخطاب الدينى الموجه إلى الغرب منها التأكيد على أن الوجود الإسلامى اليوم فى الغرب ليس وجودًا طارئًا أو استثنائيًا ولم يعد مجرد جماعات مهاجرة للعمل لا تلبث أن تعود إلى بلدانها، بل أصبح جزءًا من النسيج الاجتماعى لسكان تلك البلاد، خاصة أن أغلبية المسلمين هناك هم من جيل الشباب، وثانيًا من الأهمية بمكان التأكيد على أن الوجود الإسلامى فى أوروبا هو أمر مفيد للمسلمين وللمجتمعات والدول الغربية على السواء، ويمكن أن يمثل المسلمون هناك حلقة وصل للحوار الحضارى والتواصل الثقافى والفهم والاستيعاب المشترك دون ذوبان أو فرض أنماط ثقافية ودينية معينة على أصحاب المعتقد من الجانبين.
 

- يتهم البعض المؤسسات الدينية بأنها غير قادرة على تجديد الخطاب الدينى فما هو ردكم؟

 
إذا كانت المؤسسات الدينية التى تمتلك المنهج الصحيح والعلم الراسخ والعلماء الأثبات ليست قادرة على القيام بواجب تجديد الخطاب الدينى فمن إذًا يكون لديه القدرة على حمل راية التجديد، خاصة وأن التجديد لا يقوم على نظرة أحادية أو فرد بعينه، هو يحتاج إلى رؤية جامعة، وهذه الرؤية تتوافر لدى المؤسسات الدينية، فالتجديد لا بد أن تضطلع به تلك المؤسسات لامتلاكها الطاقات البشرية والعلمية القادرة على هذا الأمر بالإضافة إلى المنهج والعلم أيضًا.
 

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة