"الكتاب المقدس" كان أولى الكتب المطبوعة فى التاريخ البشرى، وذلك بعدما قدمه يوهان جوتنبرج، فى 13 مارس 1455، فى معرض فرانكفورت التجارى، بعد طباعته على الآلة التى اخترعها والمكونة من قوالب لصب الأحرف، ومن مطبعة عبارة عن مكبس نبيذ وتجليد كتب، وحبر أسود مصنوع من الزيت.
بعد هذا التاريخ انتشرت الكتب وتزايدت بشكل كبير، فى كل أنحاء أوروبا، لكن ظل العالم الإسلامى الذى تحكمه الدولة العثمانية بعيدًا عن كل ذلك، بعدما حرم العثمانيون هذه الآلة الجديدة.
وبحسب كتاب "عصر التكايا والرعايا: وصف المشهد الثقافى لبلاد الشام فى العهد العثمانى" لـ شاكر النابلسى، فإن العثمانيين كانوا أول من عرف الطباعة فى الشرق كله، ويرجع الباحث عبد العزيز جمال الدين ذلك إلى أنه كان حدث بسبب دخول المهاجرين اليهود إلى الأراضى العثمانية.
الغريب أن السلاطين العثمانيين قاوموا الطباعة فى بداية الأمر، كما فعل السلطان "بايزيد الثانى" عندما أصدر قرارا فى عام 1493، حرم فيه استعمال الطباعة، على رعايا الدولة العثمانية قبل أن يتراجع ويسمح بها لليهود فقط، وكان السبب الظاهر لهذا التحريم هو الخوف من طباعة الكتب الدينية، أما السبب الخفى فهو الخوف من انتشار العلم والمعرفة وتحول الرعايا إلى مواطنين مطالبين بالحقوق المدنية.
وبحسب مقال للدكتور عبد العزيز جمال الدين بعنوان "تحريم الطباعة في الدولة العثمانية بين النظرية والتطبيق" فإن تاريخ دخول المطابع الحديثة إلى تركيا مضطرب، ولم تتفق المصادر على تحديد بدايته، حيث ورد أن بداية معرفة الأتراك للمطابع الحديثة كان مع دخول المهاجرين اليهود إلى الأراضى العثمانية، عندما حملوا معهم مطبعة تطبع الكتب بعدة لغات هى: العبرية، واليونانية، واللاتينية، والإسبانية، فطُبعت التوراة مع تفسيرها فى عام 1494م، وطبع كتابٌ فى قواعد اللغة العبرية عام 1495م، وطبعت كتب أخرى بعدة لغات فى عهد السلطان بايزيد الثانى (886-918هـ /1481-1512م) بلغت تسعة عشر كتابًا.
ويذهب عبد العزيز جمال إلى أن بعض الباحثين يؤكدون أن الأستانة عاصمة الأتراك العثمانيين هى أول بلد شرقى يعرف المطابع الحديثة، ويرجع ذلك إلى عام 1551م، فى عهد السلطان سليمان الأول القانونى (926-974هـ/ 1520-1566م)، وكانت ترجمة التوراة إلى اللغة العربية، والتى قام بها سعيد الفيومى المصرى وهى أول كتاب يطبع فى تركيا فى ذلك العام.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة