الأسبوع الماضى كنا على موعد مع تحرك أمريكى كويتى متناسق من أجل التوصل إلى حل للأزمة القطرية، وزار مبعوثو البلدين الرباعى العربى «مصر والسعودية والإمارات والبحرين»، فضلا عن الدوحة، وكانت هناك توقعات بأن يتم التوصل للحل خلال أيام، لكن مرت الأيام دون جديد، فماذا حدث؟.
ما حدث أن الولايات المتحدة أرادت تسريع وتيرة المصالحة، حتى تضمن عقد القمة الخليجية الأمريكية فى كامب ديفيد مايو المقبل، لأنه سمعت أحاديث خليجية بأن القمة من الصعب عقدها فى ظل الوضع الحالى، لأن قادة الخليج لن يقبلوا بالجلوس على طاولة واحدة مع أمير قطر، تميم بن حمد، لذلك ذهبت الإدارة الأمريكية إلى الكويت ونسقت معها التحركات، وتم التوصل إلى فكرة أن تعلن واشنطن والكويت أنهما تضمنان تنفيذ قطر لكل مطالب الرباعى العربى، كبداية لحل الأزمة، وأن تراقب الدولتان كل التحركات القطرية مستقبلا، ويبدو أن هذا الطرح الذى جاء من واشنطن هو آخر ما تم التوصل له خلال المشاورات التى دارت مؤخرا بينها وبين تنظيم الحمدين فى قطر، خاصة أن الأخير لا يريد التوقيع على اتفاقات مكتوبة، كما أنه لا يريد شىء ملزم، خاصة فى مسألة فك ارتباطه بالتنظيمات الإرهابية الموجودة فى عدد من دول المنطقة، لأن هذا القرار ليس قطريا خالصا، وإنما تتشارك فيه تركيا ومن بعيد إيران، وكل المؤشرات تؤكد أن تركيا تستخدم هذه التنظيمات والميليشيات الإرهابية لتحقيق أهدافها فى العراق وسوريا وليبيا، ولن تسمح بالقضاء عليها إلا بعد الحصول على ما كانت تسعى له.
أمام هذا الوضع لم يجد الرباعى العربى أى جديد، فالدوحة لا تزال تناور، مستخدمة فى ذلك العلاقات الخفية والمريبة التى تربطها بعناصر داخل الإدارة الأمريكية من بينها وزير الخارجية تيلرسون، الذى ظهر من البداية مناصرا لتنظيم الحمدين، لأسباب اقتصادية خالصة، وهو ما كشفت عنه وسائل إعلام أمريكية، لذلك كان القرار الذى أوصلته دول الخليج للمبعوث الأمريكى أنها غير مقتنعة بعقد قمة كامب ديفيد فى الوقت الحالى، لأن هذه القمة إذا عقدت ستمنح الدوحة قوة لا تتسق مطلقا مع وضعها الحالى، كإمارة «مارقة» وممولة للإرهاب، كما رأت دول الخليج أن القبول بفكرة الضمانات الأمريكية وإعلان الدوحة التزامها بمطالب الرباعى العربى لا يعنى أن الأزمة انتهت بالكامل، لأن أجواء الضخ الإعلامى فى قناة الجزيرة والقنوات الإخوانية الممولة من قطر لا يشجع مطلقا على الخروج بنتائج تصالحية، وأن الموضوع يتطلب مزيدا من الوقت للوقوف على نوايا الدوحة الحقيقية، خاصة أن ما حدث فى 2013 ليس ببعيد، حينما أعلن أمير قطر التزامه لدول الخليج بالتوقف مطلقا عن أى شىء يضر بالأمن القومى الخليجى والمصرى، وبعدها بأيام عاد إلى سيرته القديمة، لذلك فإن الرباعى العربى ليس متسرعا فى أمره، ويريدون التحقق قبل أى شىء من صدق النوايا القطرية.
كل هذا لا يعنى أن الرباعى العربى يقفون حجر عثرة أمام الوساطة الأمريكية والكويتية، لكنهما أكثر انفتاحا على أجواء المصالحة، وتدرك ذلك الإدارة الأمريكية وأمير الكويت الذى يكن له قادة الرباعى احتراما وتقديرا كبيرا لما يبذله من جهود صادقة للم الشمل، لكن فى المقابل فإن الدولتين تعلمان أيضا أن الكرة فى ملعب الدوحة منذ إعلان الرباعى العربى قراره بقطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع قطر فى الخامس من يونيو 2017، فالقرار كان مبنى على وقائع واضحة للجميع، ولا سبيل للالتفاف حولها، كما لا يخفى على أحد محاولات تنظيم الحمدين أحداث الوقيعة بين دول الرباعى ودولتى الوساطة وتحديدا الكويت من خلال تصريحات تشكك فى هذه الوساطة، وغيرها من الأمور التى ما كان ينبغى أن تصدر من الدوحة تجاه الكويت ولا أميرها.
بالتأكيد فإن التحركات الأمريكية الكويتية مستمرة ولن تقف، على أمل التوصل إلى حل، لكن الأمر المؤكد أيضا أن موقف الرباعى العربى واضح ولا لبس فيه، ولن يحدث فيه أى تغيير لأنه مبنى على قناعة، بينما قطر هى من تخرب أى جهود للوساطة، بل أنها لاتزال تدفع ملايين الدولارات لمؤسسات وجميعات وشخصيات دولية من أجل تشويه صورة الرباعى العربى، كما فعلت مؤخرا مع المفوض السامى لحقوق الإنسان زيد بن رعد، وغيره ممن ارتضوا أن يكونوا دمية فى يد الريال القطرى الحرام.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة