قبل ساعات قليلة رحل عالم الفيزياء البريطانى الشهير ستيفن هوكينج، قبل أن يشهد نهاية الحياة على كوكب الأرض التى تنبأ أن تكون خلال 100 عام فقط.
هوكينج لم يكن مجرد عالم فيزياء متميز له نظريات ورؤى مختلفة، ولكنه مثل حالة خاصة من التحدى على مدار سنوات حياته الـ76 والتى عاش ثلثيها فاقد القدرة على الحركة، وتطور الأمر إلى فقد القدرة على النطق حتى، حيث كان يعاني من شكل نادر مبكر الظهور وبطيء التقدم من التصلب الجانبى الضمورى، المعروف باسم مرض "العصبون الحركى" أو مرض "لو-جريج"، الذى سبب له شلل تدريجى على مدى عقود من الزمن.
العالم المثير للجدل تنبأ بنهاية الحياة على كوكب الأرض خلال ألف عام، وذلك فى حديث له عام 2016، ولكن فى أقل من عام، كانت تنبؤاته أقل تحفظا بكثير ليتوقع نهاية الحياة فى 100 عام فقط، أى خلال قرن من الزمن، وعلى البشرية أن تجد مكانا آخر للعيش فيه خلال الثلاثين عاما المقبلة، ويرى أن البديل هو سطح القمر تمهيدا للانتقال إلى الكوكب الأحمر "المريخ".
العالم الفيزيائى حذر أيضا من الذكاء الاصطناعى الذى اعتبره "أسوأ ما حدث للبشرية"، محذرا من أن يطور الذكاء الاصطناعى إرادة خاصة به، بدلا من أن ينفذ إرادة البشر، ويتطور الأمر فى غير صالحنا بصورة كبيرة، وهى الرؤية التى جسدتها أفلام هوليود السينمائية التى توقعت سيطرة الآلات والروبوتات على البشر بل ومحاولتهم السيطرة على كوكب الأرض فى المستقبل، وقد تكون هذه الأفلام مبالغة فى الخيال، ولكنها تتفق إلى حد كبير مع ما ذهب إليه عقل هوكينج.
لم تقف تنبؤات هوكينج عند نهاية الأرض أو سيطرة الروبوتات على البشر، ولكن لديه نظرية تفيد أن حياة البشر أنفسهم ستنتهى خلال أقل من 600 سنة، عندما تصبح الأرض مكتظة جدا بسكانها، بما يترتب عليه استهلاك موارد الطاقة بأكملها واحتراق الكوكب لتصبح الأرض شبيهة بالمريخ.
لم تكن نظرياته وتوقعاته الصادمة هى فقط ما يلفت النظر والانتباه الدائم لهذا العالم الذى عرف بإلحاده، ولكن كانت حالته الصحية محيرة طوال الوقت للأطباء، فعندما تم تشخيص مرضه عام 1963 عندما كان عمره 21 عاما بمرض العصبون الحركى، توقعوا أن تنتهى حياته خلال عامين، ولكنه ظل حيا لسنوات عديدة، ورغم أن جسده لم يعد قادرا على الحركة، ولم يعد بإمكانه كتابه المعادلات الرياضية المعقدة بل وحتى قدرته على الكلام أصبحت محدودة، ولكن ظل عقله يقظا يعمل دون توقف، حتى وافته المنية فجر اليوم.
ومع تطور مرضه، وبسبب إجرائه عملية للقصبة الهوائية بسبب التهاب القصبة، أصبح هوكينج غير قادر على الحركة تماماً أو النطق، فقامت شركة إنتل للمعالجات والنظم الرقمية بتطوير نظام حاسوب خاص متصل بكرسيه المتحرك يستطيع هوكينج من خلاله التحكم بحركة كرسيه والتخاطب باستخدام صوت مولد إلكترونى وإصدار الأوامر عن طريق حركة عينيه ورأسه، حيث يقوم بإخراج بيانات مخزنة مسبقاً فى الجهاز تمثل كلمات وأوامر.
"أنا عالم فيزياء وعالم كون وإنسان حالم" هكذا وصف نفسه هوكينج فى فيمله التسجيلى الشهير "فى الكون مع ستيف هوكينج – قصة كل شئ"، والذى ظهر فى أولى مشاهده فاقد الحركة على كرسيه المتحرك المتصل بالكمبيوتر، ولكن عيناه تتحركان نحو الكون ويقول: "رغم أننى لا استطيع الحركة وأن على أن اتكلم عبر كمبيوتر لكن فى عقلى أنا حر لأتجول فى الكون".
هكذا وصف هوكينج نفسه فجسده حبيس المرض ولكن عقله ظل حرا يعمل دون توقف ليبحث ويدرس ويتنبأ ويقدم للبشرية علمه حول الكون الواسع.
هوكينج لم يكن مجرد عالم فيزياء اشتهر بنظرياته وإرادته ومقاومته لكل الصعوبات، ولكن كان أيضا لديه مواقف سياسية شهيرة، فكان معارضا لسياسات إسرائيل العدوانية تجاه الفلسطينيين، واعتبر غزو العرق "جريمة حرب"، كما كان من أشد المهاجمين لانسحاب الرئيس الأمريكى ترامب من اتفاقية باريس للمناخ، لأن هذا يهدد بزيادة الاحتباس الحرارى للكرة الأرضية، وزيادة مخاطر تغير المناخ.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة