محمد الدسوقى رشدى

معارك وجع القلب وإهدار الوقت

الخميس، 15 مارس 2018 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كل هذا الخلل فى ترتيب دفتر أولويات هذا الوطن تتحمله نخبة غير قادرة على رسم خريطة محبة هذا الوطن، تتحرك بلا وعى واضح، فتصنع فى فضائه ما يشغل الناس عن ما يحدث فى أرضه، يفتحون المجال أمام تافه الأمور، وتبخل عقولهم عن فتح المساحات أمام ما هو أهم، يعيشون فى زمن «اللقطة» و«الشو» وكل ما يمنحهم وجودا شخصيا داخل ساحة المكاسب، لذا تعلو أصواتهم وتنفرد المساحات بلا بخل وهم يعيشون صراع الأهلى والزمالك ولعبة التجديد لعبد الله السعيد، بينما تهتم نفس الألسنة على استحياء، وتنكمش المساحات وهى تتكلم عن حرب حقيقية يخوضها أبناء الجيش والشرطة فى سيناء، تفتح الصفحات وبرامج الهواء للحديث عن أكذوبة النار التى يشعلها الجن، ويعلو مستوى الابتكار فى عرض صراع مسلسلات رمضان، بينما تضيق الساحات وتتخذ أشكالا نمطية وهى تزف للرأى العام أخبارا عن إنجازات جديدة فى مجالات الطاقة والبنية التحتية.
 
فى غفلة من الزمن ظهر المونولجست عادل الفار، ومن بين فيض إنتاجه الهزلى ألقى على مسامع المصريين الحكمة الشهيرة القائلة: «أنا بتشغل نفسى كتيير.. أنا بشتغل نفسى كتيير.. أنا بشتغل نفسى محدش بيشتغلنى»، قالها عادل الفار وهو يظنها أغنية ضاحكة، بينما فى الواقع كان يضع حجر أساس تعريف الشخصية المصرية وتحديدا أهل النخبة فى الإعلام والثقافة والفن، المغرمة بمعارك لا طائل من ورائها سوى وجع القلب وإهدار الوقت.
 
بعضهم يهوى اشتغال نفسه، والبعض الآخر يهوى ترك نفسه كى تكون اشتغالة للغير والنتيجة دوما شعب يلعب فى وقت ضائع من عمر الوطن، وخزائن مجتمع تمتلئ بالكثير من الغضب والشتات والتقسيم فى حائط اجتماعى يشكو من الشروخ، والشروخ تصنعها معارك تافهة، والمعارك التافهة يصنعها راغبون فى الشهرة، أو شاشات تبحث عن مادة ساخنة تجذب المشاهد، والمشاهد يبحث عن التسالى، والتسالى فى بطن القضايا الجدلية، والجدل يحتاج إلى مجتمع يهوى مناقشة الأفكار، والأفكار فى مصر لا تجد من يناقشها بجدية والدليل فى القائمة التالية.
 
1 - لماذا يخبروننا جميعا بأن مرتضى منصور رجل الضجيج الذى لا نحصد منه أى طحين، والشوشرة التى لا ناتج مفيد منها، بينما يسمحون له بكل بساطة أن يسوقهم خلفه كما القطيع بأكذوبة جديدة عن «صفقة القرن» وعن صراع مع دول تستهدف الزمالك، وحكايات العفاريت والدجل والمؤامرة على الزمالك؟
2 - لماذا ينصحوننا بترك التافه من البشر على مواقع التواصل الاجتماعى، بينما يفتحون لهم الصفحات والأبواب والأستديوهات لإشعال جدلهم وإقحام الرأى العام فى معارك جانبية مثلما حدث مع الشيخ ميزو وإسلام بحيرى وغيرهما؟
3 - لماذا تلاشت معركة عذاب القبر والثعبان الأقرع دون مناظرة فكرية واحدة بين الرافضين والمؤيدين؟
4 - لماذا أشاعوا فى فضاء الرأى العام أكاذيب عن صراعات بين الأزهر والدولة وشككوا الناس فى مؤسسات دولتهم ثم صمتوا فجأة وكأن هدر الوقت لعبة لا يحاسب عليها أحد؟
5 - لماذا سمحوا لإعلام الإخوان أن يخترق أفراح الوطن بإنجازاته واستقراره ويجرهم لأحاديث عن صفقة القرن وأرض سيناء، ثم صمتوا فجأة بعدما اكتشفوا أن الإعلام الإخوانى ألقى لهم بطعم يحولهم إلى أداة مساهمة فى العكننة على المصريين؟
حاول أن تبحث عن أى إجابة يصلح وضعها بعد علامات الاستفهام السابقة، وقتها فقط ستفهم عمر المواطن المصرى فيما أفناه، وأحلامه فيما أهدرها، بسبب نخبة تحذره فى النهار من السقوط فى فخ الانشغال عن أولويات الوطن، بينما هى تصنع له فى المساء كل ما يشغله عن الوطن ذاته.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة