تعجز الكلمات عن وصف الملحمة الوطنية التى سطرها المصريون فى الخارج أمام اللجان الانتخابية، منذ فتحها أبواب الاقتراع، أمس الأول الجمعة، ومستمرة حتى اليوم، ضاربين عرض الحائط بكل الدعاوى السلبية والسوداوية التى أطلقها دعاة الفتن والقتل والإرهاب، بل إنهم استطاعوا أن يلقنوا الإرهابيين والمخربين دروساً فى الوطنية والاصطفاف خلف الدولة المصرية، وهو ما ظهر على أنصار الإرهاب الذين وقفوا مذهولين أمام قدرة المصريين على تحدى كل الظروف والصعاب، ليقفوا فى خندق واحد مع الدولة المصرية.
فى أوروبا اصطف المصريون فى الطوابير متجاهلين برودة الجو، وهو ما حدث أيضاً فى كندا ونيوزيلندا وأستراليا والولايات المتحدة، وغيرها من الدول التى تشهد انخفاضا فى درجات الحرارة، لكن توافد المصريين أشعل الأجواء، وهو ما تكرر فى الدول العربية، فى الكويت التى شهدت ما يمكن أن نطلق عليها انتفاضة مصرية أمام السفارة المصرية التى أحسنت استقبال آلاف المصريين، ووفرت لهم كل وسائل الراحة، كما حدث أيضاً فى السعودية والإمارات والبحرين وسلطنة عمان وغيرها من الدول التى كانت قد شهدت على العرس الديمقراطى المصرى، حتى فى قطر وتركيا، لم يخش المصريون هناك من بطش تنظيم الحمدين ولا نظام أردوغان الديكتاتورى، بل خرجوا وأعلنوها صراحة «تحيا مصر»، ورقصوا أمام السفارات المصرية، ليس تحدياً لأحد، وإنما ليعلم الجميع أن أبناء مصر أوفياء لبلدهم.
كل من رأى طوابير المصريين أمام السفارات والقنصليات المصرية فى الخارج تأكد أن أبناء مصر هم خير مدافع عنها، ولديهم القدرة على التصدى لكل أعدائها، وهم مجتمعون على قلب رجل واحد، وعلى قدر المسؤولية الوطنية، ويكتبون صفحة جديدة فى صفحات النضال الوطنى، فقد شارك المصريون بكثافة عالية وتوافدوا أمام السفارات والقنصليات الصغير قبل الكبير، رجال ونساء، الكل عازم بكل قوة على استكمال مسيرة البناء والتنمية، والحفاظ على مكتسبات وطنهم الغالى، حاملين فى أيديهم رسالة موجهة للعالم كله بأن شعب مصر بالخارج أو بالداخل كلهم يقفون خلف القيادة السياسية المصرية بكل قوة من أجل الوطن، وأنهم قادرون على حماية وطنهم فى مواجهة العدو، سواء كان إرهابا أو راغبين فى كسر مصر وشعبها.
على مدار اليومين الماضيين تلقيت العديد من الاتصالات الهاتفية من مصريين مقيمين بالخارج وسفراء لنا مبهورين بهذا الأداء الراقى لجالياتنا، كما توالت الصور والفيديوهات المبهجة، الكل سعيد أنه شارك فى هذه اللحظة التاريخية والحاسمة، وأن له صوتا فى تحديد مستقبل مصر، نعم الجميع خرج مؤيداً للرئيس عبدالفتاح السيسى لأسباب يطول شرحها، لكن المهم أن المصريين لايزالوا مصممين على إبهار الجميع فى الداخل والخارج، أبهروهم فى 30 يونيو 2013 حينما ثاروا على حكم الإخوان الفاشى، ورفضوا الخنوع لحكم المرشد والإرهابيين، وها هم اليوم يعودون مرة أخرى إلى حالة الإبهار.
سمعنا خلال الأسابيع الماضية دعوات المقاطعة من محترفى إفساد الفرحة، وكاد هؤلاء أن يصدقوا أنفسهم من كثرة أكاذيبهم، لكنهم اليوم شعروا بمكانتهم الحقيقية التى لا تتجاوز حسابا شخصيا على موقع «فيس بوك» أو تغريدة على تويتر تبحث عن علامة إعجاب من هنا أو هناك، فهم يعشقون العالم الافتراضى، لأنه لا يكشف حقيقتهم، فوجودهم على الأرض منعدما ولا تأثير له، وأعتقد أنهم أصيبوا بالجنون حينما رأوا طوابير الناخبين أمام السفارات والقنصليات المصرية، وسيقتلهم الجنون بعد أسبوع، حينما يروا المصريين فى الداخل وهم يعزفون سينفونية الوطنية.
المصريون بالخارج هم امتداد لنا بالداخل، ولديهم تقدير قوى للمسؤولية الوطنية، ويمكن القول إنهم جنود وسفراء مصر فى الخارج الذين يتحدوا لهزيمة الإرهاب ومن ورائه من قنوات إعلامية موجهة فى دول تحمل العداء والكره لمصر، ولا يجب أن نغفل الدور الذى قامت به سفاراتنا بالخارج لتوفير كل وسائل الراحة للناخبين، والتواصل معهم وشرح كل آليات التصويت التى وضعتها الهيئة الوطنية للانتخابات، فقد قامت السفارات بدور يستحقون عليه الشكر، ويكفى أن اليومين الماضيين رغم الحشود الكثيرة مرا دون أدنى شكوى، فكل التحية والتقدير والاحترام لأهلنا أولاد مصر الشرفاء فى الخارج، لأنهم رسموا على وجوهنا جميعاً الابتسامة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة