ربما كان مشهد المصريين فى الخارج هو الرد الأهم على أية دعوات خرجت الأسابيع الماضية بمقاطعة الانتخابات الرئاسية 2018، لأنه لم يتوقع المراقبون للمشهد الانتخابى ظهور طوابير أمام السفارات والقنصليات المصرية بالخارج، ولم يتوقع المراقبون أيضا أن الحشد سيستمر فى الأيام الثلاثة للتصويت دون أن يقتصر على اليوم الأول فقط، كما لم يتوقع المراقبون أن أجواء الاحتفالات ستصاحب المشهد الانتخابى بصور مختلفة تدفع كل مواطن مصرى فى الداخل أن يتحلى بالمسؤولية الوطنية وينزل لصناديق الانتخابات أيام 26 و27 و28 من الشهر الجارى.
عدد من الدروس المهمة التى يمكن استنتاجها من الحشد الكبير للمصريين فى الخارج، يمكن توضيحها فى النقاط الآتية:
بات واضحا أن المصريين فى الخارج ينظرون لمصر بصيغة مختلفة وبفلسفة مغايرة، نحن فى الداخل غارقين فى التفاصيل من ارتفاع أسعار وزحام طرق وحوادث قطارات ومعارك كلامية على شاشات التليفزيون، بينما المصريون فى الخارج ينظرون لمصر بشكل أوسع وبإدراك يدفعهم للوقوف على تفاصيل من نوعية استقرار الدولة وبنائها ومشاريعها المستقبلية والوضع الحالى للدول المجاورة، وهى مقارنة فى الحقيقة منطقية، وبلا شك تدفعهم للاحتشاد أمام صناديق الانتخابات كما شاهدنا فى الأيام الثلاثة للتصويت.
فى الغالب تتولى وزارة الخارجية المصرية الرد على أى ادعاءات سلبية عن الدولة المصرية فى أى محفل دبلوماسى، وفى نفس السياق تتولى الهيئة العامة للاستعلامات نفس الأمر فى أى محفل إعلامى، والغرض من التحرك فى كلا المسارين تقديم نموذج محترم عن الدولة المصرية فى الخارج، نفس الهدف كان واضحا من الشكل الذى ظهر به المصريون فى الخارج، الاحتشاد أمام السفارات بزى العلم وبأغانى تسلم الأيادى وقالوا إيه وهم دول المصريين، لم يكن فقط حبا فى الأغانى أو بمناسبة التجمعات أمام السفارات، ولكن كان يحمل رسالة ضمنية لأهالى كل دولة من دول العالم، لحكومات العالم، أن الشعب المصرى والجاليات فى الخارج تقف على قلب رجل واحد من أجل استقرار البلاد والسمعة الطيبة لها، ولك أن تصدق أن المظهر اللائق للمصريين فى الخارج دفع عددا من السياسيين الأجانب لزيارة السفارات والاطلاع على النموذج المصرى فى الانتخابات الرئاسية، كما جرى فى ألمانيا.
الدرس الثالث والأهم يندرج تحت المثل الشعبى «الشعب المصرى مع عدوه كياد بطبعه»، وهذا المثل تحقق فى دولة قطر، لو راجعت صور وفيديوهات المصريين خلال عملية التصويت فى الايام الثلاثة، ستكتشف حرص المصريين بالدوحة على الغناء والرقص وترديد الشعارات والاناشيد الوطنية فى محيط مقر التصويت، من أجل توصيل رسالة للمسؤولين فى قطر أن المصريين لا يخافون ومستمرون فى التنمية والبناء رغم كل المحاولات الخبيثة لقناة الجزيرة وسمومها الإعلامية ضد الشعب المصرى.
الراجح أن الشعب المصرى يحمل جينات مختلفة عصية على التصنيف، لا يمكن توقع ردود الأفعال، يغضب المواطن سريعا ويثور لأجل قضيته ويقدم روحه فداء لها، وفى وقت البناء يهدأ ويسمع وينصت ويقدم على أى عمل يزيد من ثبات الدولة.
الحقيقة وجب تقديم الشكر لكل أهالينا من الجاليات المصرية فى الخارج، ممن قدموا صورة مشرفة.
حمى الله مصر وحفظ أبنائها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة