72 ساعة تٌخلد فى تاريخ مصر، خلالها استطاع أبناؤها المنتشرون بعواصم العالم شرقا وغربا أن يرسموا خارطة طريق لمستقبلها، جنود المحروسة فى الخارج تمسكوا بحقهم فى التعبير عن رأيهم وخرجوا عن بكرة أبيهم على مدار ثلاثة أيام للتصويت فى انتخابات الرئاسة 2018 فى مشهد حضارى أبهر العالم، هذا الحق الذى حصل عليه المصريون بعد ثورتين، جاد فيها جميع أبناء الشعب بالغالى والنفيس.
فخلال الأيام الماضية كانت الصورة هى العنوان الأهم والتى حملت مشهدا واحدا فى جميع العواصم العربية والغربية، وجوه مصرية تتشارك فى الملامح والروح اصطفت فى طوابير بالساعات أمام السفارات والقنصليات متمسكة بحقها الدستورى حريصة على المشاركة بصوتها لصنع مستقبل بلدها.
المصريون فى نيويورك
ومن الصور يمكن استخلاص العبر.. فجميع تلك الصور حملت رسائل عديدة وجهها المصريون بالخارج الى العالم الذى وقف يراقب ويشاهد هذا الشعب وإصراره على إبهار الجميع، وإلى وطنهم الأم مصر، حيث ذهبوا إلى اللجان حاملين معهم كل معانى الانتماء والولاء لمصر.
المصريون أثبتوا عن حق أن الانتماء لا يرتبط بحدود جغرافية تعيش بداخلها، وإنما حب الأوطان يتجاوز الحدود والظروف والصعاب ويعيش داخل القلوب مهما تباعدت المسافات، والأمثلة التى برزت خلال أيام التصويت كثيرة ، فهناك أسعد عبد الجليل الذى لم تمنعه المسافات من المشاركة فى صنع المستقبل، حيث سافر لمدة يومين كاملين فى المغرب من مدينة العيون إلى الرباط ليدلى بصوته ويشارك فى هذا العرس الديمقراطى.
احتشاد المصريين
وعلى سبيل المثال لا الحصر.. سيدة الكويت التى لم تمنعها آلامها بعد ولادتها من تلبية نداء الوطن، حيث توجهت سيدة مصرية مقيمة فى دولة الكويت، فى اليوم الثانى من الانتخابات الرئاسية، بعد ولادتها مباشرة من المستشفى إلى مقر السفارة المصرية، وكذلك السيدة البسيطة المسنة فى أمريكا والتى تكلفت 50 دولارا فى المواصلات لتصل لمقر السفارة.
أما المشهد اللافت فى الانتخابات الرئاسة 2018 بالخارج ، هو أن السفارات كانت ممتلئة بأسر كاملة وكأنهم فى نزهة، حيث عمد المصريون إلى اصطحاب أطفالهم خلال عملية التصويت رافعين أعلام مصر وهو أبرز مثال على حرص المصريون توريث حب الوطن للجيل الثانى والثالث، تلك الأجيال التى من بينها من لم يتطأ قدمه أرض مصر من قبل.
مصريون بالكويت
وقال السفير بدر عبد العاطى سفير مصر فى ألمانيا، إن ظاهرة اصطحاب الأطفال كانت ملفتة جدا والذين رددوا هتافات مثل "تحيا مصر"، رغم أن بعضهم لا يتحدث العربية، وفى إيطاليا عمد السفير هشام بدر سفير مصر فى روما الى فتح مقر السفارة - والتى كانت أحد القصور الملكية وتحمل الكثير من ملامح تاريخ مصر فى تلك الفترة - للأطفال الذين جاءوا مع والديهم للتعرف على تاريخ وحضارة بلدهم.
توريث حب الوطن ظهر جليا فى حشود الشباب التى شاركت بكثافة فى الانتخابات الرئاسية، على عكس كل ما روج البعض بأن الشباب لديه عزوف عن المشاركة فى الحياة السياسية، حيث أجمع سفراء مصر بالخارج أن الشباب المصرى سيطر على الطوابير الانتخابية بجدارة ومنذ اللحظات الأولى، وأدحض كل الدعاوى الباطلة.
امام مقر السفارة
أما المرأة المصرية، فلم يكن غريبا عليها الاحتشاد منذ اللحظات الأولى أمام اللجان الانتخابية، فتاريخ المرأة المصرية زاخر بالمواقف المشرفة تلبية لنداء الوطن ولا أحد ينسى خروجها فى ثورتى 25 يناير و30 يونيو دفاعا عن مستقبل بلدها وهويتها المدنية، حتى أن صحيفة الشرق الأوسط اللندنية أثنت على مشاركة سيدات مصر بكثافة فى التصويت، اللاتى ذهبن للجان رافعات الأعلام المصرية، ومرتديات تيشيرتات تحمل شعار تحيا مصر.
الرسالة الأعم خلال الثلاثة أيام الماضية أن المصريين فى الخارج أظهروا إصرارا على المشاركة فى بناء مستقبل بلدهم وأن يكون صوتهم مسموعا حتى ولو كانوا يعيشون خارج الحدود، فمئات الآلاف من المصريين لم تمنعهم المسافات التى تفصل بين أماكن إقامتهم والمقار الانتخابية، ولا التقلبات الجوية التى تزامنت مع فترة التصويت حيث اجتاحت أوروبا موجة برد وتساقط للثلوج ولا ارتفاع الحرارة فى إستراليا، كما لم تشغلهم متاعب وصعاب الحياة عن تلبية نداء الوطن ورد الجميل.
المصريون أكدوا أنهم على قلب رجل واحد سواء فى الداخل أو الخارج، الجميع يبحث عن مستقبل البلاد واستمرار مسيرة التنمية، الجميع يسعون إلى حمايتها والدفاع عن استقرارها، فكانت الانتخابات الرئاسية فى الخارج فرصة لطيور مصر المهاجرة للتعبير عن حب الوطن.
راهبات مصريات بالمغرب
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة