أن تعمل عملا بسيطا وتنجح فى إتمامه على الوجه الأمثل، خير لك من أن تعمل عملا ضخما ولا تستطيع إكماله وفق ما تريد، تلك هى الحكمة التى نستخلصها من وقائع حفل ختام «الأقصر عاصمة الثقافة العربية» التى أتت على قدر كبير من التوفيق فى كل شىء، فعلى مدى أيام ممتدة شهدت محافظة الأقصر الخلابة العديد من الحفلات والأحداث الثقافية فى سياق حفل الختام، ومعظمها حظيت بالكثير من التقدير، لكن ما حدث فى اليوم الختامى كان حقا لافتا، فلم تلجأ الوزيرة الفاضلة «إيناس عبد الدايم» إلى الحل الأسهل والأسرع فى التأثير بتعمد الإبهار فى العروض، لكنها اختارت أن تلجأ إلى البساطة، لكنها حقا كانت بساطة مدهشة، وذلك لأنها اهتمت بالتفاصيل، وجنحت إلى الصدق فى الطرح فوصل ما أرادت إلى قلوب المشاركين.
بدأ اليوم بمحاكاة صممها الدكتور الفنان «مجدى صابر» رئيس دار الأوبرا المصرية للأغنية الشهيرة «الأقصر بلدنا» باستعراض للحناطير وغناء الأغنية على كورنيش الأقصر، فعمت البهجة المكان، وتفاعل الجميع مع الأغنية فشارك الجميع فى الاستعراض سواء بالرقص أو بالتصفيق، ولاستعادة كامل النوستلجيا حرص الفنان الكبير «خالد جلال» الذى أسهم بروحه وعقله وقلبه وجسده فى الاستعراض أن يأتى كل شىء على غرار الأغنية القديمة، فصممت الملابس على غرار ملابس أبطال الأغنية أيضا، حتى أن هناك راقصا وضع يده فى الجبس على غرار أحد أبطال الاستعراض القديم.
أعقب هذا استعراض بالمراكب فى نيل الأقصر الحبيبة لتحمل المراكب أعلام الدول العربية، وفى المقدمة علما مصر والمغرب التى استلمت الشعلة من مصر لتكون مدينة «وجدة» هى المدينة التالية فى حمل لقب «عاصمة الثقافة العربية» على خلفية من الأغانى المصرية الرائد التى تتغنى بالعرب والعروبة، وفى كل مركب شاب وفتاة يلبسان الأزياء التقليدية لكل بلد، وفى الختام كان حفل المطرب العالمى محمد منير الذى جعل شوارع الأقصر بعد الحفلة شبيهة بشوارع القاهرة أيام ثورة 30 يونيو، ليثبت كما قال إن الموسيقى «دو رى مى فا صول لا سى» قادرة على توحيد الشعوب والقلوب، كل هذا تم وسط تأمين مبهر وقوى دون خشونة، من قوات الجيش المصرى العظيم والشرطة المتفانية حتى عربات الإسعاف التى لم تفارق الأحداث حتى فى الاستعراض النيلى، وسط رعاية شخصية من الدكتور محمد بدر محافظ الأقصر النشيط صاحب الروح الوثابة، لتستعيد مصر فى تلك الليلة عافيتها وبريقها وتاريخها وحاضرها فى آن.