اختتمت مؤسسة الشارقة للفنون أمس الاثنين، فعاليات الدورة الحادية عشر من لقاء مارس السنوى، التى شهدت على مدار ثلاثة أيام عدداً من الحورات والجلسات النقاشية وعروض الأداء، شارك فيها جمع من الفنانين والباحثين فى الشأن الفنى والثقافى، للنظر على نحو جماعى فى الثيمات التى طرحها اللقاء.
وانطلق "لقاء مارس" يوم السبت 17 مارس 2018 تحت عنوان "تدابير مجدية" عبر مجموعة من الجلسات، تمحورت حول إمكانية تخطى معوقات الإنتاج فى الممارسة الفنية، والعمل خارج نظم الإنتاج الرسمية مثل الجاليريهات والمتاحف، إضافة لتناولها أثر الكوارث الطبيعية والسدود كإحدى معوقات عملية الإنتاج.
بينما ركزت جلسات اليوم الثانى على موضوعات ذات صلة بالسينما وإنتاج الأفلام، فى تتبع لتطور السينما المستقلة ومنصات عرض الأفلام، ودعم وإنتاج الأفلام الوثائقية والتجريبية، كما ناقشت الجلسات مفهوم السينما الثقافية، والفضاءات السينمائية التاريخية وعلاقتها بتطوير نتاج صُناع الأفلام.
كما تناول اللقاء فى يومه الثالث محاور متعلقة بتوظيف الفن كوسيط للبنى التحتية، وتطرقت الجلسات إلى موضوعات عن الممارسات المعمارية والتنمية الحضرية وناقشت أثر مشاريع الاستدامة والتأهيل على تشكيل المجتمعات المحلية والمدن. كما ركزت بعض الجلسات على تأثير الأوضاع الاجتماعية والسياسية على عملية الإنتاج الموسيقى، وتطرقت جلسات أخرى إلى موضوعات حول كيفية تكوين لغة من جزيئات النصوص والكلام والرسوم.
وترافقت هذه الجلسات بتقديم عدد من عروض الأداء المميزة، فقدمت الفنانة كلوديا بيجز عرض أداء قرائى بعنوان "إشكال لغوي" والذى استخدمت بيجز خلاله موسيقى غربية متنوعة كخلفية لقراءة المؤديين، وقدم العرض بالتعاون مع الموسيقى أليكس كلافيرا والمؤديان أمين مطوّع ونويلا كوفيلو، وركزت فيه على اللغة وعنصر التشارك الجماعى.
وفى سياق ختام لقاء مارس ذكرت ريم شديد نائب مدير مؤسسة الشارقة للفنون وقيّمة اللقاء: "لقد شهدت الأيام الثلاثة الماضية زخماً كبيراً فى الحضور، وثراءً فى طروحات المشاركين التى أضاءت جوانب عديدة من ثيمة اللقاء، وتضمّنت سرديات تحليلية حول سبل تفعيل الإنتاج الثقافى وتلمس الآليّات المجدية فى التعامل مع الإشكالات والأزمات المستعصية فى ظروف أو أماكن مختلفة".. وأضافت شديد: "فى كل دورة من دورات لقاء مارس يتعزز لدينا الشعور بأهمية هذه المنصة، ويتأكد حرصنا على اختيار ثيمات وموضوعات تمثل استجابة حقيقية لمتطلبات الواقع الملحة واحتياجاته الجوهرية، آملين أن تكون هذه الدورة قد حققت بعض طموحاتها المأمولة".
كما شهدت ساحة الخط العربى حضوراً لافتاً فى العرض الموسيقى المسرحى الذى قدمه الفنان وائل شوقى بعنوان "أغنية رولاند: النسخة العربية"، وقد شارك فيه 20 موسيقياً من دولة الإمارات العربية المتحدة ودولة البحرين، حيث قدموا العرض باللغة العربية مستخدمين نمط "الفجري" الغنائى وهو نمط تراثى مرتبط بغواصى اللؤلؤ فى الخليج العربى، وقد تنوع أسلوب الغناء ما بين الغناء المنفرد لبعض المشاركين والغناء الكورالى فى أغلب الوقت، كما صاحب العرض آلات إيقاعية ورقص مستوحى من الفنون البحرية. وجمع عرض أداء شوقى بين تقاليد الشعر السردى المتباينة والغنية، وهو يستند إلى عمل فرنسى أدبى هام من القرن الحادى عشر كُتِبَ فى زمن شارلمان، يمجّد فيه عهد الإمبراطور وفتوحاته إلى جانب الحرب البطولية التى شنّها ابن أخيه رولاند ضد السراسين (وهو مصطلح استخدم لوصف المسلمين العرب).
وفى سياق متصل حمل العرض الذى قدمه المؤلف والموسيقى نيو مويانغا بعنوان "نهّام – ترنيم وتطريب" طابعاً مميزاً وحضوراً كبيراً. وصاحب مويانغا فى تقديم العرض 60 مشاركاً من أعمار وجنسيات مختلفة، تجاوبوا مع الدعوة العامة التى أطلقتها المؤسسة فى فبراير الماضى للمشاركة فى ورشة عمل تدريبية وعرض غنائى ضمن فعاليات لقاء مارس 2018. بدأ عرض الأداء بتمرينات صوتية قصيرة متقطعة مويانغا ورددها المشاركون ومن ثم قدم الكورال مجموعة من الأغانى باللغة العربية، والإنجليزية، والهندية، والتاميلية، والبرازيلية، والماليالامية، والسواحيلية، ولغة من جنوب أفريقيا. كما قدم مويانغا عرض أداء آخر بعنوان "تسوهل – جماهير ثائرة" سلط فيه الضوء على تعقيدات الحياة المعاصرة فى جنوب أفريقيا فى أعقاب تجربته الاستعمارية.
وبالتزامن مع لقاء مارس 2018 تم افتتاح المعرض الفنى "تدابير مجدية" والذى يتضمن مجموعة أعمال من مقتنيات مؤسسة الشارقة للفنون، وعملت تقييمه ريم شديد، بحيث تحاكى الأعمال المفاهيم النظرية التى تضمنها "لقاء مارس"، وقد تضمن المعرض مجموعة من الأعمال الفنية لكلٍّ من: جون أكومفرا وبسمة الشريف وشريف وأكد وهليل التندير وبحر بهبانى وسيمون فتال وحازم حرب وغولنارا كاسماليفا وموراتبيك دجوماليف ومها مأمون وألماغول منليباييفا ونعيم مهيمن، ومجدى مصطفى ورائدة سعادة وعبد الحى مسلم زرارة. وستثرى هذه الأعمال المحادثات التى ستجرى فى لقاء مارس بشأن قضايا "المقاومة" والتنظيم والشكل وتوسيع الحوار والتفاعل لما يتجاوز أيام اللقاءات الثلاثة.
والجدير بالذكر أن معارض الفنانين محمد أحمد إبراهيم، ولطيف العانى، وزينب سديرة، وآنا بوغيغان، ومنى السعودى فى مؤسسة الشارقة للفنون، مستمرة ومتاحة للجمهور لغاية 16 يونيو 2018.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة