أحمد إبراهيم الشريف

هوامش التاريخ.. الحياة تكمن فى التفاصيل

الثلاثاء، 20 مارس 2018 08:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يعرف الجميع أن هناك تاريخين للدول، التاريخ الرسمى والتاريخ الشعبى، الرسمى يشهد الكثير من الاتفاق والاختلاف، لأن موضوعه الحكام والحروب والسياسة والعهود والبنود والمواثيق، بينما التاريخ الثانى الشعبى يكون ممتلئًا بالحكايات وسير الأبطال الشعبيين، وفى هذا الشأن قرأت مؤخرًا كتاب «هوامش التاريخ.. من دفاتر مصر المنسية»، والصادر عن دار الرواق، للكاتب مصطفى عبيد.
 
وفى مقدمة هذا الكتاب المهم والمبدع، يقول مصطفى عبيد، «هذا الكتاب محاولة متواضعة لقراءة تاريخ مصر المجتمع لا السلطة، محاولة لفهم العامة لا النخبة، الناس العاديين لا المميزين، المحكومين لا الحكام وسدنتهم»، وهو فى الحقيقة كذلك، فالكتاب بمثابة تاريخ مصر الحديثة فى مجالات اجتماعية مختلفة لشرائح من الناس نتعامل معها كل يوم، منها «مجرمون خالدون، القوادون والغوانى، أصحاب الكيف والمزاج، الجلادون.. حمزة البسيونى نموذجا، المنافقون والمصفقون، الكفاح المسلح للمرأة المصرية، الساخرون والمتفكهون» وغير ذلك الكثير.
 
قصد مصطفى عبيد أن يكون الكتاب شيقًا حافلًا بالقصص والحكايات، وعارضًا لمناطق قد يراها البعض محرمة، مثل «الغوانى والمزاج» أو درامية حزينة مثل «الموت والاستشهاد»، لكنها فى مجملها جاءت معبرة عن مصر الحقيقية بعيدًا عن الكتابة المغرضة أو الساعية للمجاملة أو الراغبة فى مصلحة، فالكتاب غرضه كتابة موازية لما تفعله الكتابة السياسية الجافة.
 
ويمكن إدراك ما فعله مصطفى عبيد، من فعل سحرى فى التطلع إلى الشخصيات المختلفة التى عرض لها الكتاب، حرافيش ورجال دول وأدباء ورجال اقتصاد ورجال دين وراقصات ونساء فدائيات، فالكل رغم تاريخيته إلا أننا لا نزال نقابله كل يوم فى حياتنا، فالساخرون والمنافقون والبخلاء وحتى الأبطال والمضحون نبصرهم طوال الوقت ونتعامل معهم، هم التشكيلة الإنسانية التى تتكون منها مصر، وفيها يكمن السر والقدرة على المقاومة.
 
بعد الانتهاء مما كتبه مصطفى عبيد من حكايات، سوف تعرف كيف ظهرت مصر الملهمة التى صاغها الكتاب والفنانون والتى أحبها صانعو السينما والدراما، وقدموها مصاغة فى بعض الخيال اللازم لتخلد.
 
جزء مهم حرص عليه مصطفى عبيد، فى كتابه، هو كشف حقائق بعض الشخصيات التى تعامل معها العقل الشعبى، بصفتها أبطالا وهى غير ذلك، مثل «أدهم الشرقاوى، وخط الصعيد، وياسين»، وإن كنت لا أتفق معه فيما قاله عن «سليمان الحلبى» حتى وإن اعتمد على كلام الجبرتى، لأن سؤالا مهما يطرح نفسه: ما هى مصلحة سليمان الحلبى الشخصية فى قتل كليبر؟
 
بذل مصطفى عبيد مجهودا كبيرا، يحمد عليه ويشكر، ونتمنى أن يكون لديه مشروع فى هذا المجال ويواصل لأنه بالتأكيد هناك مجالات أخرى عاشت فى هوامش التاريخ نتمنى أن نعرفها.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة