تبوأت باكستان مكانة إقليمية وقارية كبرى فى السنوات الأخيرة، منذ أن أصبحت الدولة الإسلامية الوحيدة التى تمتلك برنامجا نوويا مكتملا، ومنذ أن تربع جهاز استخباراتها على قمة التصنيف الدولى لأجهزة الاستخبارات متفوقا على كبرى المؤسسات المتناظرة فى العالم، واليوم بينما تحتفل باكستان بيوم الاستقلال الوطنى الذى يوافق الثالث والعشرين من مارس من كل عام، نحاول أن تقترب من قلب الجمهورية الإسلامية السنية التى تنقلت بين الأفكار والأيديولوجيات وهى كالتالى:
1.
تقيم جمهورية باكستان الإسلامية احتفالا فى الحادى والعشرين من مارس من كل عام إحياء لقرار لاهور الصادر فى 23 مارس بالعام 1940 واعتماد أول دستور لباكستان خلال انتقال باكستان إلى جمهورية باكستان الإسلامية فى هذا اليوم التاريخى للبلاد ما جعل باكستان أول جمهورية إسلامية فى العالم.
2.
يعرف "قرار لاهور" أيضا باسم "قرار باكستان، وهو البيان الرسمى السياسى الذى اعتمدته رابطة مسلمى عموم الهند أثناء دورة الثلاثة أيام فى لاهور ما بين 22 و24 مارس من عام 1940، والذى دعا لإنشاء "دولة مستقلة" للمسلمين فى شمال غربى وشرقى الهند البريطانية، والذى أسفر بعد ذلك عن استقلال باكستان نهائيا عن الهند وتكوين جمهورية إسلامية لها.
احتفالات للشعب الباكستانى فى اليوم الوطنى
3.
فى نهايات العقد الرابع من القرن العشرين قدم مسلمو الهند مشروعات من أجل تقسيم البلاد والاستقلال بالجزء الغربى عن الهندوس، وتعود تلك الدعوات إلى فيلسوف باكستان الأكبر، محمد إقبال، الذى كان قد دعا إلى تشكيل دولة باكستان والانفصال عن الهندوس فى العام 1937م، غير أن المنية عاجلته فتوفى فى نهار الحادى والعشرين من إبريل بالعام 1938 عن عمر ناهز 60 عاما.
4.
وقتها كان الزعيم التاريخى للبلاد محمد على جناح قد بلور فكرة الاستقلال تماما عن الهند باعتبارها مستعمرة بريطانية، وفى 10 نوفمبر من العام 1938م بعد وفاة محمد إقبال، دعا إلى عقد مؤتمر لتأطير تلك الفكرة، ورأى أنه من الضرورى تقسيم الهند إلى اتحادين، اتحاد للدول الإسلامية وآخر للدول غير الإسلامية.
فيلسوف باكستان الأكبر محمد إقبال
5.
عندما انخرط جناح فى العمل السياسى كانت البلاد تحت مظلة سياسية لحزبين كبيرين وهما "حزب المؤتمر" و"عصبة مسلمى عموم الهند"، وتعود المفارقة الكبرى فى حياته إلى أنه كان فى البداية عضوا فى حزب المؤتمر الذى يتبع أفكار الزعيم الهندى الأشهر، المهاتما غاندى، ووقتها كان يدعو إلى الوحدة بين الهندوس والمسلمين.
6.
مثل العام 1920 نقلة فارقة فى تاريخ الهند الحديث والمعاصر، وفى شخصية محمد على جناح نفسه، حين أعلن المهاتما غاندى سياسة المقاومة السلمية ضد الاحتلال البريطانى تلك التى تعرف فى الهندى بـ"ساتيا جراها"؛ عندها أعلن جناح استقالته وانشقاقه عن حزب المؤتمر وانضمامه إلى "عصبة مسلمى الهند"، لأنها كانت ترى بضرورة الجهاد المسلح ضد المحتل الإنجليزى.
أبو الأمة الباكستانية محمد على جناح
7.
استطاع محمد على جناح بشخصيته الكاريزمية إقناع كل أعضاء "عصبة مسلمى الهند" بضرورة الاستقلال عن الهند، ودعا "حزب الرابطة" إلى عقد مؤتمر فى مدينة لاهور يوم 26 مارس 1939م لتشكيل لجنة لدراسة المشروعات المقدمة بشأن التقسيم والدستور ومسألة حكم الأغلبية المسلمة على الإقليم الغربى للهند.
8.
أسفرت تلك الجهود عن الاجتماع التاريخى يوم 21 مارس بالعام 1940م، والذى أفرز عددا من القرارات منها تعيين لجنة خاصة لصياغة مشروع "قرار لاهور" وطرحه يوم 23 من مارس بالعام نفسه، ليكون بمثابة نواة لاستقلال البلاد ووضع دستور لها وعدم الالتزام بأية قرارات من شأنها عدم مراعاة حقوق المسلمين وحرياتهم.
المهاتما غاندى ومحمد على جناح
9.
واصل محمد على جناح جهوده السياسية من خلال "عصبة مسلمى عموم الهند"، تلك التى أنشأها بالعام 1913م، حتى أعلن استقلال بلاده تماما ونهائيا عن الهند فى 14 أغسطس بالعام 1947م، تم ترأس البلاد منذ ذلك التاريخ وحتى وفاته يوم 11 سبتمبر عام 1984 عن عمر ناهز وقتها 71 عاما.
10.
نظرا لدوره التاريخى فى البلاد، ولأنه حوّل الباكستانيين من أقلية داخل الهند إلى أمة مكتملة ذات سيادة؛ يعتبره الباكستانيون الأب الروحى والقائد الأعظم وملهم الأمة، وزادوا على ذلك أن اعتبروا يوم ميلاده (25 من ديسمبر بالعام 1876م) عيدا وطنيا.
صورة نادرة لمحمد على جناح
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة