"ثناء غالى بشاى" الأم المثالية الأولى لمحافظة أسيوط والثانية على مستوى الجمهورية، تصعد منصة التكريم حيث يقف الرئيس عبد الفتاح السيسي وتتوج كأم مثالية.
خلف "ثناء غالى بشاى" حكاية شخصية، يرويها تلاميذها، إذ تعمل حاليًا موجهة للمواد الفلسفية بمديرية أسيوط التعليمية، وقبل كل ذلك كانت كما نعرفها "مس ثناء"، وهى الكلمة التى تعنى الكثير من الذكاء والحسم والحزم مع تقدير الفائقين.
درست "مس ثناء" لنا مادتى الفلسفة وعلم النفس، وكلفت بتدريس التربية الوطنية، فى مدرسة يفضل أكثر من 90٪ من طلابها الالتحاق بالشعبة العلمية، مما يعنى حضورًا أقل لها واهتمامًا أضعف بما تدرسه، وهو الأمر الذى لم ولن ينطبق على حالة "مس ثناء".
فى الصف الأول الثانوى، وفى نظام الثانوية العامة ذى العامين كانت "مس ثناء" تدرس لنا هاتين المادتين، بمجرد أن تمر من الفصل، ويرى طلاب مدرستنا المشتركة نظرة عينيها الحادة، سينتهى الكلام، وسيعدل كل منا وضع جلسته وينصت للسيدة القوية، التى تفرض بأسلوبها المتميز وهيبتها وتلك الكاريزما التى تتمتع بها الصمت على طلابها المراهقين.
كان لـ"مس ثناء" لازمة أساسية، إذا غضبت رفعت حاجبها الأيسر ولمعت عيناها الزرقاء وهى تنظر بتحدى، تلك النظرة تعنى أن الأمر لن يمر وأن المخطئ سينال عقابه.. كانت تحب أن تدير معنا نقاشات عن الفلاسفة، تجيب عن الاستفسارات الصعبة، وتبسط بذكائها معادلات المنطق وأقاويل علماء الاجتماع.
لم أرى معلمتى إلا بملابس الحداد، وخلف ملابسها حكاية زوج مات فجأة، وترك لها ثلاثة أولاد تفانت فى تربيتهم، كنا نعرف منهم صغيرهم "بيمن مجدى" زميلنا فى المدرسة ذاتها، المتفوق الخلوق، الولد الذى لا نعرف له صوتًا من كثرة التزامه، الزميل الذى صار طبيبًا للأطفال ككل أبناء "مس ثناء"، فلديها ثلاثة أولاد وجميعهم أطباء، غير هذا الجيش من تلاميذها أطباء وصيادلة وضباط وآخرين.
خبر فوزها، بلقب الأم المثالية، دفع كل تلاميذها لتذكرها وإن كنا قد أجمعنا إننا لم ننساها، رغم كل تلك السنوات التى مرت على وقوفها أمامنا فى الفصل، ولكنها مازالت تقف كحارس للذاكرة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة