استمرارا لمحاولات العاصمة القطرية "الدوحة" لإنقاذ اقتصادها المتدهور بسبب "المقاطعة العربية" المفروضة عليها منذ الخامس منذ يونيو الماضى، نتيجة لدعم نظامها الحاكم للإرهاب والجماعات المتطرفة فى المنطقة، تواصل الإمارة الخليجية بيع أصولها فى الخارج فى محاولة مستميتة منها لانتشال الوضع الاقتصادى الراهن من الانهيار.
وذكرت تقارير خليجية، أن "جهاز قطر للاستثمار"، (الصندوق السيادى لقطر)، يواصل التخلص من الأصول على مستوى العالم، وكان أخرها فى هونج كونج، والصين.
بيع أصول فى الخارج
وفى تقرير نشرته وكالة "بلومبرج" الأمريكية، نقلته عدة صحف إماراتية، جاء فيه أن الصندوق القطرى يسعى لجمع 665 مليون دولار لبيع حصصه فى شركة متاجر التجزئة فى هونج كونج "لايف ستايل إنترناشيونال هولدينجز ليمتد" وفرعها فى الصين.
وأوضحت الوكالة الأمريكية أن الصندوق عرض أسهما بقيمة 371.1 مليون دولار، وحصة 23% فى الشركة، بسعر ثابت قدره 12 دولارا "هونج كونجي" للسهم، وفقا لشروط الصفقة التى حصلت عليها "بلومبرج".
ويمثل سعر العرض خصما بنسبة 3.8% على الإغلاق الأخير لشركة "لايف ستايل إنترناشيونال هولدينجز ليمتد"، وفقًا للشروط.
وأشارت إلى أن الصندوق السيادى القطرى استثمر لأول مرة فى شركة لايف ستايل إنترناشونال التى تدير متاجر "سوجو" فى عام 2014.
وكان قد باع الصندوق السيادى القطرى الأسبوع الماضى، حصة تبلغ قيمتها نحو 640 مليون دولار فى شركة "فيوليا" الفرنسية لمرافق المياه.
ويأتى البيع المخطط له بعد أن باع صندوق قطر السيادى أسهما بقيمة 417 مليون دولار فى شركة "تيفانى" للمجوهرات الفاخرة فى سبتمبر الماضى، كما خفض حصته المباشرة فى مصرف "كريدى سويس" إلى 4.94% فى أغسطس 2017.
وفى الوقت نفسه، تعرض هيئة الاستثمار القطرية أسهما بقيمة 371.1 فى مجموعة "لايف ستايل تشينا جروب" بسعر 2.03 دولار هونج كونجى للسهم، وفقا للشروط، حيث يمثل سعر العرض خصما بنسبة 4.7٪ على الإغلاق الأخير للشركة.
وفى أكتوبر الماضى، ذكرت مصادر مطلعة أن الصندوق يدرس بيع المزيد من الأصول وتوجيه العائدات إلى السوق المحلية.
وتعانى قطر صعوبات اقتصادية فى ظل المقاطعة المستمرة منذ 10 أشهر من جانب رباعى مكافحة الإرهاب، ما أجبر صندوقها السيادى على التركيز على اقتصاد البلاد ونظامها المالى، وضخت مليارات الدولارات فى البنوك المحلية التى تضررت.
ووفقا لمعهد صندوق الثروة السيادية، فإن هيئة الاستثمار القطرية، التى تم إنشاؤها للتعامل مع المكاسب غير المتوقعة من أكبر قاعدة لتصدير الغاز الطبيعى المسال فى العالم، تمتلك حاليا أصولا تبلغ نحو 320 مليار دولار.
ولكن فى ظل الأزمة الاقتصادية، أنفق الصندوق 3.5 مليار دولار فقط على الاستثمارات فى العام الماضى، مقارنة بـ20 مليار دولار فى عام 2016.
ضخ المليارات لإنعاش الريال
وفى السياق نفسه، كشفت تقارير اقتصادية أخرى، ضخ حكومة قطر والبنك المركزى أكثر من 100 مليار ريال فى قطاعها المصرفى، خلال فبراير الماضى، مقارنة مع الفترة المقابلة من 2017.
وهدفت قطر من هذا الإجراء إلى الحفاظ على عملتها المحلية "الريال" من الانهيار، بعدما تأثرت سلبا بتبعات المقاطعة العربية، منذ يونيو2017، وهروب أكثر من 20 مليار دولار كنقد أجنبى إلى الخارج.
وبحسب بيانات صدرت، الأسبوع الجارى، عن بنك قطر المركزى، ارتفعت ودائع القطاع العام فى بنوك قطر بنسبة 52% خلال فبراير، مقارنة مع الفترة المقابلة من العام الماضى.
ووفق الأرقام، بلغت ودائع القطاع العام القطرى، حتى نهاية الشهر الماضى 310.46 مليارات ريال (85 مليار دولار)، مقارنة مع 204.23 مليارات ريال (55.95 مليار دولار) فى فبراير2017.
وتظهر الأرقام أن حكومة قطر والبنك المركزى، باشرا ضخ السيولة فى البنوك منذ الشهر الأول للمقاطعة يونيو2017، حيث بلغت ودائع القطاع العام 249.8 مليار ريال (68.2 مليار دولار)، صعودا من 57 مليار دولار فى مايو السابق عليه.
وفى تقرير حديث عن وزارة الخزانة الأمريكية، أظهر أن قطر قامت بتسييل استثماراتها فى السندات الأمريكية، من 1.381 مليار دولار فى مايو 2017 إلى 235 مليون دولار فى يناير الماضى.
فقدان التمويلات الأجنبية
وقال صندوق النقد الدولى، الأسبوع الماضى، أن البنوك القطرية فقدت نحو 40 مليار دولار من التمويلات الأجنبية (ودائع مقيمين وغير مقيمين وودائع القطاع الخاص والإيداعات بين البنوك)، منذ قرار المقاطعة العربية.
وأضاف الصندوق فى تقرير له أن قطر قامت بتعويض النقد المتخارج عبر البنك المركزى والمؤسسات الحكومية وهيئة قطر للاستثمار.
"التقشف" لإنقاذ الاقتصاد
وفى سياق المحاولات لتقليل وتيرة استنزاف صندوقها السيادى، تعتزم الحكومة القطرية تقييد الإنفاق الحالى بهدف تحقيق فائض محدود فى الميزانية وتحويل أموال أقل إلى صندوقها للثروة السيادية فى الأعوام المقبلة إذا لم ترتفع أسعار النفط والغاز، وفقا لما أوردته خطة خمسية جديدة للتنمية.
وتهدف استراتيجية التنمية التى أطلقتها حكومة الدوحة، الأسبوع الماضى، للفترة بين 2018 و2022، إلى تغيير جزئى فى السياسات الاقتصادية، حتى يصبح اقتصاد قطر أكثر اعتمادا على نفسه فى إنتاج الغذاء وترشيد استخدام الطاقة، وتقليل الضغوط التى يواجهها اقتصاد الدوحة "الهش"، وهو ما ظهر بوضوح إثر مقاطعة عربية نتيجة دعم قطر للإرهاب.
وتكشف الخطة محاولة الحكومة، لتخطى تهديدات فقدها لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم فى عام 2022، عبر الإنفاق بكثافة على البنية التحتية، بما فى ذلك مشروعات متصلة بالبطولة خاصة مع إعلان شركات عالمية الانسحاب من عمليات الإنشاء.
ورغم سعى حكومة قطر لتحسين كفاءة الإنفاق بشتى الطرق، فى ظل الظروف الحالية، إلا أن الخطة تكشف أن الإنفاق الحالى والإنفاق الدورى على السلع والخدمات سيتراجع إلى 21.2% من الناتج المحلى الإجمالى بين 2018 و2022 من 32.2% فى 2015، وذلك فى محاولة تمكن الحكومة من تحقيق فوائض مالية صغيرة خلال تلك الفترة، وهو ما سيؤثر على النمو حيث من المتوقع إلا يتجاوز معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى فى المتوسط بين 2.1 و3%، وربما يقل رغم محاولات الحكومة تحفيز القطاع الخاص لزيادة استثماراته كى يعوض القطاع الخاص تباطؤ النمو فى قطاع الطاقة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة