قبل نحو 50 يوما من انتهاء الإطار الزمنى الذى حدده الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، لتوقيع قراره النهائى بخصوص الاتفاق النووى المثير للجدل مع إيران، يثور السؤال الأهم، هل يفعلها ترامب ويخرج من الاتفاق؟ أم أن الأيام المقبلة قد تغير شكل المعادلة بين بلاده وطهران؟! وما دور الأمير، ولى العهد السعودى، محمد بن سلمان، فى المسألة؟ وما هى الخطط البديلة حال تقويض الاتفاق؟!
ما قبل قرار ترامب
تقوم إدارة الرئيس الأمريكى بجهود دفع دبلوماسية فى الأوساط الأوروبية لاستخلاص مواقف مؤيدة لنهج ترامب حيال الاتفاق النووى، ومرد هذه الجهود أن تكون المرجعية السياسية لأى قرار مستقبلى سيتخذه الرئيس حول الاتفاق النووى، بمعنى أدق ترامب يريد أن يلقى بالكرة فى ملعب إيران ويحملها مسؤولية بقائه أو خروجه من الاتفاق.
لذلك أعلن مسؤول كبير فى وزارة الخارجية الأمريكية، أن الولايات المتحدة أجرت محادثات بناءة مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا بشأن الاتفاق النووى، إلا أن واشنطن لا تستطيع توقع هل ستنجح المحادثات أم لا وتعد خططاً للطوارئ تحسبا لفشلها، بحسب بيان للخارجية الأمريكية.
وأضاف بريان هوك، وهو مدير تخطيط السياسات فى وزارة الخارجية الأمريكية فى تصريحات للصحفيين: "أجرينا محادثات بناءة مع الأوروبيين من أجل اتفاق تكميلي، لكن لا يمكننى أن أتوقع ما إذا كنا سنصل إلى اتفاق معهم أم لا".
وأضاف هوك الذى يقود المفاوضين الأمريكيين فى المحادثات مع الأوروبيين "علينا دوما الاستعداد لأى احتمال، ولذلك فنحن نعد خططا للطوارئ لأن المسؤولية تقتضى ذلك".
جهود دبلوماسية
تسعى إدارة الرئيس الأمريكى ترامب إلى استخلاص مواقف أوروبية أكثر اتساقا مع إدارة ترامب، وإقناع الأوروبيين بالتخلى عن المكاسب المالية الظرفية، والنظر بعين الاعتبار إلى إلى المسائل ذات الصلة بالترتيبات الأمنية مع إدراك إدارة ترامب أن الاتفاق النووى على هذا النحو خول إيران لعب أدوار تفوق حجمها فى الإقليم.
فى هذا السياق ووفق هذه الرؤية أجرى هوك جولتى محادثات فى أوروبا الأسبوع الماضى واحدة مع القوى الأوروبية الثلاث فى برلين يوم الخميس والأخرى كانت جولة موسعة فى فيينا يوم الجمعة مع مجموعة تتولى متابعة تنفيذ الاتفاق النووى الذى تم التوصل إليه فى الرابع عشر من يوليو 2015.
وأوضح هوك أن الولايات المتحدة عقدت أيضا اجتماعا ثنائيا مع إيران ليس له علاقة بالمحادثات التى جرت الأسبوع الماضى وذلك للمطالبة بإطلاق سراح مواطنين أمريكيين تحتجزهم السلطات الإيرانية، وهى رسالة إلى الأوروبيين أن هناك أكثر من مسار تسعى أمريكا من خلاله إلى التوصل إلى صيغة نهائية، وأنها لا تعدم أقنية للاتصال بالإيرانيين، ومع ذلك فإن مفاوضاتها مع طهران مؤخرا لا علاقة لها بالاتفاق.
زيارة بن سلمان
زار الأمير محمد بن سلمان ولى العهد السعودى واشنطن، والتقى الرئيس الأمريكى قبل أيام، ووفقا لخبراء ومراقبين لتطورات العلاقات السعودية ـ الأمريكية، فإنه من المؤكد أن جهود الدفع الحثيثة التى قام بها الأمير فى الأشهر الماضية، جعلت الرئيس الأمريكى المؤهل أصلا لمعاقبة إيران أقرب إلى المحور العربى على النقيض من سلفه الرئيس السابق باراك أوباما.
ويرى خبراء فى الشؤون الإيرانية مقربين من دوائر صناعة القرار ومجتمع تحليل السياسات فى واشنطن أن الأمير الشاب له تأثير بالغ على النهج الترامبى الراهن تجاه إيران، وأنه استثمر التناقض البنيوى العميق فى الرؤى الاستراتيجية نحو إيران بين أوباما (الديمقراطى) وترامب (الجمهورى) لحثه على ثنى إيران عن سلوكها الإقليمى المزعزع للاستقرار.
وفى كل الأحوال، من المبكر للغاية التنبؤ بما سيؤول إليه مصير الاتفاق النووى (خطة العمل الشاملة المشتركة)؛ فإيران عودتنا دائما على اتخاذ القرارات المفصلية فى اللحظات الأخيرة، وبالنظر إلى أن المهلة ما تزال ممتدة، فإن كل السيناريوهات مفتوحة على كل الاحتمالات، ويبقى التأكيد على أن مواقف واشنطن الصلبة قد تجبر إيران على التفاوض وتعديل الاتفاق.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة