أعلن النائب أحمد بدوى، أن لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب، رصدت 4800 شائعة ضربت مصر خلال 30 يوما فقط!! الأرقام مفزعة وتستحق التأمل ومزيدا من الدراسة، واتخاذ تدابير سريعة لوقف هذا الخطر، لأن الشائعات والأخبار الكاذبة فى مصر خلال شهر تفوق مثيلاتها على موقع تويتر، حيث توصلت دراسة إلى أن الأخبار الزائفة والشائعات التى انتشرت على الموقع فى الفترة من 2006 إلى 2017، أى خلال 11 عاما هى 126 ألف شائعة وخبر زائف، بمتوسط 955 تقريبا كل شهر، أى أن الشائعات والأخبار المزيفة فى مصر خلال شهر تساوى تقريبا خمسة أضعاف ما جاء عبر تويتر.
طبعا سيقال إن تويتر هو إحدى أهم وسائل التواصل الاجتماعى، وهناك وسائل أخرى، وهذا صحيح.. ومع ذلك يبدو الفارق كبير لصالح الشائعات التى تستهدف مصر، لذلك أتمنى أن يسارع البرلمان بإعلان تفاصيل هذا الرصد، أما تفاصيل بحث معهد ماساتشوستس للتقنية فهى مهمة ولكنها ليست جديدة، حيث أكد الباحثون أن الشائعات والأخبار الكاذبة تنتشر على موقع تويتر بشكل أسرع، ويبحث عنها الناس أكثر من الأخبار الحقيقية.
وأرجع الباحثون ذلك إلى أن الأخبار الزائفة غالبا ما تكون غير مألوفة وغريبة، وهى جوانب يبحث عنها أغلبية الناس فى ظل ظاهرة التشبع الإعلامى ووفرة الأخبار التقليدية، لكن الغريب أن أكثر الأخبار الكاذبة والغريبة التى جرى نشرها هى القضايا السياسية. ثم جاءت بعد ذلك قضايا أخرى مثل المال والأعمال، الإرهاب، العلوم، الترفيه، والكوارث الطبيعية.
ومن أهم نتائج الدراسة أن الأخبار الزائفة فرصتها فى المشاركة أكثر بنسبة 70 فى المئة، مقارنة بالأخبار الحقيقية، وتستغرق الأخبار الحقيقية 6 أمثال الوقت، لتصل إلى 1500 شخص. أما الأخبار الحقيقية فإنه نادرا ما يجرى تشاركها من جانب أكثر من 1000 شخص، بينما بعض الأخبار الزائفة قد يجرى مشاركتها من جانب عدد يصل إلى 100 ألف شخص.
فى السياق المصرى هناك بحوث ودراسات أثبتت نتائج مماثلة لكنها أجريت على عينات صغيرة، لكن ما يهمنا هو أن البحث عن الأخبار الكاذبة عبر تويتر قد أجرى بتمويل من شركة تويتر والتى قامت أيضًا بتوفير كل التغريدات خلال 11 سنة ما يعنى أن كل التغريدات يجرى الاحتفاظ بها وأرشفتها، وتصنيفها، وبالتالى فكل تغريداتك موجودة وأنت شخصيا عزيزى القارئ قد تكون نسيت بعضها لكن شركة تويتر محتفظة بها، ومن ثم يمكن معرفة ودراسة آراء واتجاهات الناس «السياسية والتسويقية» عبر العالم من خلال تغريداتهم فى المناسبات المختلفة.
يهمنى أيضا أن تويتر هى التى قامت بالتمويل وهو تقليد غير موجود للأسف فى مصر، فمعظم الكيانات الإعلامية والاتصالية لا تقدم تمويلاً لجامعات عامة أو خاصة لإجراء بحوث وإنما تقوم هى أو عبر شركات ووكالات مشكوك فى دقتها العلمية وحيادها الأكاديمى بإجراء ما تريده من بحوث، وأتمنى أن تتعلم الشركات المصرية والعربية من تويتر لأن دعم البحث العلمى فى الجامعات سيساعد الجامعات فى تأدية رسالتها كما سيضمن للشركات نتائج ذات صدقية عالية.
البحث لا يقدم نصائح أو وصفة نهائية للتخلص من الشائعات والأخبار الكاذبة، لكن أذكر أن شركه فيس بوك اقترحت قبل حوالى 10 أشهر رفع الوعى بالأخبار المزيفة لدى المستخدمين، وقامت بنشر إعلانات فى الصحف تضمنت قواعد للكشف عن الشائعات والأخبار المزيفة أهمها:
أولا: التشكيك فى العناوين، ثانيا: تدقيق عنوان الإنترنت «URL»، ثالثا: التحقق من مصدر الخبر، رابعا: مراقبة الشكل غير العادى الذى ينشر به الخبر، خامسا: دراسة الصور، سادسا: مراقبة تاريخ النشر، سابعا: التحقق من الأدلة، ثامنا: المقارنة مع تقارير أخرى، تاسعا: التأكد من أن القصة ليست مجرد مزحة، عاشرا: التمييز بين الأخبار والقصص الساخرة والجادة.
لكن مهما كانت النصائح والإجراءات فإن هناك مخاوف وشكوكا فى اغلب ما ينشر عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى من أخبار ومعلومات، وأفاد استطلاع رأى أجرته الخدمة العالمية فى بى بى سى إلى أن البرازيليين هم الأكثر قلقا إزاء الفارق بين ما هو حقيقى وما هو كاذب، وأوضح 92 فى المئة منهم أنه يساورهم بعض القلق إزاء هذا الأمر.
وفى عدد من الدول النامية الأخرى كان هناك مستوى مرتفع من القلق إزاء الأمر نفسه، من بينها إندونيسيا التى سجلت 90 فى المئة، ونيجيريا 88 فى المئة وكينيا 85 فى المئة. وكانت ألمانيا هى البلد الوحيد من بين الدول التى شملها الاستطلاع وأعرب مواطنوها بأغلبية ضئيلة بلغت 51 فى المئة عن عدم قلقهم إزاء هذه القضية. ولاشك أن هذه المخاوف تهدد صدقية وانتشار هذه الوسائل، وتدفع البعض للتفكير فى فرض قيود أو رقابة على الإنترنت، إضافة إلى التحقيق مع مروجى الشائعات والأكاذيب ومحاكمتهم، وجود معارضة متزايدة إزاء تدخل الحكومة لفرض رقابة على الإنترنت للحد من تداول مثل هذه الأخبار. وفى الاستطلاع الذى شمل 15 دولة، قال 79 فى المئة إنهم قلقون بشأن الأخبار الكاذبة على الإنترنت.
لكن مستخدمى الإنترنت فى دولتين فقط هما الصين وبريطانيا أكدوا رغبتهم فى فرض حكومتهم رقابة على الإنترنت. وفيما يتعلق برقابة الإنترنت، أعرب 67 فى المئة من المستطلع آراؤهم فى الصين عن ترحيبهم بهذه الفكرة، «تطبق حاليا فى الصين» بينما كان موقف البريطانيين أكثر توازنا إذ أيد %53 فرض الرقابة على الشبكة العنكبوتية.
القصد أن هناك اختلافات عميقة بين شعوب ودول العالم بشان التعامل مع إشكالية الشائعات والأخبار المزيفة Fake News والثقة فى ما ينشر عبر الإنترنت، وهناك أولا من يراهن على شركات وسائل التواصل الاجتماعى كفيس بوك وتويتر لاتخاذ تدابير رقابية من خلال أجهزة الذكاء الصناعى والبشر لحجب الأخبار الكاذبة والحسابات المزيفة، ثم هناك ثانيا من يراهن على رفع وعى المواطنين وتعليمهم كيفية التمييز بين الخبر الصحيح والخبر المزيف، وهناك ثالثا من يطالب بفرض رقابة وسن قوانين وتشريعات رادعة، وأخيرا هناك فريق يطالب بمزيج من الحلول الثلاثة السابقة مع ضرورة الحفاظ على فضاء الإنترنت كساحة لحرية الرأى والتعبير.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة