فجأة، خرجت علينا اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب، بوزارة الداخلية القطرية، بإدراج 19 شخصًا و8 كيانات على قائمتها للإرهاب، القرار أثار لغطًا كبيرًا، بين مكذب ومصدق، بين ساخر وجاد فى تناول القرار الذى بدا غريبًا على الدولة التى ترعى الإرهاب والمنظمات المتطرفة فى العالم!
وبدأت الأسئلة تنهال: لماذا تقدم الدوحة الآن،على إدراج عدد من عتاة الإرهابيين والكيانات التى تمول التنظيمات المتطرفة على قوائمها؟ هل تذكرت السلطات المعنية فى قطر الآن فقط أن تنظيم داعش إرهابى وأن ولاية سيناء التابعة له كيان إرهابى؟ وماذا عن بقية الإرهابيين الذين ترعاهم السلطات القطرية وتوفر لهم الملاذات الآمنة على أراضيها، كما تمدهم بالمال والسلاح؟ ماذا عن المتطرفين الهاربين إليها والمطلوبين للعدالة الذين يقيمون على أراضيها؟ ماذا عن الإرهابيين على القوائم الدولية ؟ ماذا عن الإرهابيين على قائمة دول الرباعى العربى؟
وتواصلت الأسئلة ، هل إدراج قطر 19 شخصا و8 كيانات على قائمتها للإرهاب يعنى التزامها بوقف التمويل والدعم والرعاية لإخوان ليبيا مثلا؟ وقبائل المسلحين فى مالى وتشاد؟ وفيلق الرحمن فى سوريا؟ والحوثيين فى اليمن؟ والإخوان فى مصر وفى تركيا ولندن؟ هل يعنى القرار القطرى بداية توبة تنظيم الحمدين عن التدخل بالشر فى شؤون البلاد العربية، والتوقف عن تبنى الاستراتيجية الإسرائيلية فى تفتيت المنطقة العربية بواسطة حروب الجيل الرابع ووسائل الإعلام الموجهة وأدوات نشر الفوضى؟
الحادث حتى الآن، أن القرار القطرى ليس له علاقة بتغيير الموقف القطرى الرسمى فى دعم ورعاية الإرهاب، كما أنه لا يؤثر على الاستراتيجية الإسرائيلية المهيمنة على سياسة الدوحة الخارجية، فهناك أكثر من 20 قناة وموقعا إخباريا ومنصة موجهة لقصف العقول العربية من المحيط إلى الخليج وهدفها إثارة الجماهير ونشر الشائعات وإحداث القلاقل فى الدول العربية المستقرة، كما أن الدعم بالمال والسلاح مازال يتدفق على الدول العربية المنكوبة بالحروب الأهلية مثل سوريا وليبيا واليمن، ولكن القرار القطرى متعلق أساسا بالتغييرات الأخيرة فى البيت الأبيض والإدارة الأمريكية.
ترامب أطاح خلال الأيام الماضية بريكس تيلرسون من على رأس وزارة الخارجية، وهو كان أحد الداعمين الأساسيين للدوحة على خلفية علاقاته المتشعبة مع شركات الطاقة ورئاسته لسنوات لمجلس إدارة عملاق الطاقة الأمريكى إيكسون موبيل، كما جاء الرئيس الأمريكى بالصقر اليمينى جون بولتون مستشارا للأمن القومى، والقراران بمثابة ضربتين متلاحقتين لقطر وإيران ولرعاة الإرهاب فى العالم، فالصقر الأمريكى المحافظ يرفض بوضوح دعم قطر للإرهاب وللتنظيمات المتطرفة بل وصفها بأنها الدولة الأكثر دعما للإرهاب فى العالم، وطالب باتخاذ إجراءات صارمة حيالها، كما طالبها بوقف دعمها لجماعة الإخوان الإرهابية.
كما يرفض جون بولتون بوضوح الاتفاق مع طهران حول برنامجها النووى ويطالب بالضغط عليها لتعديله أو سحب الموافقة الأمريكية عليه، ومن ناحية ثانية يحمل النظام القائم فى الدوحة وعددا من الأنظمة الأخرى مسؤولية تعطيل احتواء واشنطن لطهران، الأمر الذى يعنى تحولا فى السياسة الأمريكية تجاه المنطقة وتجاه قطر تحديدا وتجاه المنظمات الإرهابية التى مازالت آمنة من العقاب والحظر مثل جماعة الإخوان والتنظيمات المتفرعة منها.
تنظيم الحمدين فى الدوحة، يحاول استباق الأمور بإصدار قائمته الأولى للإرهاب، وهو يخاطب بها أساسا الإدارة الأمريكية بتشكيلها الجديد ومستشار الرئيس للأمن القومى تحديدا، ولكن هل تنطلى هذه القائمة الخالية من أسماء وكيانات كثيرة داعمة للإرهاب، على جون بولتون؟ هل يقبل الصقر المحافظ بالانفتاح القطرى الكامل على طهران ومنحها فضاء جغرافيا جديدا فى الخليج؟ هذا ما سنعرفه خلال الأسابيع المقبلة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة