أدار الندوة - محمود جاد - رباب فتحى أعدها للنشر - ريم عبد الحميد - إنجى مجدى - هانى محمد شارك فى الندوة - آمال رسلان - محمود محيى إسراء أحمد فؤاد - أحمد جمعة - نسمة عبد العظيم تصوير - كريم عبد الكريم - منة الله حمدى
- نرسل طلابنا لأيد أمينة فى الأزهر لأنهم يتعلمون فيه الدين المعتدل
-الأزهر الشريف مؤسسة تعليمية دينية هى الأقرب إلى روح الشعب الإندونيسى
-لدينا حرية واسعة فى تكوين الجمعيات والأحزاب وأى شخص يمكنه الاعتراض على الرئيس والتظاهر ضده
تمتد العلاقات «المصرية - الإندونيسية» إلى عمق التاريخ، وتضرب بجذورها لأكثر من 70 عاما، حيث كانت جمهورية إندونيسيا أول دولة زارها الزعيم المصرى الراحل جمال عبدالناصر عقب ثورة 23 يوليو 1952، وشارك أثناء زيارته فى أعمال «مؤتمر باندونج» التاريخى عام 1955، وتنوعت تلك العلاقات ما بين مشاركات سياسية واقتصادية وثقافية وغيرها.
وتتميز تلك العلاقات الثنائية بنوع من الاستقرار يعكسه عمقها التاريخى والتعاون فى العديد من المجالات، فقد أنشئت العلاقات الدبلوماسية بين مصر وإندونيسيا عام 1947، وكانت مصر من أولى الدول التى اعترفت باستقلال إندونيسيا الذى أعلن فى 17 أغسطس عام 1945، كما تتطابق وجهات نظر البلدين تجاه العديد من القضايا الإقليمية والدولية، وتجمع الدولتين عدة تجمعات ومنظمات دولية، منها منظمة المؤتمر الإسلامى، حركة عدم الانحياز ومجموعة الـ15، ومجموعة الدول النامية الثمانية D8.
استضافت «اليوم السابع» السفير الإندونسيى لدى القاهرة، حلمى فوزى، فى ندوة موسعة للحديث عن تلك العلاقات وسبل تعزيزها وتطويرها، حيث تناول محررو قسم الشؤون الدولية مع السفير فوزى، العديد من الملفات والقضايا ذات الاهتمام المشترك بين البلدين، وعلى رأسها ملف الاقتصاد، وكيفية تطوير التجارة المشتركة بين البلدين، وإلى نص الحوار..
حدثنا عن عملكم فى مصر.. متى تسلمتم مهام عملكم.. وكيف تقيمون العلاقات بين القاهرة وجاكرتا؟
- وصلت القاهرة فى إبريل من عام 2016، وقدمت أوراق اعتمادى إلى الرئيس عبد الفتاح السيسى فى مايو من العام نفسه، ورغم أنه لم يمر سوى عامين على وجودى هنا، إلا أننى أرى تغيرا ضخما فى مصر وفى مجالات مختلفة، ففى مجال الاقتصاد، تم تعويم العملة فى إطار خطة للإصلاح الاقتصادى تضمنت تقديم تسهيلات قانونية لتوفير بيئة صديقة للأعمال وللاستثمارات، مثل قانون الاستثمار الجديد، فهذا يمثل مؤشرا قويا على جدية السلطات لتوفير ظروف مواتية لجلب الاستثمارات الأجنبية إلى القاهرة.
وتوفر إندونيسيا مساعدات فنية للحكومة المصرية فيما يتعلق بقرض صندوق النقد الدولى لأننا لدينا تجربة مماثلة فى بلادنا فى أواخر التسعينات وأخذنا قرضا من المؤسسة ذاتها وطبقنا إجراءات اجتماعية متعلقة ببرنامج التقشف الذى لم يكن سهلا، ولكن على المدى الطويل، كان قرض صندوق النقد مفيدا لاقتصادنا، وفى هذا الإطار نقدم مساعدات فنية لمؤسسات مثل وزارة المالية حول كيفية إدارة الديون الخارجية، وأرسلت السفارة الإندونيسية بالقاهرة 10 موظفين للتعرف على تجربة بلادنا فى إدارة مثل هذه القضايا، حيث زاروا وزارة المالية الإندونيسية ومجلس تنسيق الاستثمار الإندونيسى لبحث سبل تسيير الأعمال وجذب الاستثمارات.
كما نقدم المشورة بشأن كيفية مواجهة الآثار السلبية لإجراءات التقشف على الفقراء من خلال دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة ونسهم فى تقديم الدورات التدريبية.
تعقد الانتخابات الرئاسية المصرية بعد أيام.. إلى أى مدى ترون أنها ستسهم فى تعزيز المشهد الديمقراطى فى البلاد لاسيما بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو؟
- أقدر الرئيس عبد الفتاح السيسى كثيرا لقدرته على تحقيق الاستقرار فى مصر لأن استقرارها يعنى استقرار الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وبالفعل تمكن الرئيس السيسى خلال السنوات الماضية من تحقيق الكثير من الإيجابيات على رأسها الاستقرار واستعادة الثقة التجارية الدولية، وإذا نظرنا إلى الاقتصاد الكلى المصرى الآن خلال العام الماضى فقط، سنجد أن الاحتياطى النقدى يزداد، فى الوقت الذى استقرت فيه العملة المصرية فى التعاملات التجارية، وهو ما يظهر مؤشرات جيدة بشأن إمكانية السيطرة على معدل التضخم ومستقبل الاقتصاد بشكل عام، وبالفعل كان أداء السيسى فى هذا الملف جيدا.
وستعزز الانتخابات المقبلة هذا الاستقرار وستكون تأكيدا لنجاحه فى إدارة البلاد سياسيا واقتصاديا.
يواجه الشرق الأوسط الآن مشكلات كبيرة فى مناحٍ مختلفة.. هل هناك تعاون بين مصر وإندونيسيا فى مواجهة هذه التحديات؟
- هناك بالفعل الكثير من التحديات فى المنطقة، ومصر فى طليعة الدول التى تسعى جاهدة لتقديم حلول للقضايا الملحة، مثل القضية الفلسطينية التى تمثل أساسا للكثير من مشاكل المنطقة، والقاهرة تلعب دورا كبيرا فى جسر الخلافات بين الفصائل الفلسطينية للتوصل لحل للخلاف بين فتح وحماس من ناحية، وللتوسط للتوصل إلى حل لعملية سلام الشرق الأوسط من ناحية أخرى، ومصر هى حارس الاستقرار فى المنطقة، لأن استقرار الشرق الأوسط يعتمد على القاهرة.
وفى مجال الإرهاب، نود أن نعمق التعاون مع مصر وكانت هناك زيارات من مكتب مكافحة الإرهاب الإندونيسى إلى مصر، ولكن يجب إدراك أمر مهم، وهو أنه لا يمكن تبنى نهج صارم فى مكافحة الإرهاب، فالأفكار المتشددة اختطفت روح الدين الإسلامى، لهذا يجب الاستعانة بنهج مضاد للترويج لحقيقة الإسلام كدين سلام.
الرئيس عبد الفتاح السيسى دعا لتجديد الخطاب الدينى.. كيف رأيتم هذه الدعوة؟
- يجب أن نفعل شيئا لمواجهة ومكافحة الإرهاب والتطرف، وخاصة فى مجال تجفيف منابع تمويل الجماعات المتطرفة، فإندونيسيا تدعم جهود الحكومة المصرية فى مكافحة الإرهاب.
لقد تم إرسال عدد كبير من الطلاب إلى الأزهر الشريف لتعلم الإسلام الصحيح، فالأزهر الشريف مؤسسة تعليمية دينية الأقرب إلى روح الشعب الإندونيسى، وخلال السنوات الطويلة الماضية شاهدنا أن العديد من الشعب الإندونيسى تعلموا اللغة العربية من علماء الأزهر، فالآن نريد أن يتحقق أيضا أن يكون هناك العديد من أعضاء هيئة التدريس والموظفين والطلاب بجامعة الأزهر يتعلمون اللغة الإندونيسية نظرا لهذه العلاقة القوية.
الإرهاب يستخدم كل شىء.. هل تخشى استخدام الطلاب الإندونيسيين فى العمليات الإرهابية؟
- نرسل طلابنا لأيدٍ أمينة فى الأزهر، لأنهم يتعلمون فى الأزهر الدين المعتدل، لأن الدين الإسلامى هو دين سلام، سيفهمون دين الإسلام الحقيقى، وبتعليمهم فى الأزهر الشريف سيحاربون التطرف فى المنطقة والعالم.
ويوجد الكثير من المنظمات الإسلامية فى إندونيسيا، فنحن نتعاون مع الأزهر لتعليم الإسلام الوسطى، فللمسجد الأزهر دور رائد فى نشر الفكر الإسلامى الوسطى، كما أن المعارف الإسلامية التى يدرسها الأزهر تتوافق مع التعاليم الإسلامية السائدة فى إندونيسيا، بالإضافة إلى أن أعداد الطلاب الإندونيسيين الذين يدرسون فى جامعة الأزهر تبلغ قرابة 4 آلاف و500 طالب بمختلف الكليات، وهذا العدد يتزايد باستمرار.
كيف تمكنت إندونيسيا من الجمع بين كل هذه الديانات واللغات والعيش معا؟
- لدينا أكثر من 700 طائفة وديانة ومذهب، «هندوس، ومسلمين، مسيحيين، وبوذيين، وكونفوشيوسيين... »، ونعيش فى أمان جدا، ولا توجد صراعات فى دولتنا، لا يوجد صراعات بين مسلم وشيعى فى إندونيسيا، ولكن الصراعات موجودة فقط فى الشرق الأوسط، نحن نعيش فى أمان منذ مئات الأعوام، والذى ساعدنا أن نعيش فى أمان هو أننا جميعا نؤمن بالله وبالقومية الإندونيسية، والإنسانية، والديمقراطية.
لدينا حرية واسعة فيما يتعلق بتكوين الجمعيات والأحزاب وحرية التعبير، أى شخص يمكنه الاعتراض على الرئيس والتظاهر ضده، ومع ذلك فهناك مستغلون ممن يريدون إثارة التوترات ويستخدمون الديمقراطية للحصول على شىء ما لذا هذه الأيام لدينا عدد من المشكلات لأن عدد من الأشخاص يحاولون خلق ونشر خطاب كراهية وإثارة التوترات بين الأديان المختلفة مستغلين الـ«سوشيال ميديا».
علينا أن ندير بحكمة الفرق بين حرية التعبير وحدودها بألا تهدد المجتمع لذا لدينا إجراءات جديدة، فأولئك الذين يبثون خطابات كراهية ضد فئة أخرى فى المجتمع تتم محاسبتهم، الجميع ممثل فى الحكومات لدينا وزراء من أديان مختلفة وكذلك تمثيل للمرأة.
هناك عدد كبير من السائحين الإيرانين يزورون إندونيسيا.. ألا تخشون من المد الشيعى؟
- لا نخشى من المد الشيعى وإذا كان أى أندونيسى يريد أن يكون شيعيا فلا مشكلة هو حر فى دينه لدينا أديان مختلفة.
ما هى أبرز مجالات الاستثمارات الإندونيسية فى مصر؟ وما الجديد فى تلك الاستثمارات؟
- هناك استثمارات بحوالى 100 مليون دولار لإندونيسيا فى مصر أبرزها فى مجال التصنيع، وعلى وجه التحديد «أندومى»، الشعرية سريعة التحضير. وهناك أيضا مصنع الزجاج فى الإسكندرية، والآن هناك جهود عملية لإنشاء مصنع للأسمدة لأن مصر لديها الغاز والفوسفات وهى العناصر الأساسية للأسمدة وإندونيسيا بحاجة إليه، وقد ناقشت مشروع الأسمدة مع وزارة الخارجية فى إندونيسيا، وقد ناقشناه أيضا مع وزير المالية هنا فى مصر.
ماذا عن التدريبات العسكرية والتعاون العسكرى بين مصر وإندونيسيا؟
- مصر وإندونيسيا تتشاركان نفس المواقف السياسية فى كل القضايا، وكلا البلدين يفكران بنفس الطريقة سواء فيما يتعلق بقضية فلسطين أو قضية الروهينجا أو حتى قضية التغير المناخى، نحن دائما «على نفس الصفحة».
هناك تعاون فى مجال الصناعات الدفاعية، وقد التقى عدد من قادة الجيش فى مصر بنظرائهم فى إندونيسيا لتعزيز التعاون العسكرى بين البلدين، لاسيما فى مجال الصناعات الدفاعية.
نحن فى مرحلة الانتهاء من مذكرة تفاهم بين الحكومة الإندونيسية من خلال وكالة مكافحة الإرهاب الوطنية ونظيرتها فى مصر لتأسيس قناة للاتصالات وتحديد آليات لتبادل المعلومات، ويعد تبادل المعومات عاملا أساسيا فى التعاون بين البلدين، ويشمل التعامل مع تمويل الإرهاب ومكافحته، ولا يقتصر التعاون على العلاقات الثنائية فقط، ولكن أيضا على النطاق الإقليمى والدولى أيضا لكيفية اكتشاف مصدر تمويل الإرهاب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة