نخطئ إذا اعتقدنا أن الانتخابات الرئاسية الحالية مجرد انتخابات عادية، لأنها فى الحقيقة هى أكبر من ذلك بكثير، وإلا ما رأينا كل أعداء مصر فى الداخل والخارج يحشدون أتباعهم لمنع المصريين من الخروج للتصويت، سواء بتهديدهم بعمليات إرهابية مثل تلك التى استهدفت مدير أمن الإسكندرية الأحد الماضى، قبل يوم من بدء التصويت، أو عبر حملات مدفوعة الأجر على مواقع التواصل الاجتماعى، كلها تشكك فى الانتخابات، بل أنها تشكك فى مصر بأكملها.
علينا جميعاً أن ندرك خطورة الموقف الذى نعيشه، فلازال المتربصون يحاولون كسر الإرادة المصرية بأى وسيلة وطريقة، وإذا دققنا على سبيل المثال فى تغطية جزء ليس بقليل من الإعلام الغربى للانتخابات الرئاسية سنقف على الحقيقة التى تقول بوضوح أن هناك من لا يريد لمصر أن تنطلق أو على الاقل تستقر، بل يريدونها دولة مهلهلة ومقسمة، ويضربها الإرهاب من كل اتجاه، لذلك فهم لا يصدقون ولا يريدون تصديق أن مصر قادرة على تنظيم انتخابات رئاسية حرة ونزيهة وشفافة، فأخذوا فى الطعن بها قبل أن تبدأ، دون حتى الالتفات لتقارير البعثات الدولية التى جاءت لمصر لكى تتابع أعمال الانتخابات، فكلها لم ترصد أى خرق واحد للانتخابات، بل أنهم أشادوا بالتنظيم ومشاركة المصريين، لكن فى المقابل نجد إعلاما غربيا يردد ما يردده الإخوان وغيرهم أننا أمام مسرحية معروف نتيجتها سلفاً، وهدفهم من ذلك بطبيعة الحال معروف، وهو إلا يذهب الشعب للجان، حتى تبدو خاوية.
كل ما يحدث حولنا، وما دار فى الفضاء الإلكترونى طيلة الأيام الماضية التى سبقت العملية الانتخابية، وحتى خلال أمس وأمس الاول، يؤكد لنا بما لا يدع مجالاً للشك أننا أمام معركة ستظل مستمرة، حتى اذا قضينا على كل بؤر الإرهاب فى سيناء، لكن ستظل العقول الفاسدة موجودة، محاولة بث سمومها فى عقول المصريين عبر مواقع التواصل الاجتماعى، وأيضاً الإعلام الغربى المنحاز ضد الدولة المصرية، والإعلام الإخوانى المروج للفكر التكفيرى والإرهابى، والذى وصل به المدى إلى وصف المصريين بالكفار، لأنهم لم يلتزموا بدعوات المقاطعة، بل واصطفوا أمام اللجان.
نحن أمام معركة تحديد مصير، وعلينا جميعاً كمصريين أن نفهم الرسالة جيداً، وندرك أن تنازل المواطن عن حقه الدستورى والقانونى أمر غير مبرر مطلقاً، وأن هذه الانتخابات هى جولة من جولات ٣٠ يونيو، التى أطاحت بالفاشية الإخوانية، لكنها مستمرة لتطهير كامل الأراضى المصرية من أصحاب الفكر التكفيرى، ومن يريدون فرض وصايتهم على الشعب، وأيضاً حتى تكتمل مراحل التنمية فى مصر، فالثورة لم يكن فقط هدفها طرد الإخوان الإرهابيين من الحكم، وإنما حتى تكون مصر دولة مستقرة ومتقدمة، وهذا لن يتحقق إلا إذا أدركنا أن مشاركتنا فى الانتخابات والاستحقاقات الدستورية هو واجب وطنى علينا جميعاً أن نتمسك به ولا نهدره مطلقاً، لأنه من غير المنطقى أن نهزم أنفسنا بأنفسنا.
30 يونيو مستمرة، هذا هو الدرس الذى يجب أن نعيه جيداً، فاذا كان لكل منا دور فى هذه الثورة، فهو الآن الانتخاب، دون الالتفاف لكل الدعايات السلبية التى نسمعها هنا وهناك، مثل القول بعدم وجود منافسة، لأن هذا القول خاطئ وباطل، فالمروجون له يريدون أن يبعدونا عن الحقيقة، الحقيقة التى تقول أننا بالفعل أمام أقوى منافسة، بين الدوله واللادولة.. المنافسة بين الدولة والتنظيم الإخوانى الدولى.. المنافسة بين دور فاعل فى الإقليم أو دور منحسر.. المنافسة بين دولة ذات سيادة أو دولة تخضع للضغوط.. المنافسة بين دولة لها ثقل امام العالم بقوة شعبها أو دوله مهمشة لا يقام لها وزن.
نحن أمام أقوى منافسة فى هذه الانتخابات، المنافسة غير مرتبطة بشخص بقدر ارتباطها بدولة ومستقبلها ومصيرها، هم يريدون أن تفشل مصر فى تحديد مصيرها ومستقبلها، وعلينا أن نرد عليهم بالفعل وليس بالقول أو الشعارات، نعم شبعنا من الكلام والشعارات وجاء وقت العمل والفعل، لقد أثبت المصريين للعالم أنهم شعب العمل، حينما حفروا قناة السويس الجديدة فى عام واحد، وأقاموا كل هذه المشروعات القومية فى وقت قياسى، لكن هل هذا يكفى، بالطبع لا يكفى، لأن المعركة كما قلت لاتزال مستمرة، فنحن أمام عدو لا يريد أن يستسلم، لديه أموال يدفعها لجماعات باعت نفسها وبلدها أيضاً، هذا العدو سيستسلم فى حالة واحدة فقط، أن نظل جميعاً يداً واحدة، ونلقنه درس فى الوطنية، وأن يكون اليوم الثالث والأخير للانتخابات الرئاسية، هو العرس الحقيقى الذى نرد به على كل الكاذبين والمضللين، فلنجعل اليوم هو يوم الطوابير والحشود أمام اللجان.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة