أكرم القصاص

الطلب على السياسة.. فى زمن التدخلات الافتراضية

الجمعة، 30 مارس 2018 08:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يوماً بعد يوم تظهر دلائل على أنه من الصعب الاعتماد على الـ«فيس بوك» أو مواقع التواصل فى التعرف على اتجاهات الرأى العام، مع وجود دلائل على التلاعب، وهى أمور تكشفها أعترافات مؤسس «فيس بوك»، والتحقيقات التى تجرى حول توظيف حسابات المستخدمين والتنصت عليهم، وتوجيههم، ويفترض التعامل مع هذا الواقع ونحن نشير إلى نتائج الانتخابات الرئاسية فى مصر أو التعامل معها، وتحديد نسب الحضور والغياب. 
 
نحن أمام جدل وتحليلات تقوم على مقدمات مشكوك فيها، وبالتالى لا يفترض الثقة فى تحليلات تقوم على تفاصيل افتراضية لا تخلو من احتمالات التدخل، ولعل انطلاق بعض المحللين لتفسير الغياب والحضور أو إعلان إحصائيات وعكسها، هى نتاج لكون أغلب نشطاء الحيز الافتراضى يعتمدون على مصادر الـ«فيس بوك» أو حتى تقارير إعلامية يصعب التأكد من صدقيتها، والأمر هنا لا يتعلق بمكان الشخص من التأييد أو المعارضة، لكنه يتعلق أكثر بقطاع يتعامل دائما بمبالغة و«أفورة»، من دون أن يكون لديه ما يقوله بالفعل، ولهذا يحصل البعض من الـ«فيس بوك» على أرقام أو إحصائيات تمنحهم اليقين والتعالى المطلوب، وكثيرا ما يقع محللون كبار فى فخاخ التقارير والأخبار المغسولة التى تكون جزءا من قواعد معلومات يبنى عليها البعض تحليلاته، لنجد أنفسنا أمام نقاش كل طرف يتمسك برأيه بناء على معطيات تلقاها من آخرين داخل الشبكة المعقدة.
 
لقد كان اعتراف مارك زوكربيرج كاشفا فقط لما يجرى على الشبكة، عندما أشار إلى خطأ الـ«فيس بوك» فى خرق بيانات المستخدمين ومنح معلومات أكثر من 50 مليون مستخدم لصالح شركة «كامبريدج أناليتكا»، لصالح حملة دونالد ترامب الانتخابية، ربما تكون أكبر قضية تخرج للعلن عن التوظيف السياسى لـ«فيس بوك» ومواقع التواصل، لكونها خضعت للتحقيق. 
 
هناك أمثلة كثيرة عن التدخلات والانحيازات، وبيع معلومات المستخدمين، وترويج استطلاعات رأى على عكس الواقع، فقد اتهمت حملة ترامب الديمقراطيين باستخدام جوجل لصالح هيلارى كلينتون، وقبلها اتهم البريطانيون قراصنة روس باستعمال حسابات الـ«فيس بوك» للتحكم فى تغيير آراء المواطنين البريطانيين ليصوتوا ضد البقاء فى الاتحاد الأوروبى. 
 
وتتهم الولايات المتحدة، 13 روسيًا بالتلاعب فى الرأى العام الأمريكى وتوجيه الآراء باستعمال مواقع التواصل الاجتماعى مثل الـ«فيس بوك» وتويتر وإنستجرام، وتحدثت وسائل إعلام حكومية هولندية عن وحدة «كوزى بير» الروسية المتخصصة بالتجسس الإلكترونى وهو ما يسميه وزير الخارجية الروسى، سيرجى لافروف، «روسوفوبيا»، ساخرا من غرق الأمريكيين فى نظريات مؤامرة، كانوا يسخرون منها وهم يمارسون التدخل.
 
نحن أمام تداخلات من الصعب الإمساك بها، أو التفرقة بين خبر حقيقى وشائعة، أو بين بوستات سياسية دعائية مباشرة وأخرى تتم ببراءة وحسن نية، والنتيجة أن ثورة المعلومات تؤثر فى حياة الناس وتغير نظرتهم للسياسة، وتؤثر فى أمزجتهم، وكل هذا يفترض أن يوضع فى الاعتبار أثناء التعامل مع الواقع، أو مع الأحداث السياسية، وإذا كان البعض يعتمد على الخارج أكثر فها هو الغرب نفسه يتحدث عن تلاعب واختراق وتجسس، وكل هذا يعيدنا إلى أهمية تجاوز الاستقطاب السياسى، إلى أغلبية تمتد بطول وعرض السياسة ولديها اهتمامات وطلب على المشاركة، وليس فقط البقاء عند حالة الكلام الافتراضى. 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة