محمد صلاح يعيد "فجر الضمير" إلى المشهد.. الكتاب شهادة عالمية للحضارة المصرية.. بريستد يرد على همجية الغرب بأخلاق الفراعنة.. الباحث الأمريكى أنفق مليون دولار فى بداية القرن العشرين لتوثيق تاريخ المصريين

السبت، 31 مارس 2018 12:00 م
محمد صلاح يعيد "فجر الضمير" إلى المشهد.. الكتاب شهادة عالمية للحضارة المصرية.. بريستد يرد على همجية الغرب بأخلاق الفراعنة..  الباحث الأمريكى أنفق مليون دولار فى بداية القرن العشرين لتوثيق تاريخ المصريين غلاف كتاب فجر الضمير على صفحة محمد صلاح
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مارس الأوروبيون،  فى القرن العشرين، الكثير من العنف وأسالو بحورا من الدماء فى الحروب وغيرها، لذا كان الساسة هناك فى حاجة ملحة لإقناع العامة بأن هذا أمر عادى يعرفه التاريخ، وأن "الإنسان لم يتورع يومًا ما عن استعمال قوته المتزايدة من الفتك بأبناء جنسه"، لكن عالم المصريات الأمريكى "جيمس هنرى بريستد" كان له رأى آخر يعتمد فى الأساس على أن أعظم الحضارات لم تقم على فناء الإنسان بل على إحيائه، مدللا على ذلك بالحضارة المصرية القديمة، فقدم كتابه الشهير "فجر الضمير".
 
صلاح فجر الضمير
  
مؤخراً أعاد محمد صلاح، لاعب المنتخب الوطنى المحترف فى ليفربول الإنجليزى، الكتاب المهم إلى المشهد من جديد، بعدما نشر صورة غلافه على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعى "إنستجرام" وصار لا حديث سوى كتاب "فجر الضمير" ودوره فى تقديم الحضارة المصرية للغرب.
 
فجر الضمير e
 
وفى الكتاب كان بريستد مشغولا بمصر وحضارتها، لذا قال فى مقدمة كتابه، "فى حياة الصياد فى عصر ما قبل التاريخ، الذى كان يكافح بين ذوات الثدى المتوحشة الهائلة التى كانت تحيط به، بدأ يسمع همسًا من عالم جديد كان ينبثق فجره فى باطنه، وكان هذا الهمس بمثابة بوق جديد يختلف عن همس ألم الجوع أو الخوف الذى يشعر به الإنسان للمحافظة على كيانه، وإذ لم يكن يقتصر هذا البوق على تحريك إحساس واحد فحسب تاركا كل المشاعر الأخرى هادئة مطمئنة، بل حرك لأول مرة كل العوامل النفسية معا.  فما هو المنبع الذى خرجت منه كل هذه الأصوات الباطنة، وكيف اكتسب تلك القوة الآمرة فى حياة الإنسان الفردية، وكيف أنها نهضت حتى أصبحت قوة راسخة مسيطرة فى المجتمع الإنسانى؟ لاشك أن ذلك كان تقدما عظيما وتغييرا أساسيا. ونحن نكرر هنا أن كل هذا التقدم كان رحلة اجتماعية تقع مراحلها الأخيرة فى متناول مدى ملاحظاتنا، لأنها حدثت فى العصر التاريخى أى فى العصر الذى ظهرت فيه الوثائق المدونة، وقد ساعدنا حل رموز اللغات الشرقية القديمة على قراءة ما وصل إلينا من السجلات المكتوبة فكشفت لنا عن فجر الضمير وعن الأطوار التى صار بها قوة اجتماعية وتمخضت لنا عن عصر الأخلاق، ذلك العصر الذى مازلنا نقف عند أول مرفأة فيه".
 
فجر الضمير
 
فى البداية علينا أن نحدد أن كتاب فجر الضمير ليس هو الكتاب الوحيد الذى ألفه "بريستد" عن مصر، فهناك أيضاً "تاريخ مصر من أقدم العصور إلى الفتح الفارسى، تطور الدين والفكر فى مصر القديمة، السجلات القديمة لمصر"، ولكن يظل فجر الضمير هو قمة ما كتب وأبدع بريستد.
 
وأثبت بريستد فى كتابه أن ضمير الإنسانية بدأ فى التشكل فى مصر قبل أى بلد بالعالم، وذلك منذ نحو 5000 عام، أما مترجم الكتاب الدكتور الكبير سليم حسن، والذى أصدر الترجمة فى سنة 1956، فقال فى تقديمه عن فجر الضمير، إنه "يدلل على أن مصر أصل حضارة العالم ومهدها الأول، بل فى مصر شعر الإنسان لأول مرة بنداء الضمير، فنشأ الضمير الإنسانى بمصر وترعرع، وبها تكونت الأخلاق النفسية، وأخذ الأستاذ بريستد يعالج تطور هذا الموضوع منذ أقدم العهود الإنسانية إلى أن انطفأ قبس الحضارة فى مصر حوالى عام 525 قبل الميلاد»ّ. 
 
ومما قاله الدكتور سليم حسن وله دلالة  قوية هو "أن بريستد فى سبيل دراسة الحضارة المصرية أنفق ما يزيد عن (ألف ألف جنيه).

 محمد صلاح
 
ويرى بريستد أن الإنسان ظل يصارع أخاه الإنسان، وكل القوى المادية – وحوش/ رياح/ أعاصير/ فيضانات إلى آخره – طوال مليون سنة طور خلالها أدواته، ومن ضمنها السلاح.. هذا السلاح كما يقول المؤلف بدأ «بالبلطة» وانتهى بالقنابل الذرية والقذائف المدمرة، فإذا كان الإنسان من مليون سنة يستطيع تحطيم رأس إنسان آخر بهذه (البلطة)، فإنه الآن يقدر أن يبيد الآلاف من البشر بقنبلة واحدة فى ثوان معدودات! أما الأخلاق ورقيها، فقد بدأت تتشكل منذ 5000 سنة فقط على ضفاف نهر النيل فى مصر.
 
فى الكتاب ينتصر بريستد إلى أن ما حفظ حضارة المصريين القدماء هى الأخلاق، ويؤكد أن المصريين القدماء كانوا يعرفون ذلك، لذا سعوا إلى وضع مجموعة من القيم والمبادئ التى تحكم إطار حياتهم، تلك القيم التى سبقت «الوصايا العشر» بنحو ألف عام، وقد تجلى حرص المصرى القديم على إبراز أهمية القيم فى المظاهر الحياتية، فكان أهم ما فى وصية الأب قبل وفاته الجانب الأخلاقى،  حيث نجد الكثير من الحكماء والفراعنة يوصون أبناءهم بالعدل والتقوى. كذلك كانوا يحرصون على توضيح خلود تلك القيم فى عالم الموت. لذا نحتوا على جدران مقابرهم رمز إلهة العدل «ماعت» ليتذكروا أن العمل باقٍ معهم. 
 
ويرصد "بريستد" فى كتابه كيف استطاع المصريون القدماء تشييد منظومة أخلاقية شاملة تتكئ على فكرة العدالة، هذه المنظومة تعلن بوضوح مخاصمتها للظلم، وانحيازها المطلق للاستقامة، فكما قال فرعون إهناسيا لابنه الأمير"ميركارع": "إن فضيلة الرجل المستقيم أحب عند الله من ثور الرجل الظالم، أى من قربان الرجل الظالم".
 
هنرى بريستد
 
ولد جيمس هنرى برستد فى 27 أغسطس 1865 ورحل فى 2 ديسمبر 1935) وهو عالم آثار ومؤرخ أمريكى، من أشهر علماء الآثار والمصريات، فى العشرين من عمره كان بريستد يعمل فى مخزن أدوية، لكن أشار عليه معلمه و صديقه وليم رينى هارير بالذهاب إلى برلين لكى يدرس علم الآثار المصرية على يد العالم الألمانى الكبير أدولف أرمان ولما أكمل رسالته للحصول على الدكتوراه عام 1894 دعى للانضمام إلى الفريق الذى كان يعد قاموسا للغة المصرية القديمة، و كان معنى هذا أن يذهب إلى مصر و قرر برستد فى هذه الزيارة أن يكون واجبه الأول عمل سجل لكل النصوص الهيروغليفية التى تتضمن أى إشارة إلى تاريخ مصر.
 
وعاد بريستد إلى مصر مرة أخرى بعد عشر سنوات فى عام 1905 و كان عمله الأساسى هو نقل نصوص منقوشة على بعض الآثار فى وادى النيل وشبه جزيرة سيناء .









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة