وقت الحدث ينشغل الجميع بما قيل وما حدث، ولكن دلالة الحدث نفسه قد تبدو، أحيانا، بأهمية ما قيل على أرضه من تصريحات وقرارات، لذا يجب ألا تمر زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى، وكل قيادات الدولة المصرية إلى أرض الجبهة فى سيناء حيث مقر إدارة العملية الشاملة «سيناء 2018» دون قراءة متأنية لدلالاتها وأثرها على أرض الواقع.
فى مارس 1969 كان الجنرال الذهبى عبدالمنعم رياض أحد قادة الجيش المصرى يفاجئ الجميع بوجوده على جبهة قتال مشتعلة، فى شجاعة لا يملكها سوى قادة القوات المسلحة المصرية، شجاعة تفاجئ أهل الحسابات والخوف والقلق، ولكنها ترسم الملامح الحقيقية لقادة الجيش المصرى وضباطه، رجال شجعان مكانهم فى الصفوف الأولى، راسخون فى أرضهم كما الأشجار الطيبة يظللون بحضورهم على جنودهم ورجالهم فى أرض جبهة قتال، يخبرون أعداءهم بأن الجيش المصرى مصنع لرجال يسارعون نحو الصفوف الأولى تقديما للمدد سواء كان معنويا أو من دماء قلوبهم، ويؤكدون بوجودهم بين رجال الجبهة رسالة لا تحريف لها ملخصها الاطمئنان، قادة مطمئنون بوجوده بين رجاله، ورجال مطمئنون لرؤية رموز دولتهم وشجاعتهم، وأرض مطمئنة بأن الواقف فوقها من جنود وقيادات هم أهل السيطرة والسيادة عليها لا غيرهم ولا سواهم.
فى فبراير 2018 وأرض سيناء تحتفل بأضخم عملية عسكرية يخوضها الجيش والشرطة لتطهيرها من الإرهاب، ووسط شائعات منتشرة، ومخطط إعلامى خبيث يروج لسيطرة داعشية على أرض الفيروز، وصور مفبركة الصنع أو الملامح لكمائن داعشية فى قلب العريش، تقدم الرئيس عبدالفتاح السيسى برفقة وزير الدفاع الفريق أول صدقى صبحى وعدد كبير من قيادات الدولة المصرية، ليمدوا خط شجاعة قيادات الجيش المصرى على استقامته، بزيارة تفاجئ أهل سيناء والعالم أجمع لمقر إدارة العملية سيناء 2018 فى قلب جبهة القتال مع الإرهاب، تلك الحرب المقدسة التى يخوضها أبطالنا لإنقاذ وطن من فخ مخططات دولية ومؤامرات تهدف إلى تصدير الإرهاب ونشر الفوضى فى سيناء ومصر أجمع.
تبدو الشجاعة حاضرة هنا فى القرار وفى توقيت الزيارة وفى الوجود التلقائى لرموز الدولة المصرية على أرض سيناء بين صفوف الجنود، ضاربين مثلا فى شجاعة الوجود بالصفوف الأولى.
كان البعض هنا فى شوارع القاهرة مشغولا بالتشكيك فى قدرات الدولة، بينما البعض الآخر مأجور يسعى بنشر معلومات خاطئة ومحرفة حول سيطرة داعشية على أرض العريش، وكثيرون على ساحات التواصل الاجتماعى مهمتهم نشر الإحباط بين صفوف الناس وتصوير الوضع فى سيناء وكأنه خارج عن السيطرة، لكن قادة الدولة والجيش المصرى وعلى رأسهم السيد رئيس الجمهورية والسيد وزير الدفاع لا يعرفون طريقة للرد على هؤلاء الخبثاء سوى ردا عمليا من فوق الأرض التى يشككون فى السيطرة عليها، فجاءت هذه الزيارة التى رصدتها الكاميرات والأقلام ردا عمليا يخرس ألسنة أهل التشكيك والإحباط وتزييف المعلومات والأخبار وفبركة الصور.
الرسالة المباشرة هنا أن مصر لا تعرف الخوف، وأن مصر حينما تقرر أن ترد على أهل الشر فهى ترد على الأرض، بتحركات واقعية وفعلية ومباشرة لا تعرف التأويل ملخصها بأنه لا تهاون فى حماية أمن مصر القومى وتطهير أرض سيناء من كل أشكال التطرف والإرهاب.
من المؤكد أن أهل الإرهاب ومن معهم باتوا ليلتهم تلك فى غم وانكسار، بعد كل ما أنفقوه لاختراع صورة زائفة للوضع فى العريش وجاءت زيارة الرئيس بنفسه ليمنح العالم صورة شجاعة تثبت أكاذيبهم وتهدر ملايينهم المنفقة على صناعة تلك الصورة الزائفة.
هناك فى سيناء رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، يقدمون أرواحهم فداءً لهذا الوطن دون نظر لمقابل أو طمع فى عطايا، رجال يؤمنون بالوطن ورب هذا الوطن، يقاتلون فى سبيل ربهم ولأجل رفعة وطنهم، ومن خلفهم قادة لا يتأخرون على تقديم أروع نماذج الشجاعة والدعم المعنوى فى مواجهة حرب خبيثة تستهدف مصر أمنيا ومعنويا، تارة بالرصاص والتفخيخ الجبان الدال على عجز صاحبه، وتارة أخرى بنشر المزيف من معلومات وأخبار، والمفبرك من صور وفيديوهات لزعزعة يقين تلك الأمة فى النصر، واستهداف أهل النفوس الضعيفة لمساعدتهم على نشر الإحباط، فكن مع وطنك لا عليه، كن مع أرضك لا عليها، ولا تمنح أعداءه فرصة النيل من عزيمتك أو عزيمة ذلك المواطن الراسخ هناك فى أرض سيناء يفتدينا جميعا بصدره ودمه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة