أكد أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، إن الوضع العربى إجمالاً ما زال يواجه أزمات ضاغطة على الأصعدة الأمنية والسياسية والاقتصادية،
كما يواجه تحديات جسام فى التعامل مع جواره الإقليمى، ومع المنظومة الدولية التى تمرُ –كما نلاحظ جميعاً – بحالة غير مسبوقة من السيولة واحتدام المنافسات والصراعات بين القوى الكبرى.
وأوضح "أبو الغيط" خلال كلمته فى افتتاح أعمال الدورة العادية (149) لمجلس الجامعة على المستوى الوزاري اليوم، الأربعاء، إن الأزمة السورية، بتطوراتها الأخيرة المؤسفة، تمثل جرحًا مُستمرًا وغائرًا فى قلب الأمة، ولا زال الإجماع العربى منعقدًا على أن الحل السياسى يُمثل المخرج الوحيد لهذه الأزمة المستحكمة التى فاقت خسائرها المادية والبشرية كل تصور.
ونوه أبو الغيط إلى أن جهود عربية مخلصة تمكنت من جمع شتات المعارضة السورية على أجندة موحدة، وبقى أن يستمع النظام السورى لصوت العقل وأن يتخلى عن تصوراته بإمكانية الحسم العسكرى، اعتمادًا على قوى أجنبية.
وتابع: إن مسار جنيف، الذى تقوده الأمم المتحدة يمثل فرصة ينبغى اغتنامها من أجل إنقاذ سوريا الموحدة والمستقلة والخالية من الإرهاب، ذات السيادة على كامل إقليمها، مع تلبية التطلعات المشروعة للشعب السورى، والاتفاق على مسار دستورى وسياسى يضم جميع القوى فى البلاد، ويخاطب شواغل هذه القوى ومطالبها.
وأضاف: الخطوة الأولى التى ننادى بها اليوم هى وقف نزيف الدم والالتزام بقرار مجلس الأمن رقم 2401، والقاضى بوقف إطلاق النار فى سوريا لمدة لا تقل عن ثلاثين يوما، إذ يُمثل ذلك السبيل الوحيد لإنقاذ المدنيين المحاصرين منذ سنوات فى الغوطة الشرقية وغيرها من المدن السورية، عبر السماح بدخول المساعدات الإنسانية والطبية العاجلة للمناطق التي تتعرض للقصف اليومي.
وقال الأمين العام للجامعة العربية، إنه لا زالت الأزمات في اليمن وليبيا تراوح مكانها من دون أفق واضح للحل السياسي الذي يمثل الضمان الوحيد للاستقرار.
وتابع: في اليمن، من المؤسف أن نسجل استمرار تمترس القوى الانقلابية وإمعانها في فرض سيطرتها بقوة السلاح على السكان، ورفضها لأي حوار سياسي يجنب البلاد التكلفة الفادحة لاستمرار النزاع، بكل تبعاته الإنسانية الثقيلة على اليمنيين .
وأكمل: وفي ليبيا؛ نرصد حالة من التعثر والتباطؤ على مسار الحوار السياسي والاعداد لإتمام الاستحقاقات الدستورية والانتخابية المُقررة ن فضلاً عن استكمال عملية المصالحة الوطنية الشاملة ... وذلك برغم الجهود المقدرة التي يبذلها المبعوث الأممي السيد غسان سلامة وفق خطة العمل التي أطلقها والتي تدعمها الجامعة العربية.
وشدد أبو الغيط على أن القضية الفلسطينية لا زالت تحتل مكان الصدارة على الأجندة السياسية لهذا المجلس الذي اجتمعت كلمته على التصدي للتبعات السلبية للقرار الأمريكي الخطير وغير القانوني بنقل سفارة الولايات المتحدة من تل أبيب إلى القدس، والاعتراف بالمدينة المحتلة عاصمة لإسرائيل.
وتابع: لقد انعقد المجلس في دورة غير عادية في 9 ديسمبر الماضي بعد يومين من القرار الأمريكي المجحف، وشكل وفداً وزارياً مصغراً لمواجهة آثار هذه الخطوة والعمل مع المجتمع الدولي لإطلاق جهد منهجي للضغط على إسرائيل لالتزام قرارات الشرعية الدولية. وفي 26 فبراير الماضي عقد الوفد العربي اجتماعاً مع وزراء الخارجية الأوروبيين والسيدة فيدريكا موجريني، الممثلة العليا للسياسة الأوربية، من أجل تبادل الرأي حول سبل المُضي قدماً في تسوية النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي على أساس حل الدولتين، والامتناع عن أية خطوات من شأنها استباق قضايا الحل النهائي.
وأضاف: إن الجانب العربي ممتنٌ لكافة المواقف الدولية الداعمة. وما زال يصر على أن فرض الواقع على الأرض- لا يغير شيئاً من الوضعية القانونية أو التاريخية أو الدينية للقدس الشرقية بوصفها أرضاً محتلة، وواحدة من قضايا الحل النهائي.
وأكمل: "إننا لم نتخل عن السلام خياراً استراتيجياً، ولكن السلام الذي ننشده هو ذلك الذي يلتزم المرجعيات الدولية المتفق عليها للمفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين .. وبحيث يكون لهذه المفاوضات أفق زمني معلوم ينتهي بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية".
كما شدد أبو الغيط على إن الأمل يحدونا جميعاً في أن تعطي القمة القادمة في الرياض دفعة قوية للعمل العربي المشترك، على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. مؤكدا إن القمة الدورية تظل أهم آليات العمل العربي المشترك، وهي أعلى إطار تنسيقي وتشاوري بين القادة العرب. ولا شك أن أعمال هذا المجلس ومشاوراته، بما في ذلك أعمال اللجان التي تجتمع على هامشه، سوف تسهم في الإعداد الجيد لكافة الموضوعات والقضايا الموضوعة على أجندة القادة العرب في الرياض، وبما يسهم في إنجاح القمة وتحقيقها لأهدافها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة