من بين آلاف المصريين والعرب الذين تبرعوا لبناء مستشفى سرطان الأطفال 57357، هناك سيدة فقيرة طلبت لقاء الدكتور شريف أبوالنجا، مدير المستشفى وتصور أنها جاءت تسأل عن شىء، لكن السيدة بائعة جرجير، أخرجت «صرة» وقدمت خمسة جنيهات تبرعا للمستشفى. هذه السيدة تزين صورتها المستشفى مع كبار المتبرعين الذين قدموا للمستشفى الكثير، ولا ننسى تلاميذ المدارس الذين نظموا حملة للتبرع جمعوا خلالها 28 مليون جنيه فى وقتها من مصروفهم، ويتذكر الدكتور شريف هذه القصص وهو يحكى قصة المستشفى وأسماء الذين ساهموا فى إنشائها وتحمل أسماءهم لوحات وأجهزة بمناسبة مرور عشر سنوات على إنشاء المستشفى وتشغيله.
بالطبع هناك مشاهير ورجال أعمال ولاعبون وحكام قدموا الكثير للمستشفى، لكن يبقى هناك مكان لهؤلاء الذين قدموا كل ما يملكونه، وساهموا فى إقامة هذا المستشفى ومنهم هذه السيدة وغيرها من صغار المتبرعين ومن بين الملايين التى قدمها صناع الخير تظل هذه السيدة وأمثالها كثيرون نموذجا لما يمكن أن تفعله الرحمة مع العلم.
المال والتبرعات مهمة جدا لبناء هذه المشروعات لكن الإدارة والتطوير والعلم كلها عناصر تساهم فى وجود ونجاح واستمرارية هذه المؤسسات. ولهذا فقد نجح مستشفى سرطان الأطفال فى تقديم هذه المنظومة، واستمراريتها وتطورها، وهو ما شاهدناه أثناء توقيع «اليوم السابع» بروتوكول التعاون مع مؤسسة مستشفى سرطان الأطفال 57357، وجمعية أصدقاء المبادرة القومية ضد السرطان.
هناك عمل مستمر لإنجاز مبنى يعادل المبنى الحالى فى التوسعات، وهو للعيادات الخارجية يساعد فى الكشف والعلاج لمئات الأطفال المرضى، بالإضافة إلى ما يتلقاه الأطفال من علاج مستمر لحين الشفاء.
الدكتور شريف يحكى قصة المستشفى من مجرد قسم فى معهد الأورام القومى إلى صرح كامل يقدم خدماته من دون مقابل لمئات الأطفال سنويا، ويتجه لتوسعات وعيادات خارجية تضاعف من حجم الخدمة الطبية، والسبب بجانب المال هو توظيف هذه الملايين فى تعليم وبناء خبرة للأطباء والتمريض والجودة والصيدلة الإكلينيكية، بما يعنى امتلاك خبرات متراكمة تجعل من مستشفى سرطان الأطفال مركزا للعلم وعمل الفريق والإنفاق على التعلم التطوير بالشكل الذى يعود بمزيد من المواجهة.
العلم وحده إنجاز عظيم محله العقل ومن دونه لا يمكن التقدم وتحقيق الانتصار، والرحمة محلها القلب، حيث الشعور بالآخرين والإنسانية، ومن تفاعل العلم والرحمة يولد الأمل.
مستشفى سرطان الأطفال يتعاون علميا مع كبريات الجامعات والمعاهد العالمية، جامعة أكسفورد البريطانية لإنشاء كلية تمريض، وشهادات علمية من جامعة هارفارد الأمريكية للطب، الكثير من الهيئات العلمية والمستشفيات الدولية العاملة فى مجال سرطان الأطفال ومشاركة فى المؤتمرات العلمية، وأصبح لدى المركز باحثون يمكنهم تطوير الأبحاث فى الكشف والعلاج، وعاد عدد من الباحثين 24 عالما مصريا من الخارج للعمل فى أبحاث الأورام داخل المستشفى، وكل هذه يطور من القدرة على علاج المرضى الأطفال وصولا إلى نسب تصل إلى %73، وهى نسبة شفاء مرتفعة وتعطى أملا كبيرا خاصة فى تخصصات مثل سرطان العظام الذى كان يستلزم البتر، وأصبح ممكنا علاجه.
وتطور عمل جمعية المبادرة القومية ضد السرطان، ليتجاوز علاج السرطان إلى الوقاية والتوعية ومواجهة مشكلات تلوث المياه وتطوير البحث العلمى، وكان هذا موضوع البروتوكول الذى وقعته «اليوم السابع» مع مستشفى سرطان الأطفال وجمعية المبادرة القومية، وهى جهود مهمة تشرح كيف يمكن للمجتمع الأهلى والشبعى بناء مشروعات تنمية تقوم على العلم، ربما يكون أخطر ما أثاره الدكتور شريف أبوالنجا أننا فى مصر ليس لدينا إحصائيات دقيقة عن مرض السرطان وحجم الإصابات وأنواعها.
ويشير الدكتور شريف إلى ما تواجهه المستشفى من انتقادات أو هجوم وبعضها بدافع الغيرة أو رفض النجاح، أو انتقاد الإنفاق على حملات دعائية، يرى الدكتور شريف أبو النجا بحكم دراسته أنها ضرورية وأنه بدا بإنفاق تبرعات صغيرة على حملات إعلانية نجحت فى جذب إضعافها، وأن المجتمع الأهلى هو الذى أقام جامعات كبرى وحافظ على استمراريتها ونجاحها فى أوروبا وأمريكا، والشرط هو حسن إدارة هذه الموارد وتنميتها.
معادلة مستشفى 57357، هى نفس معادل مستشفى مجدى يعقوب للقلب، تجارب ملهمة يفترض التعلم منها وتعميمها، لأنه تجمع بين العلم والرحمة، والإدارة الناجحة وعمل الفريق والبحث العلمى تمنح الأمل لمرضى السرطان والقلب وأمل فى تطوير المنظومة الطبية كلها بعقول جديدة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة