مفوضية حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، هى أحد الأذرع الهامة للمنظمة العالمية المشاركة فى تنظيم العلاقات العالمية بين الدول بعضها البعض، وكذا بين حكومات تلك الدول وشعوبها، وإن كانت مفوضية حقوق الإنسان تمثل من بين الأقسام المختلفة داخل الأمم المتحدة، الجهة المهتمة بالتزام العالم بالمثل العالمية للكرامة الإنسانية، لما لديها من ولاية مسندة إليها من قبل المجتمع الدولى لتعزيز جميع حقوق الإنسان وحمايتها.
وبتسليط الضوء على عمل المفوضية الأممية لحقوق الإنسان، خاصة فى الثلاث سنوات الماضية، أى منذ تعيين الأمير زيد بن رعد الحسين، مفوضًا للأمم المتحدة السامى لحقوق الإنسان، نجد أن المنظمة الأممية باتت تشحذ أسنانها لنهش جسد الكثير من الدول العربية والأجنبية، مستهدفة أنظمة وحكومات تلك الدول التى فى الغالب تعانى اضطرابات أو تكون مستهدفة من قبل جماعات وتنظيمات إرهابية تعمل على زعزعة أمنها واستقرارها.
زيد بن رعد يوجه سهامه المسمومة إلى مصر
ورغم أن العمل الأول، بل والوحيد المنوطة به مفوضية حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، ومفوضها السامى، هو الحرص على توافر حقوق المواطنين فى مختلف الدول حول العالم، وتسليط الضوء - بناءً على معلومات وأدلة وثيقة - على أى تجاوزات تصدر عن الحكومات والأجهزة الأمنية ضد شعوبها، وحض دول العالم على رفض تلك التجاوزات والسعى للحد منها، إلا أن المفوض السامى الحالى لحقوق الإنسان، غفل كل هذه المهام والأعباء الملقاة على عاتقه لمتابعة شئون المضطهدين على مرأى ومسمع من العالم بأكمله، وفرغ نفسه لمهاجمة دول بعينها دون الاستناد على أدلة دامغة، بل كرس جهود لإلقاء التهم جزافًا على بعض الحكومات معتمدًا فى ذلك ما نما إلى مسامعه من شكوك أو أقاويل غير مؤكده.
وبالطبع لم تغب مصر عن مرمى نيران بن رعد، الذى وجهه سهامه المسمومة من منصته القابعة فى جنيف، نحو القاهرة، والتى يكون اضطراب أمنها واستقرارها أو سقوطها نقطة البداية لانهيار سهل لباقى دول المنطقة، واستغل المفوض الأممى، اقتراب مصر من اجراء انتخابات رئاسة الجمهورية، لتصبح مدخلًا سهلًا يطعن من خلاله فى نزاهة وشفافية الإجراءات، بل وذهب إلى ما هو أبعد من ذلك بأن اتهم الدولة المصرية بالضغط على المرشحين المحتملين للانسحاب من المنافسة معتمدًا فى ذلك على أقاويل نمت إلى مسامعة، وقد قال فى هذا الموضع حسب تقريره السنوى الرسمى "تتردد مزاعم عن الضغط على مرشحين محتملين للانسحاب، بعضهم بإلقاء القبض عليه".
ودون الدفع بأى تشكيك فى بيان المفوض السامى لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، فإن كلماته وحدها تطعن فى نزاهته، حيث اعتمدت فى اتهامه للدولة المصرية على مزاعم وليست أدلة مؤكدة، ما يعنى أن الأمير زيد بن رعد، قد ترك مهام وظيفته التى اختارته الجمعية العامة للأمم المتحدة، من أجلها، ليحقق أهدافًا خاصة وليخدم توجهات لا أحد يدرى فى مصلحة من يصب ذلك السيل من الاتهامات الباطلة.
مفوض حقوق الإنسان يدعم الموقف الأمريكى بمطالبة تحقيق فى فنزويلا
وليست مصر الدولة الوحيدة التى تقف هدفًا لنيران الأمير زيد بن رعد الحسين، بل هناك فنزويلا أيضًا، التى تشابهت جميع بياناته حولها، فتقريره السنوى خلال عام 2017، لم يختلف فى مصطلحاته وفحواه عن التقرير الصادر فى العام 2018، حيث قال العام الماضى "إن حكومة نيكولاس مادورو قد تزيد قمع المؤسسات الديمقراطية فى فنزويلا، وإن قوات الأمن ارتكبت بالفعل جرائم ضد الإنسانية، داعيًا إلى تحقيق دولى لما يحدث هناك".
واليوم، أصدر المفوض الأممى، بيانًا آخر عن فنزويلا قال فيه "إن جرائم ضد الإنسانية ربما ارتكبت فى فنزويلا، وحذر من تآكل المؤسسات الديمقراطية، هناك"، مضيفًا أن "الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها فى فنزويلا يوم 20 مايو المقبل، والتى ستقاطعها المعارضة فى تحد للرئيس نيكولاس مادورو، لا تلبى بأى شكل الحد الأدنى من شروط إجراء انتخابات حرة وذات مصداقية"، موجهًا حديثه إلى مجلس حقوق الإنسان فى جنيف، "أشجع المجلس مجددا على التفكير فى تكليف لجنة تحقيق بإجراء تحقيق فى انتهاكات حقوق الإنسان فى فنزويلا".
موقف ضعيف للمفوض الأممى لحقوق الإنسان فى أزمة الروهينجا
وفى الوقت الذى أكد فيه مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، بشكل جازم، أن هناك انتهاكات واضحة ترتكب فى فنزويلا، وأن هناك تجاوزات فى مصر، جاء تقريره ركيكًا وهادئًا عند الحديث عن جرائم إبادة جماعية أدانتها كافة دول العالم، وجميع مؤسسات منظمة الأمم المتحدة، هى ذلك العنف الممنهج ضد أقلية الروهينجا فى ميانمار، حيث يقول أنه يشتبه فى وجود عنف وإبادة جماعية ضد الأقلية المضطهدة باعتراف العالم أجمع، دون أن يطالب بتحقيق مماثل لما طالب به فى فنزويلا.
وقال مفوض الأمم المتحدة السامى لحقوق الإنسان، فى بيانه عن أزمة الروهينجا، إنه "يشتبه بقوة فى ارتكاب "أعمال إبادة جماعية" بحق المسلمين الروهينجا فى شمال ولاية راخين بميانمار منذ أغسطس".
وازدواجية المفوض الأممى لحقوق الإنسان، تتضح هنا، حيث طالب بتحقيق دولى مرارًا وتكرارًا فى فنزويلا التى تختلف الولايات المتحدة الأمريكية مع إدارتها الحالية برئاسة نيكولاس مادورو، حيث تدعم المعارضة وتتجه لفرض عقوبات على الدولة لإضعافها، فى حين أنه غض الطرف عن أزمة الروهينجا واعتبرها أمورًا مشكوك فى صحتها، بينما العالم بأسره يرى أن ما يرتبك ضد تلك الأقلية هو أعمال وحشية ترتقى لإبادة جماعية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة