على الرغم من حساسية الحديث فى هذا الموضوع إلا أننى أجد نفسى مضطرًا للكتابة فيه، نظرًا لانعكاساته السلبية الخطيرة على النسق العام لمنظومة القيم والأخلاق العامة فى المجتمع.. فمبناسبة احتفال جموع المواطنين، أمس، بشم النسيم تم نشر خبرين مرا علينا مرور الكرام، ولكننى أعتبرهما بالغى الدلالة على مدى التراجع السلوكى والأخلاقى الذى أصاب المجتمع فى السنوات الأخيرة.
فى الخبر الأول يبشرنا المجلس القومى للمرأة بأنه قد فتح غرفة عمليات تعمل على مدار الساعة لرصد شكاوى التحرش بالفتيات والنساء، خلال فترة الاحتفال، وفى الخبر الثانى تطلب الشرطة النسائية من الفتيات النزول للمشاركة فى الاحتفالات بأمان، لأن قواتهن منتشرة فى كل مكان لردع المتحرشين.
وأنا هنا بالطبع لا ألوم الجهتين على جهدهما المشكور هذا، ولكنى ألوم الدولة ممثلة فى وزارات التربية والتعليم، والتعليم العالى، والثقافة، وكذلك وسائل الإعلام المختلفة، لمسؤوليتهم المشتركة عما وصل إليه حال بعض الشباب والرجال فى مجتمعنا من تشوش رهيب فيما يؤمن به عن المعنى الحقيقى للرجولة.. لأن الرجولة الحقة لا يستقيم معها أبدًا أن يكون الشىء الوحيد الرادع عن ممارسة سلوك التحرش البغيض هو الخوف من العقاب.. إن وزارات ومؤسسات وأجهزة الدولة المختصة وعلى رأسها بالطبع رئاسة مجلس الوزراء معنية بشدة بتغيير هذه المفاهيم المشوشة لدى تلك الفئة الضالة، التى تأتى بهذا الفعل المشين من الشباب والرجال، من خلال العمل على غرس وترسيخ المفاهيم الصحيحة لما يجب أن تكون عليه العلاقة بين الرجل والمرأة.. إن الرجولة الحقيقية تلزم كل شاب وكل رجل أن يكون خير حام ومساند وداعم لكل فتاة حتى لو لم تكن من ذويه أو من أهل بيته، مصداقًا لقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «استوصوا بالنساء خيرًا».. والله من وراء القصد.