"هل كانت تكتبنى دون أن تدرى لقد كانت مثلى تهجم على الورقة البيضاء بجمالية لا حد لها وشراسة لا حد لها .. وجنون لا حد له.. الرواية قصيدة مكتوبة على كل البحور بحر الحب وبحر الجنس وبحر الأيديولوجيا وبحر الثورة الجزائرية بمناضليها، ومرتزقيها وأبطالها وقاتليها وسارقيها، هذه الرواية لا تختصر "ذاكرة الجسد" فحسب ولكنها تختصر تاريخ الوجع الجزائرى والحزن الجزائرى والجاهلية الجزائرية التى آن لها أن تنتهى"، بهذه الكلمات وصف الشاعر والأديب السورى الكبير نزار قبانى، الروائية الجزائرية أحلام مستغانمى، فى مقدمة روايتها الأولى "ذاكرة الجسد" والتى كتب مقدمتها بنفسه.
كلمة نزار فى رواية ذاكرة الجسد
"مستغانمى" والتى تحتفل اليوم بذكرى ميلادها الخامس والستين، إذ ولدت فى 13 أبريل 1953، تعتبر أحد أبرز الكاتبات العربيات فى العقود الأخيرة، ودائما ما تحقق رواياتها نجاحا جماهيريا كبيرا وتحجز مكانها فى قوائم الأكثر مبيعا.
احتفى نزار قبانى بـ "ذاكرة الجسد" فقال "أحلام روايتها دوختنى، وأنا نادرا ما أدوخ أمام رواية من الروايات، وسبب الدوخة أن النص الذى قرأته يشبهنى إلى درجة التطابق فهو مجنون ومتوتر واقتحامى ومتوحش وإنسانى وشهوانى وخارج على القانون مثلى"، كما أنها كانت ضمن أفضل مائة رواية عربية التى أعدها اتحاد الكتاب العرب فى أكتوبر من عام 2001، وفى 2010 تم تجسيد الرواية فى مسلسل حمل نفس الاسم للمخرج السورى نجدة أنزور ومن بطولة جمال سليمان وأمل بوشوشة.
أحلام مستغانمي و نزار قباني
لكن من ناحية أخرى كانت الرواية سببا فى أزمة كبيرة، عاشها الوسط الثقافى العربى، بعدما نسبت تصريحات نقلاً عن بعض أصدقاء الشاعر العراقى الكبير سعدى يوسف فى تونس، وبحسب جريدة "الحياة اللندنية" أن الشاعر العراقى هو الذى كتب الرواية وأورد على لسانه: "عشت مع أحلام كل مراحل كتابتها وكانت تمدنى بكل ما تكتبه، وكنت أقرأ وأعيد الكتابة، ولما انتهت أعدت قراءة المخطوط ثم أعدت كتابته ليصير كما هو عليه الآن"، وأدعى البعض إلى أن "يوسف" لمح إلى هذا فى قصيدة نشرت فى ديوان "حانة القرد المفكر" الصادر فى 1997 بعنوان "عن اللائى يكتبن رواية مشهورة" وجاء فى بعض مقاطعها "أنت كتبت روايتك الأولى/ متناسية سيرتك الأولى/.. وكأن حياتك ليست بحياة/ قد تكتب أوراق عن "أسرار" روايتك الأولى.. لكنك أدرى منه/ ومن تلك الأوراق/ أدرى بتراب روايتك الأولى".
إلا أن الشاعر الكبير سعدى يوسف استنكر كل هذا الكلام وقال لـ"الحياة اللندنية": "الخبر غير صـحيح وهو إساءة الى أحلام وإلى، لا يمكن أن أقوم بذلك حتى مزاحاً، ووراء الخبر "احتدامات" جزائرية - جزائرية فى الوسـط الأدبى، ما حدث حقاً أننى زرت باريس وكانت تعد المخطوط للنشر فأطلعتنى عليه لتعرف رأيى".
إهداء أحلام مستغانمى لسعدى يوسف على إحدى رواياتها
وهو الأمر الذى نفته أيضا الكاتبة الجزائية ضمن مداخلة ألقتها فى ندوة "المرأة والكتابة" فى مهرجان الرباط الثقافى عام 2000، بأن الخبر الذى أدعى ذلك ملىء بزيف الفجيعة والتباكى والحسرة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة