مع وصول رواية "فرانكشتاين فى بغداد" للكاتب العراقى أحمد سعداوى، إلى القائمة القصيرة لجائزة مان بوكر الدولية 2018، وانتظار الانتهاء من تحويلها إلى فيلم سينمائى، وتعدد ترجماتها إلى أكثر من لغة، فإن كثيرين، ربما لا يعرفون من هو "فرانشكتاين"، ما عدا الكاتب بالطبع.
قبل عام 1818 لم يكن للمسخ فرانكشتاين أى وجود على هذه الحياة، حتى خلقته الكاتبة الإنجليزية مارى شيلى (30 أغسطس 1797 - 1 فبراير 1851)، والتى ولدت فى لندن لعائلة مثقفة، فوالدها هو الكاتب والمفكر ويليام غودوين، ووالدتها الكاتبة مارى وولستونكرافت، وتعد أولى المدافعات عن حقوق المرأة.
قصة حياة مارى شيلى
تزوجت مارى شيلى من الشاعر بيرسى بيش شيلى، (4 أغسطس 1792 - 8 يوليو 1822) وهو شاعر إنجليزى رومانتيكى، يعد واحدًا من أفضل الشعراء الغنائيين باللغة الإنجليزية.
ربما يتصور القارئ، وفقا لما ذكرناه آنفا، أن قصة الحب التى نشأت بين مارى شيلى والشاعر بيرسى بيش شيلى، وأدت إلى زواجها كانت تقليدية كتلك القصص الرومانسية التى يتلقى فيها الطرفان فى حفل أو مناسبة ما، ولكن الواقع يخبرنا أن الشاعر كان متزوجا قبل أن يتلقى بـ"مارى"، وعندما تعرف عليها رأى فيها من يفهمه ويجاريه فى الفلسفة والشعر فنشأت بينهما قصة الحب التى دفعته لأن يهرب معها إلى فرنسا ثم إيطاليا، وتزوجا بعدما انتحرت زوجته الأولى "هارييت وستبروك" عام 1818، والتى كانت من طبقة اجتماعية أدنى.
أثمر زواج مارى شيلى من بيرسى بيش شيلى عن عدة أطفال لم يبق منهم على قيد الحياة سوى ابن واحد هو برسى فلورنس.
فيلم مارى شيلى للمخرجة السعودية هيفاء المنصور
قصة الحب بين مارى شيلى من بيرسى بيش شيلى، تم تحويلها إلى فيلم سينمائى حمل اسم الكاتبة نفسها، كتبته وأخرجته هيفاء المنصور، وهى أول امرأة تصنع الأفلام فى المملكة العربية السعودية، وتعد واحدة من أهم الشخصيات السينمائية فى المملكة.
قصة رواية فرانكشتاين
"فرانكنشتاين" أو "بروميثيوس الحديث"، هذا هو اسم الرواية التى كتبتها مارى شيلى، وارتبطت باسمها وبشهرتها على الرغم من أنها كتبت روايات أخرى، إلا أن أهم ما يهمنا هو أن الصورة الذهنية لدى أغلب القراء ومشاهدى الأفلام عن شخصية فرانكشتاين، ترتبط بالوحش أو المسخ، فى حين أن مارى شيلى فى روايتها كانت تحكى قصة العالم السويسرى فرانكنشتاين الذى يصنع شخصاً من أشلاء متفرقة ويكون الناتج فى منتهى البشاعة، إلا أنه يتمتع بصفات الإنسان كافة، بل ويتجاوزها إلى حد الكراهية لصانعه مما يقودهما إلى التهلكة فى النهاية.
أيضًا، يعتقد البعض أن رواية "فرانكشتاين" تنتمى إلى أدب الرعب، فى حين أنها دلالاتها الرمزية توضح أن هذا المخلوق أو المسخ هو إشارة إلى إبليس وبروميثيوس والمتمرد، وأن الرواية نقيض لأسطورة بجماليون الذى عشق تمثال المرأة بعدما قام بنحته، كما أن الرواية تبحث فى موضوعات أصل الشر والإرادة الحرة وخروج المخلوق عن طاعة الخالق.
أحداث رواية فرانكشتاين لـ مارى شيلى
تدور أحداث رواية فرانكشتاين حول طالب ذكى يدعى فيكتور فرانكنشتاين يكتشف فى جامعة ركنيسبورك الألمانية طريقة يستطيع بمقتضاها بعث الحياة فى المادة.
يبدأ فرانكنشتاين بخلق مخلوق هائل الحجم ولكنه يرتكب خطأ فيكتشف أن مخلوقه غاية فى القبح، وقبل أن تدب الحياة فيه ببرهة يهرب من مختبر الجامعة، ثم يعود بعد ذلك مع صديقه هنرى الذى جاء لزيارته إلى المختبر ولكنهما لا يجدا المسخ الهائل.
تستمر أحداث الرواية، وتصل إلى مقتل شقيق فيكتور على يد المسخ، ويعلم الطالب فرانكنشتاين أن المسخ هو من قام بها، ثم يلتقى المسخ بالطالب، صانعه، بعدما استدل عليه من المذكرات التى وجدها فى المختبر، وكان قد تعلم القراءة خلال فترة غيابه، فيذهب إليه ويطلب منه أن يخلق له امرأة لأنه يشعر بالوحدة.
يوافق الطالب فرانكنشتاين على أن يصنع للمسخ امرأة تؤنسه فى غزلته، وخوف الناس من رؤيته، على الرغم من أنه سبق وأن عمل خادما لأسرة فقيرة فى إحدى القرى، إلا أنهم كانوا ينفرون من ملامحه.
يذهب الطالب فرانكشتاين مع صديقه هنرى إلى أسكتنلندا، ولكن قبل أن يتم صنع المرأة المسخ يخشى الطالب من أن تكون شريرة مثل المسخ الذكر، ولذا يفكر فى أنهما ربما يخلقا مسخاً شريرًا جديدًا، لذلك يدمر ما بدأه قبل لحظات من إتمامه له.
هنا يشعر المسخ الذى كان يراقب عمل الطالب بما يسعى إليه فرانكشتاين، فيحاول قتل الطالب هنرى فرانكنشتاين نفسه إلا أنه يتمكن من الفرار. يعود فرانكنشتاين إلى بلدته ويتزوج ولكن المسخ يقتل زوجته فى نفس ليلة العرس. يموت أب فرانكنشتاين حزنا من الأحداث الرهيبة التى تعرضت لها العائلة.
من هنا يقرر فرانكنشتاين البحث عن المسخ ليقتله ويذهب لأجل ذلك إلى القطب بعد أن أخذه تتبع آثار المسخ إلى هناك. وهناك تعثر عليه سفينة مستكشفه فيقص عليهم حكايته فى البحث عن المسخ. ولكن فرانكنشتاين يموت بعد وقت قصير ويأتى المسخ ليرى صانعه ميتا ويحاول أن يلقى نفسه فى نار مشتعلة كملجأ أخير بسبب شعوره بالعار بسبب كل ما حدث.
200 عاما على خلق فرانكشتاين للمسخ
فى الحادى عشر من مارس 1818، صدرت رواية فرانكشتاين للكاتبة مارى شيلى، ومنذ ذلك الحين، لازالت الرواية تشكل فكرة يستوحى منها كتاب الرواية والسينما أفكارهم التى ينسجونها، ويقدمونها وفقا لتأويلاتهم.
رواية فرانكشتاين فى بغداد للعراقى أحمد سعداوى
آخر هذه الأعمال، التى استوحت فكرة رواية "فرانكشتاين"، كانت رواية "فرانكشتاين فى بغداد" للكاتب العراقى أحمد سعداوى، وتدور أحداث الرواية حول هادى العتاك المقيم فى حى البتاويين الشعبى، الذى قام بلصق بقايا بشرية من ضحايا الانفجارات فى بغداد فى ربيع 2005، وقام بتيخيطها على شكل جسد جديد، تحل فيه الروح ويسميه هادى "الشسمه"، أى الذى لا أعرف ما هو اسمه، وتسميه السلطات بالمجرم أكس، ويسميه آخرون "فرانكشتاين".
يقوم هذا الكائن "الشمسه" أو "فرانكشتاين" بقيادة حملة ثأر وانتقام من كل من قتله، أو من قتل الأجزاء المكونة له، ولكن هذه المهمة لن تكون سهلة بالنسبة له، وتواجهه عقبات عديدة، وينقسم الناس بشأنه، وبشأن حقيقته أو وجوده فعلا.
ويكون هذا الموضوع الشاغل الرئيس بالنسبة للعميد السرور مجيد مدير عام دائرة المتابعة والتعقيب المكلفة بملاحقة المجرم الغامض. تتداخل حكايات هذا المجرم مع حكاية هادى العتاك والعميد سرور والعجوز الآثورية أيليشوا ومحمود السوادى، الصحفى الشاب، الذى يحظى بفرصة إجراء حوار مع "فرانكشتاين" وشخصيات عديدة أخرى، لتتشكل صورة عامة عن مدينة تعيش تحت وطأة الخوف من المجهول، وعدم القدرة على التضامن وضياع هوية المجرم الذى يستهدفهم جميعًا.
أما على مستوى السينما، فيقوم الفنان دانيال رادكليف، بطل سلسلة أفلام "هارى بوتر"، بتصوير مشاهده فى فيلم "فرانكشتاين" فى إنجلترا، والمأخوذ عن الرواية الأصلية للكاتبة مارى شيلى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة