لا يكاد يمر يوم إلا والحديث يكثر عن فساد تنظيم الحمدين فى قطر، فكل شىء أصبح ظاهرًا للعيان، ولا يستطيع تميم ورجاله إخفاء جبل الفساد، الذى يقف على رأسه حمد بن جاسم بن جبر آل ثان، الذى أعتبره مرادفًا لكل معانى الرقص على أجساد الموتى ليصل إلى ما يريده ويخطط له، فالشخص الذى توارى نظريًا عن الأضواء منذ سنوات، عمليًا لا يزال المتحكم فى قطر وأميرها الشكلى، تميم بن حمد.
من مدير لمكتب وزير الشؤون البلدية والزراعة فى قطر عام 1982، لم يكن يتخيل أحد أن هذا الشاب سيضع كل قطر فى جيبه، وسيكون هو المخطط والمنفذ أيضًا لكل ما يحدث فى الإمارة، فخلف الستار كان يمارس هوايته، يدير الانقلابات والمؤامرات التى تحقق له هدفه، بأن يكون رأس السلطة، أو على الأقل المتحكم، أو قائدا فى مسرح للعرائس الماريونيت، يمسك بالخيوط ويحرك الكل كما يريد هو.
خطط حمد بن جاسم وكان له ما أراد، فبعد 10 سنوات من العمل البعيد عن السياسة، تولى قمة السياسة الخارجية القطرية، ففى 1 سبتمبر 1992 تم تعيينه وزيرًا للخارجية من قبل الأمير خليفة بن حمد آل ثان، الذى لم يدرك حينها أنه جاء بالذى سيقضى عليه، فما هى إلا ثلاث سنوات، استغلها حمد بن جاسم للتخطيط والمؤامرات، حتى ساعد ابن عمه، حمد بن خليفة، ولى العهد حينها على الإطاحة بوالده الأمير خليفة، فى 1995، وتكريمًا لدوره فى تنفيذ خطة الانقلاب المحكمة، وضع الأمير الجديد كل السلطات فى يد وزير خارجيته، الذى مارس هوايته القديمة فى اللعب بعرائس الماريونيت، إلى أن تم تعيينه رئيسًا للوزراء فى 2 أبريل 2007، ليحكم قبضته على الإمارة الغنية بالغاز الطبيعى.
قصة صعود حمد بن جاسم قد تكون طبيعية للبعض منا، لكن ما لا يبدو طبيعيًا، هذا التضخم الكبير فى المهام والثروات أيضًا، ولك أن تتخيل أنه ظل لأكثر من 15 عامًا يتحكم فى اقتصاد قطر من كل الجهات، فهو كان رئيس مجلس إدارة شركة الكهرباء والماء القطرية، ورئيس المجلس البلدى المركزى، ورئيس إدارة مكتب المشاريع الأميرية الخاصة، وعضو بمجلس إدارة قطر للبترول، وعضو بالمجلس الأعلى للتخطيط، ورئيس مجلس إدارة شركة الديار القطرية للاستثمار العقارى، ورئيس مجلس إدارة صندوق قطر السيادى، وغيرها من المناصب التى استطاع من خلالها حمد بن جاسم أن يكون ثروة تتجاوز 6 مليارات دولار، نحو 22 مليار ريال قطرى، وجعلته أيضًا المتحكم فى بورصة قطر لعدة سنوات.
حمد بن جاسم هو عنوان للفساد الذى سيطر على الطبقة الحاكمة من عائلة «آل ثانى»، نعم فالعائلة ليست بأكملها فاسدة، لكن الفساد متركز فى عدة أشخاص على رأسهم حمد بن جاسم، وابن عمه، الأمير السابق حمد بن خليفة، فكلاهما استطاع تكوين ثروات غير شرعية بنهب قوت الشعب القطرى، وتحويل هذه الأموال إلى الخارج، والأهم من ذلك أنهما لايزالان يسيطران على قطر سياسيًا واقتصاديًا، حتى بعدما تولى تميم بن حمد الإمارة خلفًا لوالده، لكن «الحمدين» يجيدان اللعب دائمًا خلف الستار، لم لا وأحدهما حمد بن جاسم بارع فى ذلك، وحقق ولايزال يحقق مكاسب عدة على حساب المواطن القطرى المغلوب على أمره.
حمد بن جاسم هو أحد وجوه الفساد المستشرية فى أوساط الحكم بقطر، فرغم أن الإمارة الخليجية تمر بأزمة مالية كبيرة نتيجة المقاطعة، لكن فى المقابل فإن أرصدة حمد بن خليفة وحمد بن جاسم وأتباعهما تتضخم، فثروة الأمير السابق وصلت إلى 8 مليارات دولار، كما أن ثروة حمد بن جاسم المعلنة تقدر بـ6 مليارات دولار، الاثنان يزيدان من أرصدتهما فى البنوك، ويتركان الإمارة تعانى من الانهيار، فالبورصة القطرية مهددة بالانهيار فى وقت تتجاوز فيه أرصدة 6 من أفراد آل ثان، 7 مليارات دولار، كما أن قطر لجأت مؤخرًا للاستدانة المالية من خمسة بنوك دولية بهدف تمويل مشروعاتها بـ 9 مليارات دولار.
فساد الحمدين ليس بجديد بطبيعة الحال، فالقطريون دائمًا ما تحدثوا عنه ورصدوا ارتفاعات فى حساباتهم البنكية، لكنهم كانوا يخشون من اتخاذ أى خطوة حتى لا يتعرضوا للتنكيل من «الحمدين»، لكن الوضع الآن تغير، فالقطريون فاض بهم، هم يعانون الأزمة تلو الأخرى، فى حين أن الحمدين مستمران فى فسادهما، ولم يجد القطريون من وسيلة الانتفاضة على فساد الحمدين، فأطلقوا حملة لمواجهة من نهبوا ثرواتهم، وأطلقواالعديد من الهاشتاجات التى تكشف عن حجم هذا الفساد، وتطالب بمحاكمة أعضاء تنظيم الحمدين، فالقطريون ينتظرون الآن أن يتجاوب المجتمع الدولى معهم لملاحقة فساد الحمدين، خاصة حمد بن جاسم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة