يناقش البرلمان خلال الفترة المقبلة الموازنة العامة للدولة، على أن تعرض على الجلسة العامة للبرلمان لاحقا وفى حال إقرارها ترفع إلى رئيس الجمهورية لاعتمادها.
ويقدم البيان المالى التمهيدى للموازنة، أرقاما وإحصائيات تكشف حجم التطور الكبير الذى يمر به الاقتصاد المصرى، مقارنة بالأوضاع الصعبة التى شهدها الاقتصاد خلال الفترة التى تلت ثورة 25 يناير، ولعل أهم خمسة أرقام فى الموازنة العامة هو أرقام النمو الكبير فى ارقام الناتج المحلى، والانخفاض فى البطالة، وكذلك ظهور انخفاض كبير وغير مسبوق فى السيطرة على عجز الموازنة، والارتفاع الكبير فى احتياطى النقد الأجنبى وأثره على ارقام الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
مجلس الوزراء
فى السطور التالية نستعرض أهم 5 أرقام تغيرت فى موازنة مصر ما قبل مرحلة عودة الاستقرار السياسى للدولة، وبدء برنامج الإصلاح الحكومى.
** الناتج المحلى.. نمو يتضاعف ويبشر بازدهار لحياة المواطنين ومعيشتهم
هو إجمالى ما يتم إنتاجه من خدمات وسلع فى الدولة خلال عام، ونمو الناتج المحلى هو دليل على تحسن حياة الأفراد فى هذه الدولة وازدهار اقتصادها، وفى دولة مثل مصر لديها نمو سكانى سنوى يقدر بنسبة 2.5%، فمعنى أن يقل الناتج المحلى عن 2.5% فهذا يعنى أن معيشة الأفراد فيها تتجه لوضع أسوأ وتعانى تدهورا اقتصاديا، وأن يزيد هذا النمو عن 2.5% فهذا يعنى المزيد من الازدهار والإنتاج وكذلك المزيد من فرص العمل وارتفاع دخول الأفراد.
وفى العام المالى (2010-2011)، وهو العام المالى الذى وقعت فى منتصفه ثورة يناير أصبح معدل نمو الناتج المحلى 1.8%، لكن ومع عودة الاستقرار إلى مصر بداية من عام 2014 بدأت المعدلات فى التحسن حيث مصر معدل نمو فى العام المالى 2014-2015 نموا قدره 4.4%، وفى العام الذى يليه أصبح النمو 4.3%، ثم بعدها أصبح النمو 4.2% فى العام المالى (2016-2017)، لكن هذا النمو حقق طفرة كبيرة بمجرد بدء إطلاق خطة الإصلاح الاقتصادى ليصل فى العام المالى الحالى إلى 5.2% ومن المتوقع حسب بيانات وزارة المالية وتوقعات البنك الدولى أن يصل إلى 5.8%.
** البطالة.. انخفاض تاريخى رغم دخول ملايين المواطنين سوق العمل سنويا
فى كل عام فى مصر يضاف إلى سوق العمل مئات الآلاف من المواطنين، ففى العام الماضى فقط تخرج من الجامعات المصرية 488 ألف مواطن ومواطنة، بالإضافة إلى حوالى 630 ألف شخص تخرجوا من المدارس الفنية المتوسطة، وذلك بحسب بيانات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، بخلاف بالطبع المتسربين من التعليم فى مراحله المختلف من أصحاب سن العمل.
وزير المالية عمرو الجارحى
ويشكل هذا العدد الضخم من الخريجين الذى يجاوز المليون شخص سنويا تحديا كبيرا أمام الدولة، وقد بلغ ذروة هذا التحدى أعقاب ثورة 25 يناير حين وصلت البطالة فى سنوات الإضطراب إلى 13.4% من حجم سوق العمل، لكن الدولة اتخذت إجراءات جادة فى مواجهة البطالة عبر المشروعات التى تم تنفيذها فى كل المجالات، لتبدأ المعدلات فى الانخفاض إلى 12.7% فى عام 2015، ثم 12.5% فى عام 2016، ثم 11.98 فى يونيو 2017، وينخفض لأدنى مستويات ليصل إلى 11.3 فى ديسمبر الماضى، ومن المتوقع أن يصل المعدل إلى أدنى مستوياته على الإطلاق ليصل فى يونيو القادم إلى 10.8%.
وهذا يعنى بشكل كبير أن الدولة استطاعت استيعاب زيادة تقدر بمليون ونصف المليون شخص فى سوق العمل، ووفرت وظائف تزيد وتقلل من حجم البطالة بشكل أكبر.
** عجز الموازنة.. خطوات فى التخلص من مشكلة تاريخية فى مصر
عانت مصرعلى مدار تاريخها من مشكلة "عجز الموازنة" وهى أن تكون الإيرادات المتوقعة للدولة أقل من حجم المصروفات المطلوبة والمتوقعة، ولم تحقق مصر فائضا فى الموازنة سوى مرة واحدة فقط عام 1969 بحسب ما قاله سامى شرف مدير مكتب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، حيث أكد أن تلك كانت المرة الأولى والأخيرة التى تحقق فيها مصر فائضا فى موازنتها.
ومشكلة عجز الموازنة أنه يشبه كرة الثلج، فإذا كانت لديك أسباب تجعل من مصروفاتك أكثر من دخلك فإنك ستضطر إلى الاستدانة بفوائد، ما سيزيد مصاريفك بالتالى مالم تعالج هذه الأسباب، وهو بالفعل ما تمر به مصر منذ سنوات.
الجلسة العامة للبرلمان
لكن الدولة قررت ضمن القرارات الجريئة للإصلاح الاقتصادى التعامل مع تلك المشكلة، ما بدأ يؤثر بشكل كبير على الموازنة، وكان عجز الموازنة قد بلغ فى العام المالى 2015 ما نسبته 12.5%، ومع بدأ إجراءات الإصلاح الاقتصادى بدأ العجز ينخفض إلى 10.9%، ثم 9.8% متوقع فى العام المالى الحالى، على أن يصل العجز إلى 8.4% فى العام المالى القادم.
وانخفاض هذا العجز يأتى بشكل كبير بسبب قدرة الدولة على التحكم فى إيراداتها عبر زيادة كفاءة التحصيل الضريبى وتنمية مواردها الأخرى حيث تذكر الوزارة فى بياناتها أن الإيرادات زادت بنسبة 34% لأول مرة منذ سنوات، وكذلك قدرتها على ترشيد الإنفاق الحكومى، وهو ما جعل الدولة تحقق ما يسمى بـ"فائض أولى" لأول مرة فى تاريخها، وهو زيادة الإيرادات عن المصروفات باستثناء فوائد الديون.
النقد الأجنبى.. معركة أدارها البنك المركزى بكفاءة
عانت مصر فى سنوات ما بعد ثورة 25 يناير من عدم توافر النقد الأجنبى، وبحلول عام 2012 بدأت السوق السوداء الموازية فى الظهور وبدأ الفرق بين السوق الرسمية والسوق الموازية يصل إلى الضعف فى بعض الأحيان، ما استدعى بالدولة أن تتدخل لضبط الأمور عبر قرار تحرير سعر الصرف واتخاذ سياسة مرنة فى تحديد أسعار الصرف.
البنك المركزى
وفى العام المالى 2015-2016 كان الاحتياطى النقدى يكفى لتغطية واردات مصر إلى نحو 3 أشهر فقط، وبحسب البيان المالى أصبح احتياطى النقد الأجنبى فى مارس 42.6 مليار دولار وهو ما يكفى لواردات مصر لحوالى 8 أشهر.
وبخلاف توفر النقد الأجنبى فإن طريقة التسعير المرنة أسفرت بالإضافة لتغطية احتياجات مصر، إلى جذب المستثمرين الأجانب لما له من تحسين بيئة الاستثمار، فارتفعت الاستثمارات اأجنبية فى العام المالى 2016-2017 بنسبة 14.7% لتصل إلى 8 مليارات جنيه، وتضاعفت استثمارات الأجانب فى الأوراق المالية الحكومية لأكثر من عشرين ضعف لتصل إلى 23.1 مليار دولار فى نهاية مارس 2018 مقارنة بـ1.1 مليار دولار فى يونيو.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة