لو قررت جهة ما فى الدولة منح مزايا تشجيعية للمحافظات وفق التصويت فى ماراثون الانتخابات الرئاسية 2018، فستكون محافظة بنى سويف على رأس القائمة، لأنه فى الوقت الذى تتراجع فيها أرقام التصويت بعدد كبير من المحافظات بالجمهورية، كانت اللجان العامة ببنى سويف تسجل ارتفاعا ملحوظا فى أرقام التصويت ونسب المشاركة، حيث سجلت عدد أصوات صحيحة بلغ 755 ألفاً فى 2018 بزيادة 177 ألف صوت عن 2014، وهو زيادة نسبية تقترب من %23 فى الأصوات الصحيحة.
الارتفاع الملحوظ فى الأصوات الصحيحة للمحافظة فى 2018، تزامن مع ارتفاع فى الأرقام الانتخابية الأخرى، فنسبة المشاركة الانتخابية ارتفعت إلى %46.8 فى 2018، عن 2014 التى كانت فيه %39.95، وكذلك الأصوات التى حصل عليها الرئيس عبدالفتاح السيسى، حيث ارتفعت من 556 ألف صوت فى 2014 إلى 727 ألف صوت فى 2018، واللافت أنه حتى أصوات المنافس فى انتخابات 2018 ارتفعت إذا ما قارناها بأصوات المنافس فى 2018، فحمدين صباحى حقق بنفس المحافظة فى 2014 عدد أصوات صحيحة بلغ 22 ألف صوت، بينما حقق موسى عدد أصوات بلغ 27 ألف صوت، واعتقد من خلال قراءتى اليومية فى الأرقام الانتخابية أن محافظة بنى سويف ضمن المحافظات القليلة التى حصل فيها موسى على أصوات أعلى من حمدين صباحى.
ولفهم أوسع لأسباب الارتفاع كان لابد من الوقوف على نسب مشاركة المحافظة فى كل الاستحقاقات الانتخابية بعد ثورة يناير، وتبين أن المحافظة سجلت فى انتخابات الرئاسية 2012 نسبة مشاركة %45.5، بينما سجلت فى انتخابات 2014 نسبة مشاركة %39.9، بينما سجلت فى استفتاء دستور 2012 نسبة %32.6، بينما سجلت %38.7.
ونسب المشاركة تضعنا أمام حقيقة مجردة عن المحافظة، مفادها أن الوعى فى بنى سويف يرتفع سنويا، ومع كل استحقاق انتخابى جديد ترتفع نسب المشاركة عما قبل، وهو الأمر الذى يدفعنا لإعادة التفكير فى المحافظة وتركيبتها السكانية والتشريح التصويتى لها، خاصة أن المراتب التى حققتها فى التصنيفات الانتخابية هى أرقام منطقية، فهى رقم 15 على مستوى الجمهورية وفق ترتيب الأصوات الصحيحة ورقم 8 وفق ترتيب نسب المشاركة ورقم 12 وفق ترتيب الأصوات الباطلة ورقم 15 وفق ترتيب الأصوات التى حصل عليها الرئيس السيسى ورقم 11 وفق ترتيب أصوات موسى مصطفى موسى.
التفتيش فى الأرقام التى حققتها اللجان العامة بالمحافظة يجعلنا نقف على صورة تشريحية مفصلة للمحافظة من الداخل، فالأرقام تؤكد لنا أن الكتلة التصويتية بالمحافظة تتركز فى مراكز الواسطى والفشن ومركز بنى سويف وببا وإهناسيا وبنى سويف، وجميع هذه المراكز شهدت ارتفاعا جماعيا فى الأصوات، فمثلا اللجنة العامة بالواسطى ارتفعت الأصوات من 77 ألفاً فى 2014 إلى 120 ألفاً فى 2018 بزيادة قدرها 43 ألف صوت، وكذلك مركز الفشن ارتفعت الأصوات من 77 ألفاً فى 2014 إلى 108 آلاف فى 2018 بزيادة قدرها 31 ألف صوت، ومركز بنى سويف ارتفعت الأصوات من 78 ألفا فى 2014 إلى 102 ألف فى 2018 بزيادة قردها 15 ألفا، أما إهناسيا فارتفعت من 61 ألفا إلى 98 ألفا بزيادة قدرها 37 ألف صوت.
الشاهد من واقع القراءة الرقمية لصناديق محافظة بنى سويف فى ماراثون الانتخابات الرئاسية 2018، أن الارتفاع هو عنوان المحافظة، ارتفاع فى كل التصنيفات الانتخابية وارتفاع فى كل المراكز، ما ترتب عليه ارتفاع النسبة العامة للمشاركة، لدرجة أصبحت فيه هذه النسبة هى الأكبر فى تاريخ الاستحقاقات الانتخابية للمحافظة، وأعتقد أن ما يجب أن نعيد التأكيد عله فى نهاية المقال التحليلى أن نسبة الوعى السياسى مرتفعة ببنى سويف.
هذا المقال، ضمن سلسلة مقالات تحليلية للانتخابات الرئاسية 2018، بهدف الوقوف عن قرب على نتائج الانتخابات، وما تحمله من أرقام مهمة فى محاولة جادة لفهم عقلية المصوت المصرى، كيف يفكر؟ ولماذا نزل؟ ولماذا قاطع؟ ولماذا أبطل؟ وما المحافظات الأعلى والأقل التى سجلت مشاركة ولماذا؟ انطلاقا من أنه ما لا يمكن قياسه لا يمكن تقييمه.
انتظرونى فى مقال جديد وتحليل رقمى لمحافظات مصر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة